ما بقي من الدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي: نقاط مضيئة وتحديات أخرى لاعادة الاشعاع والهوية الثقافية
أسدل الستار مؤخرا على الدورة 57 من مهرجان قرطاج الدولي، الذي التأم هذه السنة بحضور جماهيري لافت، وببرمجة عروض ركزت على الموسيقى بالأساس، غابت عنها العروض المسرحية والسينمائية والفرجوية، والغاية هي تحقيق التوازن الذي ينشد المراوحة بين الابداع والحصول على عائدات مالية تحقق الحد الأدنى المطلوب خاصة وان الميزانية تبقى محدودة مقارنة بمهرجانات دولية عربية وعالمية أخرى.
وتميز مهرجان قرطاج الدولي في دورته 57، ببرمجة عروض متنوعة وثرية تتراوح بين التجارب المحلية والدولية تحت شعار اشوف الدنيا بعين كبيرةب، للدلالة على علاقة المواطن التونسي بمهرجان قرطاج وتعلقه به، الى جانب أهمية هذا المهرجان وعراقته.
واستعرض في هذا الاطار حفل الاختتام فيديو بتقنية الذكاء الاصطناعي، خاطب خلالهاآبولونب إلاه الموسيقى والشعر والفنون، جمهور مهرجان قرطاج الدولي الذي كان نجم هذه الدورة بامتياز.
وتحدث اابولونب عن اهمية الثقافة في توحيد الشعوب وقيمة الفن والموسيقى في نموّ الحضارات وتطورها.
وكان الاختتام مع الفنان المصري محمّد حماقي الذي خلق جوّا مميّزا على المسرح، وهو ما صنفه كاجمل سهرات المهرجان لهذا العام.
واحتوت برمجة الدورة الـ57 من مهرجان قرطاج الدولي على 31 عرضاً موزعةً على 26 سهرة طَغَت عليها السهرات الموسيقية بمختلف أنواعها الشرقية والغربية، ومنها عروض الموسيقى التقليدية والموسيقى الشعبية والجاز والسول والريغي والروك.
وحاولت هذه الدورة في ظل الظروف المالية الصعبة للبلاد ووفق أجور معقولة، تمكين الفنانين التونسيين من الحضور أكثر في مختلف العروض الفنية، حيث قُدّرت نسبة العروض التونسية في هذه الدورة بـ48 بالمائة من مجموع العروض، و52 من العروض من دول عربية وغربية.
عائدات مالية هامة
كذلك، حقّقت هذه الدورة حضوراً جماهيرياً كبيراً قدّره مدير الدورة، كمال الفرجاني، بأكثر من 130 ألف متفرج، وهو ما مكّن المهرجان من عائدات مالية يمكن أن تحقّق توازناً مالياً.
وتبلغ ميزانية المهرجان أربعة ملايين دينار تونسي، يأتي أغلبها من الدعم المالي الذي تقدمه وزارة الشؤون الثقافية للمهرجان.
وذكر قال كمال الفرجاني، مدير الدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي، إنّ قيمة المداخيل المتأتية من بيع التذاكر قد بلغت هذه الدورة 3,266,595 مليون دينار، مع إمكانية تجاوز عائدات الإشهار نقدا لمبلغ مليون دينار، لتبلغ بذلك العائدات المالية للمهرجان ما يناهز 4.3 ملايين دينار، اوهو رقم يتجاوز ما كنا توقعناه أثناء التحضير لهذه الدورةب.
واعتبر في حديث مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء، أنّ دورة هذا العام للمهرجان حقّقت أرقاما قياسية جديدة مقارنة بالدورات الماضية سواء على مستوى عائدات التذاكر أو كذلك على مستوى الإقبال الجماهيري.
وبيّن في حديثه أنّ عدد التذاكر المقتناة من قبل الجمهور بلغ 70501 تذكرة أيّ بمعدل 2820 تذكرة في السهرة الواحدة، علما أنّ عدد السهرات بلغ 25 سهرة ابعد إلغاء عرض ابيغفلوب واأوليب من قبل منتج العرض.
وهنا يطرح تساؤل حول عملية بيع التذاكر خاصة وان معدل كل سهرة لا يتجاوز 3000 تذكرة في حين ان مسرح قرطاج يستوعب 8 الاف متفرجا او اكثر، مما يستدعي إدارة المهرجان الى تقديم كل الأرقام المتعلقة بعملية البيع حتى يتسنى لها تحسين المداخيل في الدورات القادمة.
وبلغت نسبة العروض التي تمّت أمام شبابيك مغلقة نسبة 36 %، علما أن هناك سهرات لم تنتظم أمام شبابيك مغلقة لكنها حققت حضورا جماهيريا كبيرا على غرار انوردوب وامرتضىب وغيرهما.
تألق العروض التونسية
وعلى امتداد أكثر من شهر تابع الجمهور سهرات عديد الأسماء التونسية والعربية والمجموعات الفنية، على غرار صابر الرباعي ولطيفة العرفاوي ويسرى محنوش وناصيف زيتون وراغب علامة وأحمد سعد وتريو جبران.
