2023-08-19

تواصل‭ ‬أزمة‭ ‬الدواء‭ ‬في‭ ‬تونس: نقص‭ ‬كبير‭  ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬معاناة‭ ‬المرضى

تتكبد‭ ‬إيمان‭ ‬منصور‭  ‬يوميا‭ ‬عناء‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬دواء‭ ‬لمرض‭ ‬والدها‭ ‬المزمن‭ ‬دون‭ ‬جدوى،‭ ‬فالدواء‭ ‬مفقود‭ ‬منذ‭ ‬أشهر،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬سعره‭ ‬الأربعة‭ ‬دنانير‭. ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬أمثال‭ ‬إيمان‭ ‬ووالدها‭ ‬كثيرون‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬النقص‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬أنواع‭ ‬من‭ ‬الأدوية‭ ‬بسبب‭ ‬وضع‭ ‬الصيدلية‭ ‬المركزية‭ ‬المتأزم‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬وصعوبة‭ ‬توريد‭ ‬الأدوية‭ ‬بل‭ ‬الأمر‭ ‬بلغ‭ ‬حدّ‭ ‬تسجيل‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬الأدوية‭ ‬الجنيسة‭.‬

يشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭  ‬مسألة‭ ‬نقص‭ ‬الأدوية‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬2016‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬دقت‭ ‬النقابة‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر‭ ‬ونبهّت‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬الأمر،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬رئيس‭ ‬النقابة‭ ‬التونسية‭ ‬لأصحاب‭ ‬الصيدليات‭ ‬الخاصة‭ ‬نوفل‭ ‬عميرة‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬المناسبات‭ ‬موضحا‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬الانفراج‭ ‬الطفيف‭ ‬الذي‭ ‬لوحظ‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬نقص‭ ‬الأدوية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحلول‭ ‬المتخذة‭ ‬مجرد‭ ‬حلول‭ ‬مؤقتة‭ ‬لا‭ ‬تحل‭ ‬الأزمة‭ ‬من‭ ‬جذورها،‭ ‬وأن‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية‭ ‬لها‭ ‬حل‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تطبيقه‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬بسبب‭ ‬قانون‭ ‬مجمّد‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2008‭ ‬ويخص‭ ‬تصنيع‭ ‬الأدوية‭ ‬الجنيسة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعوض‭ ‬الأدوية‭ ‬المفقودة‭ ‬بسعر‭ ‬أقل‭ ‬وبفعالية‭ ‬مماثلة‭ ‬للأدوية‭ ‬الأخرى‭. ‬

عديد‭ ‬المختصين‭ ‬يقرون‭ ‬بوجود‭ ‬أدوية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬اجينيريكب‭ ‬وقد‭ ‬تحل‭ ‬أزمة‭ ‬فقدان‭ ‬الأدوية‭ ‬لكن‭ ‬الصيادلة‭ ‬والمصنعين‭ ‬بصدد‭ ‬انتظار‭ ‬سن‭ ‬القانون‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬إنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬موضحا‭ ‬أنّ‭ ‬مشكل‭ ‬نقص‭ ‬الأدوية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬ليس‭ ‬بالجديد،‭ ‬وهو‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬تراكمات‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬2016،‭ ‬وتابع‭ ‬رئيس‭ ‬النقابة‭ ‬التونسية‭ ‬لأصحاب‭ ‬الصيدليات‭ ‬الخاصة،‭ ‬أنّ‭ ‬االمعضلة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬قطاع‭ ‬الصحة‭ ‬عمومًا‭ ‬وخاصة‭ ‬الصندوق‭ ‬الوطني‭ ‬للتأمين‭ ‬على‭ ‬المرض‭ ‬الذي‭ ‬أثّرت‭ ‬مشاكله‭ ‬في‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬وفي‭ ‬توفر‭ ‬الأدويةب،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أنّ‭ ‬المنظومة‭ ‬الصحية‭ ‬تنقصها‭ ‬السيولة‭ ‬لتوفير‭ ‬الأدوية‭ ‬للتونسيين‭. ‬وأوضح‭ ‬عميرة‭ ‬أنّ‭ ‬منظومة‭ ‬الصيدلية‭ ‬المركزية‭ ‬جيدة،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬أثّر‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬خلاص‭ ‬فواتيرها‭ ‬لدى‭ ‬المستشفيات‭ ‬والصندوق‭ ‬الوطني‭ ‬للتأمين‭ ‬على‭ ‬المرض،‭ ‬إذ‭ ‬تبلغ‭ ‬قيمة‭ ‬مستحقاتها‭  ‬1.2‭ ‬مليار‭ ‬دينار،‭ ‬مضيفًااالأدوية‭ ‬المحلية‭ ‬لا‭ ‬إشكال‭ ‬فيها،‭ ‬بقي‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬أدوية‭ ‬لديها‭ ‬أدوية‭ ‬جنيسة‭ ‬وأخرى‭ ‬لا‭ ‬تملكب‭ ‬وفق‭ ‬وصفه‭.‬

