التوجهات الكبرى لمشروع ميزانية الدولة لسنة : 2024 طابع استهلاكي واجتماعي دون رؤية استراتيجية…!
انطلق البرلمان في النظر في ملامح ميزانية 2024، حيث شرعت لجنة المالية والميزانية خلال جلسة عقدتها مؤخرا، في الاطلاع على عدد من الوثائق تتعلق بتنفيذ ميزانية الدولة إلى موفّى جوان 2023 والفرضيات والتوجهات الكبرى لمشروع ميزانية الدولة لسنة 2024. في ظل ازمة مالية خانقة ومديونية عالية وغياب تمويلات يمكن ان تغطي عجز الميزانية المتواصلة.
يأتي ذلك في سياق تعيين رئيس حكومة جديد وضبابية حول مواصلة أعضاء حكومة بودن عملهم ام لا، خاصة وان وزيري الاقتصاد والمالية هما من توليا التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
وتعلق تونس آمالها على صندوق النقد الدولي ليمنحها قرضًا ليسعف العجز المالي، إلا أنّ هذا الاتفاق بقي معلقا الى الان، وتم تأجيل الاجتماع الذي كان مقررًا عقده في ديسمبر 2022 على مستوى مجلسه التنفيذي من أجل النظر في ملف قرض تونس، إلى أجل غير مسمى، وهو ما خلق نوعًا من الريبة وهذا بعد ان توصلت نهاية العام الماضي إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد حول قرض بقيمة 1.9 مليار دولار.
وتُطرح منذ أشهر أسئلة عديدة في تونس بخصوص الموقف الرسمي التونسي من قرض صندوق النقد الدولي خاصة وقد تأخر توقيع الاتفاق النهائي، الذي يشترط الصندوق أن يُمضي عليه الرئيس قيس سعيد لتكون االإصلاحاتب المضمنة داخله ملزمة.
وخلال اطلاع نواب لجنة المالية على الوثائق المتعلقة بتنفيذ ميزانية الدولة إلى موفّى جوان 2023 والفرضيات والتوجهات الكبرى لمشروع ميزانية الدولة لسنة 2024، لاحظ رئيس لجنة المالية أن الفرضيات التي انبنى عليها قانون المالية 2023 هي نفس الفرضيات التي تضمنتها الوثيقة المتعلقة بالتوجهات الكبرى لمشروع ميزانية 2024، واستفسر عن مدى نجاعة وفاعلية هذه الفرضيات لإعادة اعتمادها في مشروع ميزانية 2024.
كما بيّن أن”الوثائق المقدّمة رغم تعرضها إلى التحديات والعراقيل على المستوى الوطني والعالمي التي حالت دون تحقيق الأهداف المرسومة وخاصة تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية، فإنها لم تتضمّن وضعية التداين خلال العشر سنوات الأخيرة والتي تمثل عبءا على التوازنات المالية وعلى مقدرات الأجيال القادمة وما شهدته هذه القروض من سوء تصرف وانحراف في الاستعمال”.
وأضاف أن اهذه الوثائق لم تتعرض إلى القروض التي حل أجل تسديدها خلال سنة 2023ب.
وكانت رئاسة الحكومة، وجّهت جملة من التوصيات، بتاريخ 26 ماي 2023، للجهات المكلفة بإعداد مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024، ابهدف مواصلة تطبيق برنامج إصلاح الوظيفة العمومية ولمزيد التحكم في كتلة الأجورب. بالإضافة إلى الذهاب في توجهات أخرى تتعلق باعتماد برامج مستحدثة للتخفيض من عدد الأعوان في الوظيفة العمومية ونفقات التسيير وغيرها.
غياب رؤية استراتيجية طويلة المدى
ويبدو ان حكومة نجلاء بودن لم تقم ببناء توجهات ميزانية 2024 على أساس تقييم ما أنجز في ميزانية 2023، اذ استفسر أعضاء اللجنة عن نسب الإنجاز ومردودية الإجراءات المتخذة في قانون المالية لسنة 2023، وكذلك نجاعة الفرضيات المعتمدة، ولاحظوا اغياب رؤية استراتيجية طويلة المدى بما أضفى الطابع الاستهلاكي والاجتماعي على ميزانية الدولةب.
كما أثار أعضاء اللجنة عدة مسائل تعلقت بالخصوص بضرورة وضع استراتيجيات تنموية واضحة تستجيب للوضع الاقتصادي الدقيق وما يفرضه من تحديات على المالية العمومية، وضرورة النهوض بالاستثمار لتحقيق النمو الاقتصادي من خلال رصد الاعتمادات الضرورية وتطوير التشريعات المحفّزة خاصة منها قانون الاستثمار ومجلة الصرف.
وبيّن عدد من النواب أنه يمكن تطوير موارد الدولة سواء منها الجبائية أو غير الجبائية بما يمكن من تقليص عجز الميزانية من ناحية والضغط على التداين الخارجي من ناحية أخرى، وأشاروا في هذا الإطار إلى أهمية العمل على اتحسين استخلاص الموارد الجبائية بدعم القباضات المالية بالموارد البشرية والتجهيزات اللوجستية اللازمة والنهوض بقطاع الفسفاط باعتباره أهم ممول لميزانية الدولة على مر العقودب وفق ما ورد على الصفحة الرسمية لمجلس نواب الشعب.
كما أكدوا ضرورة إيجاد الآليات القانونية لإدماج الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصادية.
وتعرض عدد من النواب إلى أهمية الاستثمار الخارجي المباشر ودوره في تحقيق النمو الاقتصادي، وأكدوا ضرورة إيلاء العناية اللازمة لهذا القطاع بتيسير الإجراءات وإقرار نظام قانوني وجبائي محفز.
وأكّد نواب آخرون ضرورة العمل على تحقيق العدالة الجبائية والتفكير في سنّ عفو جبائي للنهوض بالمؤسسات الصغرى نظرا لأهميتها الاقتصادية والاجتماعية والمساهمة الفعالة في زيادة الأداء في الانتاجية والقدرة التنافسية لهذه المؤسسات، ودورها في تحقيق التنمية.
غدا الاثنين وفي جلسة عامة مشتركة : قانون المالية والميزانية تحت مجهر المجلسين…
ينطلق يوم غد الاثنين الجزء الثاني من الجلسة العامة المشتركة لأعضاء مجلس نواب الشعب وأعضاء …