وهم فنانون من عديد الجنسيات العربية والافريقية والأوروبية والأمريكية والآسيوية. وسجلت السهرات التونسية حضورها بــ 15 عرضا من أنماط موسيقية متنوعة بما فيها الأنماط الجديدة، إلى جانب عرض مسرحي وحيد اوان مان شوب بعنوان افيزاب للممثل كريم الغربي، في حين غابت العروض السينمائية.
وتألق عدد من الفنانين على غرار مرتضى الفتيتي ورؤوف ماهر ونوردو ويسرى محنوش وصابر الرباعي ولطيفة العرفاوي…
وقد وصف مدير مهرجان قرطاج الدولي كمال الفرجاني الدورة 57، بالاستثنائية التي انتصرت للفنان التونسي.
عروض احتفالية لا تجارية
وحققت الأسماء العربية التي برمجت لمرات متكررة في مهرجان قرطاج نجاحا فنيا وجماهيريا لافتا على غرار سهرة الفنان راغب علامة وناصيف زيتون واحمد سعد.
وعن هذه النقطة بين كمال الفرجاني أنّ إدارة المهرجان دخلت في مغامرة فنية، الكنّها كانت مغامرة محسومة النتائج باعتبار أن الفنانين التونسيين المبرمجين في هذه الدورة برهنوا عن كفاءتهم وقدراتهم الفنيةب، موضحا أنّ العروض التي يصنفها البعض في خانة اتجاريةب هي ليست كذلك بل هي عروض ااحتفاليةب، وفق قوله.
وذكّر كمال الفرجاني بالتصور العام الذي ارتكزت عليه هذه الدورة وهي إعداد برمجة تلبي مختلف الذائقات الفنية، نصفها عروض تونسية وأخرى عربية ومن أربع دول من 4 قارات، بما يعكس انفتاح تونس على مختلف الثقافات والحضارات والموسيقات وهو ما يجدد التأكيد على أن تونس أرض التسامح والسلام.
وهنا نلفت انتباه مدير المهرجان الى ان العروض الأجنبية قد لاقت استحسان الجمهور من ذلك فنان الروك البريطاني اراغن بون مانب والفنان الكوديفواري اتيكان جاه فاكوليب الذي شهد حضور عدد من الجالية الافريقية في تونس وكان العرض مميزا من خلال الرسائل الإنسانية الهامة التي التزم بتقديمها الفنان في اغانيه وحواره مع الجمهور. وهذا مؤشر على أهمية العروض الدولية التي يجب ان تعود في الدورات القادمة لتعيد بريق المهرجان على مستوى العروض الثقافية ذات القيمة والجودة الفنية، ولترسخ هوية مهرجان قرطاج كمهرجان دولي ثقافي…
نقاط للمراجعة
وعرفت الدورة الـ57 لمهرجان قرطاج الدولي بعض الانسحابات من عروضها، إذ فاجأ مغنيا الراب من فرنسا، الأخوان بيغفلو وأولي، منظمي المهرجان بإعلانهما عدم الحضور لحفلهما المبرمج يوم 2 أوت الفارط. وبرّر الأخوان قرارهما بـاالأوضاع غير الجيدة في تونسب، وربطه البعض بالحملة التي شنّتها وسائل إعلام فرنسية على تونس بسبب امعاملة السلطات التونسية اللاإنسانية للمهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراءب. وهنا كان على إدارة المهرجان ان تفند هذا الموقف باجابة فورية وعدم الاكتفاء بإصدار بلاغ تكذيبي.
وتعقيبا على ما حصل في ليلة الضحك، قدم مدير الدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي كمال الفرجاني اعتذاره الخاص وباسم لجنة تنظيم المهرجان بخصوص ما حصل في سهرة اليلة الضحك في قرطاجب عند تفوه احد الكوميديين بكلمة بذيئة على الركح ولاقت جدلا واسعا تناوله الرئيس سعيد مع وزيرة الثقافة.وهي من النقاط التي يجب ضبطها في الدورات القادمة.
وأشاد الصحفيون بالمجهود الذي قام به مكتب الاعلام والاتصال في تسهيل عمل الصحفيين والمصورين، الا ان مضايقة عدد من المصورين في أداء مهامهم على مستوى اماكن التصوير خلقت حساسية كان يمكن تفاديها والعمل على التسويق لصورة افضل للمهرجان، عبر اعمال المصورين الشبان التي اضافت مسحة فنية جميلة على هذه الدورة.
ورغم ان إدارة المهرجان قدمت سينوغرافيا جديدة في المسرح الأثري بقرطاج، تعلقت بالمؤثرات الضوئية عالية الجودة ومؤثرات صوتية جديدة ومعاصرة اضافت رونقا خاصا وجديدا للمسرح الأثري. الا ان الإشكالات التقنية المتعلقة بالصوت برزت في عديد السهرات، وهي نقطة لا تخدم صورة المهرجان الاعرق في تونس وفي العالم العربي، والذي بدأ تنظيمه عام 1964، والمفروض ان يكون اكثر المهرجانات جودة في الجانب التقني والمستوى التنظيمي والمحتوى.
في تقييم مسار الانتخابات الرئاسية 2024 : الأقل كلفة والأكثر إثارة للجدل..!
أنهت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مهمتها في تنظيم الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 والتي…