إن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬انفراج‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬نقص‭ ‬الأدوية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬سابقا‭ ‬لأوانه‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬التشاؤم‭ ‬ولكن‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬عديد‭ ‬العوامل‭ ‬أبرزها‭ ‬عدم‭ ‬الانطلاق‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬إصلاح‭ ‬منظومة‭ ‬الصناديق‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬أصل‭ ‬الداء‭ ‬والسبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬تدهور‭ ‬المنظومة‭ ‬الصحية‭ ‬ككل‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬سن‭ ‬تشريعات‭ ‬تجرّم‭ ‬التلاعب‭ ‬بصحة‭ ‬المواطن‭ ‬وردع‭ ‬المتجاوزين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الصفقات‭ ‬المشبوهة‭ ‬وعمليات‭ ‬إتلاف‭ ‬الأدوية‭ ‬بشكل‭ ‬متعمد‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تهريب‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأدوية‭ ‬والمستلزمات‭ ‬الطبية‭ ‬إلى‭ ‬الأقطار‭ ‬المجاورة‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬الربح‭ ‬الأوفر‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تعاني‭ ‬فيه‭ ‬المستشفيات‭ ‬العمومية‭ ‬نقصا‭ ‬فادحا‭ ‬في‭ ‬أبسط‭ ‬أنواع‭ ‬الأدوية‭ .‬وبالتالي‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬فرض‭ ‬القانون‭ ‬لتطويق‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬الخانقة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الأدوية‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬تكتفي‭ ‬بالحلول‭ ‬الظرفية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تستأصل‭ ‬أصل‭ ‬الداء‭ ‬من‭ ‬جذوره‭.‬

يواجه‭ ‬التونسيون‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬أزمة‭ ‬نقص‭ ‬الأدوية‭ ‬أو‭ ‬فقدان‭ ‬البعض‭ ‬منها،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الصيدليات‭ ‬الخاصة‭ ‬أو‭ ‬المستشفيات‭ ‬العامة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأمراض‭ ‬المزمنة‭ ‬والخطيرة،‭ ‬ما‭ ‬يضطر‭ ‬الأطباء‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬البروتوكولات‭ ‬الطبية‭ ‬أحياناً‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬علاج‭ ‬مرضاهم،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يتوفر‭ ‬من‭ ‬أدوية‭ ‬في‭ ‬رفوف‭ ‬صيدلياتهم‭.‬

وتوقع‭ ‬رئيس‭ ‬نقابة‭ ‬الصيادلة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬نوفل‭ ‬عميرة،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬الأصعب‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التزود‭ ‬بالدواء‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬البلاد،‭ ‬محذرا‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الكمية‭ ‬المطلوبة‭ ‬سنويا‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬توفر‭ ‬السيولة‭ ‬المالية‭.‬وطالب‭ ‬عميرة‭ ‬السلطات‭ ‬التونسية‭ ‬بإعداد‭ ‬مخطط‭ ‬وطني‭ ‬لمجابهة‭ ‬نقص‭ ‬الأدوية‭ ‬وإنقاذ‭ ‬الصيدلية‭ ‬المركزية‭ ‬باعتبارها‭ ‬المزود‭ ‬الحصري‭ ‬للسوق‭ ‬المحلية‭ ‬بالأدوية،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬صناعة‭ ‬الدواء‭ ‬محليا‭ ‬تواجه‭ ‬بدورها‭ ‬صعوبات‭ ‬ارتفاع‭ ‬كلفة‭ ‬الإنتاج‭ ‬والمواد‭ ‬الأولية‭ ‬لصناعتها‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

يسند سنويا 16 ألف قرض موجهة لجميع القطاعات منها 40 بالمائة لخريجي التعليم العالي : البنك التونسي للتضامن يوفر خط تمويل بـ 20 مليون دينار لفائدة صغار الفلاحين

ضمن برنامج الاستعداد للموسم الفلاحي 2025-2024 الخاص بالحبوب وسعيا لتوفير التمويلات اللازمة…