يعدّ اليوم من الملفات الحارقة : التشغيل يُطرح كأولوية ..؟ !
يعدّ ملف التشغيل اليوم من الملفات الحارقة بالإضافة إلى عديد الملفات الأخرى وهو المحرار لقيس درجة التزام الحكومة بقضايا الناس وهو المحك لتقييم النجاح والفشل في كل الأحوال نظرا لرمزيته وأهميته وطبيعة الشريحة التي يمسها – (خريجو الجامعات على اختلاف اختصاصاتهم) ولا يمكن فهم ملف التشغيل في تونس خارج السياق الموضوعي الذي يلفه ويحف به من عديد الجوانب وفي مستويات عديدة.
معلوم أن خريجي الجامعات التونسية في تزايد ملفت منذ عقدين من الزمن و الذي جاء نتيجة التغييرات الجذرية التي أرساها نظام بن على والتي مسّت جوهر المنظومة التربوية بالإضافة إلى الانفتاح الاقتصادي الذي ساهم في جعل تونس سوقا مفتوحة للاستهلاك على حساب القدرة على مجاراة النسق ذاته في ظل غياب شبه تام للإنتاج والإنتاجية بسبب غياب مشاريع التنمية وانسداد آفاق التشغيل .
وما لبثت هذه المعضلة تتفاقم سنة تلو أخرى بل ازداد الوضع تعقيدا نظرا لعوامل موضوعية حينا وأخرى ناتجة عن غياب الإرادة الحقيقية لتسوية بعض فصول وتفاصيل هذا الملف الذي أصبح في عديد المناسبات محل مزايدة من قبل المتهافتين على الكراسي بعد الثورة .إذ يرى العديد من المحللين من خبراء الاقتصاد أن معالجة ملف التشغيل وإيجاد حلول للبطالة المزمنة يستدعي توفر إرادة حقيقية ومعالجة ملف التشغيل مرتبطة ارتباطا وثيقا بتحقيق نسبة نمو مرتفعة ولا يتحقق ذلك إلا بخلق مصانع وبرنامج تصنيع وتطور فلاحي وإنتاج فلاحي يحول إلى صناعات غذائية…
كما أن هذا الملف يطرح كأولوية اليوم خاصة وان جحافل المعطلين عن العمل في ترايذ متواصل ولاشيء تغيّر رغم الاحتجاجات المسجلة على مدى سنوات متواصلة مطالبة بحلول جذرية لمعضلة البطالة حيث بلغت نسبة البطالة خلال الثلاثي الثاني من السنة الحالية 15.6 % مقابل 16.1 % في الثلاثي الأول من السنة نفسها و15.3 % في الثلاثي الثاني من سنة وفق الإحصائيات التي قدمها المعهد الوطني للإحصاء يوم الثلاثاء 15 أوت 2023.
وتشير الأرقام إلى تقلص عدد العاطلين عن العمل نسبيًا خلال الثلاثي الثاني من سنة 2023 إلى حدود 638.1 ألف عاطل عن العمل مقابل 655.8 ألف عاطل عن العمل خلال الثلاثي الأول من سنة 2023 إلا أن نسبة البطالة بين حاملي الشهائد العليا ارتفعت نسبيًا حيث بلغت 23.7 % بالثلاثي الثاني من سـنة 2023 مقابل 23.1 % خلال الثلاثي الأول من سـنة 2023، وفق معهد الإحصاء كما بقيت نسبة البطالة حسب الجنس، أكثر حدة بالنسبة للنساء (21.1 %) مقارنة بالنسبة المسجلة لدى الرجال(13.2 %).
كما أفادت أيضا بيانات المعهد أن نسبة بطالة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة بلغت خلال الثلاثي الثاني من سنة 2023 نسبة 38.1 % مقابل 40.2 % خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية، و37.2 % خلال الثلاثي الثاني من سنة 2022.
هذه الأرقام تكشف عن الوجه المخيف للازمة الاقتصادية المزمنة وهي مؤشّرات متوقعة وفق خبراء في المجال الاقتصادي باعتبار أننا لم ننتقل بعد إلى مرحلة خلق الثروة والإنتاج عن طريق الاستثمارات وغيرها من المبادرات الاقتصادية الأخرى كما أن هذه الأزمة هي نتيجة حتمية لسياسات خاطئة وفاشلة اتخذت خاصّة خلال ما يسمى بالعشرية السّوداء حينها ضرب الفساد كل المضارب وتعمّقت أزمة المعطلين عن العمل خاصّة وان الحرب التي شنّت على الفساد كشفت عن حقائق مفزعة لانتدابات في غير محلّها وفق الانتماءات الحزبية وملفات فضائحية أخرى أثبتت في كل الأحوال أن قضايا الناس ومشاغلهم لم تكن في يوم من الأولويات.
لا يمكن تحقيق مطلب التشغيل ولا حل الملفات العالقة ذملف الشغل- إلا من خلال إجراءين أساسيين أولا السعي إلى تحقيق نسبة نمو محترمة توفر مواطن شغل وثانيا تعبئة موارد ميزانية الدولة من أجل حل الملفات العالقة وتعبئة موارد الدولة تمر أساسا عبر إجراءات عملية تحول دون الفساد لا الاكتفاء بتتبع الفاسدين بل وجب مقاومة التهرب الضريبي وإدخال السوق الموازية في الاقتصاد المهيكل وتدقيق الثروات الوطنية وحسن استثمارها لصالح الشعب فبهذه الإجراءات يمكن الاستجابة لطموحات شباب تونس في تشغيل يحفظ كرامته.
نحو الانتقال بهيكلة المجامع التنمويّة النسائيّة إلى شركات أهليّة : شروط الـــتــأســـيـــس و مـــراحـــله..
يعرف عدد المجامع التنمويّة النسائيّة ارتفاعا من سنة إلى أخرى وهو ما يعكس حجم الإقبال لمخت…