هل يكون الملتقى الإقليمي لدفع الاستثمار بولايات الشمال الشرقي نواته : بداية تجسيد فعلي لنظام الأقاليم ونمط التقسيم الإداري الجديد
في خطوة يبدو أنها تحفيزية، وتفسيرية، تقوم الحكومة بعقد ملتقيات اقليمية كل مرة في ناحية، وكل مرة تحت يافطة وعنوان مختلف، وهذه الملتقيات، الخيط الناظم بينها هو صبغتها الاقليمية.
هذه الصبغة بقدر ما هي عنوان للعمل الذي تحاول الحكومة انجازه، بقدر ما هي بداية تجسيد للبرنامج السياسي الذي يزمع الرئيس قيس سعيّد ادخاله على التراتيب الإدارية الجاري بها العمل منذ مدة، والتي يرى في خطابه السياسي انها أصبحت بالية وتحتاج الى دفع قوي والى اعادة هيكلة ونسف للمنظومات الادارية القديمة، وبناء نظام اداري جديد، يرى انه سيكون أكثر ديناميكية ونجاعة ويقرّب مفاهيم التنمية والخدمات والاستثمار من المواطن.
ولا شك ان الإسراع في وتيرة عقد ملتقيات اقليمية بالجهات، او بالأحرى بنواتات الاقاليم التي سيتم الاعلان عن تركيبتها النهائية في ديسمبر القادم، رغم ان هيئة الانتخابات قد أعطت تقسيما مبدئيا بذلك في شهر ماي الفارط، هو عملية سياسية قبل ان تكون عملية ادارية او اقتصادية، لان الإصرار على اشراف وزراء من الحكومة على ملتقيات تنظم ضمن سياقات تخص كل مرة اقليما من الأقاليم، هو محاولة لتكريس هذا التقسيم الاداري الجديد على أرض الواقع قبل شرعنته من خلال انتخابات مجالس الأقاليم والجهات، التي قد تجري في شهر ديسمبر القادم.
ولا شك أيضا ان هذا التمشي يُراد له ان يكون دُربة وتمرينا على العمل في ظل هياكل جديدة لا تقوم على رواسب النظام الاداري القديم، بل تتحرك في أطر جديدة، يجري تفعيلها وتعميقها يوما بعد آخر، في انتظار تحويلها الى أمر واقع بداية من ديسمبر القادم.
ويهدف ملتقى تحفيز الاستثمار بولايات الشمال الشرقي، إلى تدريب هياكل الدولة التونسية وخاصة الهياكل الادارية المعنية بالشؤون العامة للمواطنين وبمناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، على العمل داخل تجمعات من عدة ولايات تتقارب جغرافيا وتتشابه اقتصاديا ومناخيا، وتلتقي في تقسيم اداري يسعى القائمون على الدولة ان يكون موحدا وان يجري تسييره عن طريق هياكل ادارية، سواء معينة او سيقع انتخابها في ديسمبر القادم، وفق آليات يجري الاعداد لوضعها حيز التنفيذ بداية السنة القادمة.
مصادر مقرّبة من الرئاسة تتحدث هذه الايام عن استعدادات حثيثة في كافة مستويات القرار، لانجاح الاستحقاق الانتخابي لمجالس الاقاليم والجهات، وتقول ايضا ان رئيس الجمهورية يراهن عليه ليكون أولى لبنات التجسيد الفعلي لبرنامجه السياسي الذي بشّر به ناخبيه، لكن ذلك لا ينفي ضرورة الانتباه الى الهنات التي قد ترافق هذا المشروع خاصة وانه لم يأخذ كفايته من النقاش والتحليل في المستويات التشريعية والقانونية والدستورية، ويقول متابعون أن هناك نقاطا الى حد الان ما تزال غامضة وغير مفهومة، خاصة ما يتعلق منها بالصلاحيات الممنوحة لهذه الاقاليم وبحدود سلطتها والحد الفاصل بين ما يخصها وما يعود للمركز، وغيرها من الآليات التي من المفترض انها تكون قد نوقشت في مستويات عدة، ووقع تنقيح البعض منها او اضافة ما يلزمها من تكملة او حذف ما قد يشوبها من أخطاء، لكن يبدو أن الاطقم المهتمة بهذا المسار لم تول ذلك ما يستحقه، وعلى رأسها الهيئة العليا للانتخابات ومجلس نواب الشعب في ما بعد، خاصة وان هذه الاقاليم كتجربة حكم اداري، هي جديدة وغير مجرّبة سابقا في تونس، التي هي بطبيعتها بلد صغير ولا اختلافات كبيرة بين اقاليمه، لا في المناخ ولا في الفوارق الاجتماعية ولا حتى في التركيبة الثقافية والاثنية والعرقية، وبالتالي فالصيغة الاقليمية ستكون ادارية فقط، لا عمل لها الا تسهيل خلق امكانات الاستثمار وفرص التنمية والتكامل بين ابناء الجهات في اقليم واحد، منتج.
الاطمئنان على الصابة يبدأ الان : توفير البذور وجودتها.. الضمانة الحقيقية لأمننا الغذائي
مع بدء استعداد الفلاحين للحرث والبذر، بدأت الحركية تدب في الهياكل الفلاحية بمختلف أنواعها،…