2023-10-05

بين تونس وفلسطين : أهمّ من مذكرة تفاهم..!

لا‭ ‬تمثل‭ ‬فلسطين‭ ‬لدى‭ ‬تونس‭ ‬الرسمية‭ ‬والشعبية‭ ‬مجرد‭ ‬قضية‭ ‬عادلة‭ ‬او‭ ‬حق‭ ‬انساني‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬البوصلة‭ ‬التي‭ ‬اختارها‭ ‬التونسيون‭ ‬وآمنوا‭ ‬بها‭ ‬وعاهدوا‭ ‬انفسهم‭ ‬على‭ ‬مرّ‭ ‬العقود‭ ‬وحتى‭ ‬قبل‭ ‬نيل‭ ‬استقلالهم‭ ‬الوطني‭ ‬ان‭ ‬يظلوا‭ ‬اوفياء‭ ‬ومخلصين‭ ‬لها‭ ‬ولهذا‭ ‬الشعب‭ ‬الأبيّ‭ ‬الذي‭ ‬يخوض‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬صراع‭ ‬وجود‭ ‬وصراع‭ ‬حق‭ ‬إنساني‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬العرب‭ ‬وعن‭ ‬بني‭ ‬البشر‭. ‬

هذه‭ ‬الأيام‭ ‬حضرت‭ ‬فلسطين‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الرسمي‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬رئاسة‭ ‬الجمهورية‭ ‬وفي‭ ‬المحافل‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬خطاب‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والهجرة‭ ‬والتونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬أمام‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أين‭ ‬استحضر‭ ‬ثوابت‭ ‬الموقف‭ ‬التونسي‭ ‬وضرورة‭ ‬ان‭ ‬ينصف‭ ‬العالم‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬يتعرض‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬الى‭ ‬أبشع‭ ‬أنواع‭ ‬الاضطهاد‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭. ‬

كذلك‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬عديد‭ ‬الوزراء‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬الذين‭ ‬خصصوا‭ ‬في‭ ‬كلماتهم‭ ‬وفي‭ ‬انشطتهم‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭ ‬حيزا‭ ‬هاما‭ ‬لإبراز‭ ‬القضية‭ ‬والحق‭ ‬الفلسطيني‭.‬

‭ ‬وبدوره‭ ‬لم‭ ‬يتخلف‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والسياسي‭ ‬عن‭ ‬مواصلة‭ ‬التمسك‭ ‬بالبوصلة‭ ‬واتخاذ‭ ‬المواقف‭ ‬المساندة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والمستنكرة‭ ‬للصلف‭ ‬الصهيوني‭ ‬ويكفي‭ ‬الرجوع‭ ‬مثلا‭ ‬الى‭ ‬البيانات‭ ‬الاخيرة‭ ‬لحزب‭ ‬العمال‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬والتيار‭ ‬الشعبي‭ ‬والحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬وغيرها‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬ان‭ ‬فلسطين‭ ‬نقطة‭ ‬قارة‭ ‬على‭ ‬جدول‭ ‬اعمال‭ ‬الساسة‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬رسميين‭ ‬او‭ ‬غير‭ ‬رسميين‭.‬

وحتى‭ ‬المنظمات‭ ‬المدنية‭ ‬والنقابات‭ ‬المهنية‭ ‬فهي‭ ‬ايضا‭ ‬لم‭ ‬تتخل‭ ‬عن‭ ‬دورها‭ ‬غير‭ ‬ان‭ ‬المطلوب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬المنجز‭ ‬خصوصا‭ ‬وان‭ ‬لبعض‭ ‬جمعياتنا‭ ‬ونقاباتنا‭ ‬مكانة‭ ‬اعتبارية‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬الشبكات‭ ‬الدولية‭ ‬للمنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬ونقصد‭ ‬هنا‭ ‬بالأساس‭ ‬الرابطة‭ ‬التونسية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬صوتها‭ ‬قويا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬وكانت‭ ‬سندا‭ ‬للمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬التونسي‭ ‬للشغل‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬للنقابات‭.‬

‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬وقّعت‭ ‬تونس‭ ‬وفلسطين‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬ترمي‭ ‬الى‭ ‬تبادل‭ ‬التجارب‭ ‬والخبرات‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬تطوير‭ ‬برامج‭ ‬وآليات‭ ‬مقاومة‭ ‬الفقر‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬ومأسسة‭ ‬برامج‭ ‬وآليات‭ ‬مكافحة‭ ‬الفقر‭ ‬ورعاية‭ ‬وإدماج‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الاعاقة‭. ‬

