تفيد آخر المعطيات والمؤشرات بعودة الاحتجاجات المدة القادمة – إن لم يتم التوصل إلى اتفاقات تنهي الصراع حول النقاط الخلافية بين النقابات والأطراف المعنية- ويأتي ذلك أياما فقط قبل العودة المدرسية والجامعية وحتى العودة البرلمانية والرجوع للعمل بنظام الحصتين، فقطاع نقل المحروقات يهدد بشن إضراب بيومين ( 31 أوت الجاري وغرة سبتمبر المقبل)، من جهته يلوّح الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين بإقرار إضراب بيومين في حقل «سيتاب» البرمة ( 6و7 سبتمبر المقبل)، وبالتوازي مع قطاع المحروقات نجد أيضا مؤشرات لعودة الصراع بين الجامعة العامة للتعليم الأساسي وسلطة الإشراف خاصة بعد بيان الجامعة الصادر أمس السبت والذي يدعو إلى مقاطعة المشاركة في إسناد إدارات المدارس الشاغرة جراء إعفاء مديريها على خلفية الالتزام بقرار الحجب والدعوة الى امتناع الهياكل النقابية عن إمضاء أي محضر جلسة يتضمن إسنادا لمدرسة أعفي مديرها بسبب انضباطه لقرارات الهياكل النقابية المرتبطة بالحجب وفق البيان الممضى من طرف كاتبها العام.
كل هذه المقدمات والمستجدات تمهد خلال الأيام القادمة لبداية تحركات عمّالية وعودة الاحتجاجات والاضطرابات وما يمكن أن ينجر عنها من توتير للمناخ الاجتماعي وتهديد للسلم الأهلية.
ويعوّل كثيرون على نجاح الجلسة الصلحية المنتظر عقدها غدا الاثنين في علاقة بقطاع نقل المحروقات والتوصل إلى اتفاق ينهي النقاط الخلافية ويضمن استمرار العمل والانتاج حيث تتعلق مطالب العاملين في قطاع نقل المحروقات بالدفع نحو إمضاء الملحق التعديلي عدد 10 الخاص بالزيادة في الأجور لسنوات 2017و2018و2019 والملحق 11 الخاص باتفاق الزيادة في الأجور والمتعلق بسنوات 2024-2022 في حين تتعلق مطالب العاملين في حقل «السيتاب» بمطالب مهنية وتسوية وضعيات الأعوان وتفعيل محضر جلسة 28 افريل الماضي.
أما في قطاع التعليم الأساسي فان بيان الجامعة العامة للتعليم الأساسي والذي فيه دعوة صريحة إلى المقاطعة إضافة إلى المراسلة التي وجهت بتاريخ 4 أوت الجاري إلى سلطة الإشراف والتذكير بالمراسلة في مناسبة ثانية عن طريق مجمع الوظيفة العمومية الأسبوع الماضي والتي سبقها بيان 26 أوت الجاري للمطالبة بالنظر في وضعية المديرين الذين تم إعفاؤهم على خلفية حجب الأعداد والذين لم يعودوا إلى مناصبهم إلى الآن رغم قرار رفع حجب الأعداد وتذكير النقابة بأن أكثر من 3 آلاف معلم من حاجبي الأعداد من مختلف ولايات الجمهورية لم يتم سداد أجورهم ، كل هذه المراسلات والبيان الأخير للجامعة تترجم بداية التمهيد لتحركات تصعيدية من قبل الجامعة العامة للتعليم الأساسي ما ينذر بعودة مضطربة ومفتوحة على كل السيناريوهات.
وفي صورة فشل جلسة التفاوض ـ وهو ما لا نأمله ـ فالنتيجة سيتحمّلها ـ كالعادة ـ المواطن تبعا لتداعيات فرضية تنفيذ إضراب قطاع نقل المحروقات ما سيؤدي إلى شل حركة النقل وعرقلة العودة الطبيعية للطلبة وسنعود بذلك إلى مشاهدة تلك الطوابير أمام محطات الوقود ـ إن وجد البعض منه ـ مثلما شاهدناها في أفريل الفارط نتيجة النقص في التزوّد،كما سيربك القرار التصعيدي ـ ان اتّخذ من نقابة الأساسي وعدم الرجوع الى طاولة الحوار ـ العودة المدرسية وستؤدي معركة «كسر العظام» بين النقابة ووزارة التربية إلى نتائج سلبية ستكون لها تداعيات وخيمة على المدرسة العمومية وهناك احتمال أن يدفع تواصل هذا الصراع بين الطرفين إلى مواجهة مباشرة في المستقبل مع الأولياء.
ومن شأن الإضراب العام في قطاع نقل المحروقات أن يربك استعدادات كافة الهياكل والمؤسسات في إطار التحضير للعودة بنظام الحصتين مثلما بإمكانه أن يشوّش على الدولة في إطار سعيها نحو إيجاد حلول أو ما تبقى منها للاتفاق مع صندوق النقد الدولي ولأزمة المالية العمومية وسد العجز المالي في ميزانية الدولة لسنة 2023 وإيجاد حلول لتعبئة موارد جديدة لميزانية 2024 فضلا عن سداد بقية الديون الخارجية المتبقية والمجدولة ضمن سنة 2023.
نعتقد أن الحوار وحده كفيل بإيجاد أرضية للتفاهم وتجنّب خريف ساخن وذلك بالتوصل الى اتفاق سواء مع نقابة قطاع نقل المحروقات وعمال حقل «البرمة» أو نقابة التعليم الأساسي باعتبار أن فتح واجهات جديدة وخلق أزمات متعددة ومختلفة في قادم الأيام لا يخدم لا الأطراف النقابية ولا العاملين في هذه القطاعات ولا الدولة.. بل سيساهم في مزيد تعكّر المناخ الاجتماعي العام وسيهدد السلم الاجتماعية خاصة مع تواصل المعاناة التي يعيشها المواطن منذ أشهر جراء أزمة الخبز وغلاء أسعار أغلب المنتوجات الأساسية وفقدان بعضها في الأسواق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

هجرة المهندسين التونسيين : ظاهرة خطيرة تستدعي حلولا عاجلة

لا يختلف اثنان اليوم حول ارتفاع ظاهرة هجرة المهندسين في السنوات الأخيرة وما تمثله من خطورة…