المذكرة‭ ‬التي‭ ‬وقّعها‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬ووزير‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الفلسطيني‭ ‬تفتح‭ ‬أبوابا‭ ‬كثيرة‭ ‬للتعاون‭ ‬ولتبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬لمواجهة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬اكبر‭ ‬المعضلات‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تخضع‭ ‬للاحتلال‭ ‬الفاشي‭ ‬البغيض‭ ‬المباشر‭ ‬وحتى‭ ‬الدول‭ ‬المستقلة‭ ‬التي‭ ‬عجزت‭ ‬فيها‭ ‬منظومات‭ ‬الحكم‭ ‬المتعاقبة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الرفاه‭ ‬لمواطنيها‭ ‬والإحاطة‭ ‬الجيدة‭ ‬بمعوقيها‭ ‬وفئاتها‭ ‬ذات‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭ ‬كالنساء‭ ‬والأطفال‭..‬

‭ ‬صحيح‭ ‬ان‭ ‬التجربة‭ ‬التونسية‭ ‬جيدة‭ ‬ومتقدمة‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬غير‭ ‬ان‭ ‬ما‭ ‬ابتدعه‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬وهم‭ ‬تحت‭ ‬الحصار‭ ‬وتحت‭ ‬الاضطهاد‭ ‬والقمع‭ ‬يمثل‭ ‬بدوره‭ ‬درسا‭ ‬وتجربة‭ ‬يمكن‭ ‬الاستئناس‭ ‬بها‭ ‬فتوفير‭ ‬حاجيات‭ ‬المواطنين‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬وتامين‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬والخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬بعلاتها‭ ‬والتنقل‭ ‬بين‭ ‬المتاريس‭ ‬والحواجز‭ ‬العسكرية‭ ‬الصهيونية‭ ‬وفوق‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬كسب‭ ‬احترام‭ ‬المجموعة‭ ‬البشرية،‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬يثبّت‭ ‬البوصلة‭ ‬ويجعلنا‭ ‬في‭ ‬المستويين‭ ‬الرسمي‭ ‬والشعبي‭ ‬لا‭ ‬نتوانى‭ ‬ولا‭ ‬نؤخر‭ ‬ولا‭ ‬نتأخر‭ ‬في‭ ‬الوفاء‭ ‬بالتزاماتنا‭ ‬تجاه‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬الذي‭ ‬نترك‭ ‬له‭ ‬خياره‭ ‬وحقه‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره‭ ‬على‭ ‬طريقته‭ ‬ووفق‭ ‬موازين‭ ‬قواه‭ ‬وكلنا‭ ‬ثقة‭ ‬في‭ ‬انه‭ ‬لن‭ ‬يفرط‭ ‬في‭ ‬الحق‭ ‬رغم‭ ‬غطرسة‭ ‬العدو‭ ‬وحلفائه،‭ ‬ونحن‭ ‬من‭ ‬جانبنا‭ ‬نتمسك‭ ‬بثوابتنا‭.‬

إننا‭ ‬بقدر‭ ‬حرصنا‭ ‬على‭ ‬رفض‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬مهما‭ ‬تكن‭ ‬الذرائع‭ ‬والمبررات‭ ‬نحرص‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬والدعم‭ ‬والإسناد‭ ‬لشعبنا‭ ‬الفلسطيني‭.‬

ان‭ ‬المطلوب‭ ‬منا‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وفي‭ ‬فلسطين‭ ‬ان‭ ‬نفعّل‭ ‬كل‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬المبرمة‭ ‬بيننا‭ ‬والتي‭ ‬يعود‭ ‬كثير‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬عشرات‭ ‬السنين،‭ ‬وقد‭ ‬أبرمت‭ ‬بين‭ ‬وزارات‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬والمرأة‭ ‬والتكوين‭ ‬المهني‭ ‬والتجهيز‭ ‬والثقافة‭ ‬وغيرها‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬مع‭ ‬النظراء‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وحان‭ ‬الوقت‭  ‬لتطويرها‭ ‬وتثويرها‭ ‬لترجمة‭ ‬مقولة‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وفلسطين‭ ‬أكبر‭ ‬وأهم‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لتحقيق التنمية الاقتصادية، السلم الاجتماعي والإشعاع الدولي : التونسيون بالخارج طرف رئيسي في المعادلة

كشف مدير عام ديوان التونسيين بالخارج خلال شهر مارس الماضي أن عدد الجالية التونسية بالخارج …