بعد تفادي كارثة سنة بيضاء مضت: شروط العودة المدرسية السلسلة… وآفاق الإصلاح
اهتمام غير مسبوق توليه القيادة السياسية وأعلى هرم السلطة بمسألة العودة المدرسية وضرورة توفير الارضية اللازمة لانجاحها، وحتى تكون ايضا عودة سلسلة بعيدة عن المشاكل والتعقيدات التي تتنبأ بها عديد الأطراف، والتي تحاول ان تصور العودة المدرسية في منتصف سبتمبر القادم، عودة مستعصية ومعقّدة وستجابه عديد المصاعب والإشكالات.
وهنا لا بد من التأكيد على ان ما تم التوصل اليه في نهاية السنة الفارطة من توافقات، لم يكن سهلا، وكان نتاجا لوعي جماعي بأن السنة الدراسية توشك ان تمرّ بيضاء وان مستقبل التلاميذ في خطر، ومستقبل العملية التعليمية لا ينبئ بخير.
هذه التوافقات التي أثارت احترازات عديدة من المعلمين والاساتذة على حدّ سواء، في المحصّلة ايجابية رغم كل شيء، ويمكن البناء عليها لانطلاق سنة ناجحة، شريطة ان تكون جميع الاطراف مستعدّة للحوار، ولمناقشة كل المواضيع دون تحفّظ ودون شروط مسبقة، ودون استضعاف اي من الاطراف للطرف الآخر.
فالصراع الذي ساد طيلة السنة الفارطة بين النقابات وبين وزارة الاشراف لم يكن سهلا، لكن أيضا تحمّل المسؤولية من الطرفين كان في المستوى، وكان تقريبا نموذجا يُحتذى في البحث عن نقاط الالتقاء فقط، وفي تذويب نقاط الخلاف، وتأجيل المواضيع الشائكة، وترحيل المستحقات المالية الى زمن وفرة، والانحناء حتى تمر الازمة، وكل تلك القيم التي مكّنت بفعل تفهّم النقابات ومرونة الوزارة من تجاوز معضلة كان كثيرون في الساحة ينظّرون لها وينتظرون حدوثها بلا ريب.
ولا شك ان الحرص الرئاسي والحكومي على تفقّد المركز الوطني البيداغوجي، ومتابعة الاستعدادات للعودة المدرسية من حيث توفير المستلزمات، يخفي توجّسا من ان تعمد بعض الاطراف الى افساد العودة المدرسية من خلال افتعال بعض المشاكل الجانبية او من خلال وضع عراقيل أمام انطلاق التلاميذ والطلبة في طلب العلم منتصف سبتمبر القادم.
فالازمة التي تمر بها البلاد في مسألة توفّر الخبز تشعل الضوء الاحمر، وعلى الجميع ان ينتبه الى ان هناك مئات الالاف من التلاميذ والطلبة يستحقون الخبز منذ اليوم الاول للعودة، وبالتالي على الاستعدادات ان تكون حثيثة وعلى المعنيين بالتموين ان يدّخروا كل ما يستطيعون الوصول اليه من أجل تأمين حاجيات أبنائنا التلاميذ والطلبة، لان اي نقص في تموين المبيتات والمطاعم الجامعية والمدرسية سيكون له تاثير كبير على العملية التعليمية ككل وعلى صورة البلاد في الداخل والخارج.
كما أن وزارة التربية، الى جانب مسؤولياتها في توفير الضرورات المادية للعودة المدرسية، هي مسؤولة أيضا وبدرجة أكبر على توفير المناخ الآمن والاستقرار والسلم الاجتماعي داخل الفضاءات التربوية، ونعتقد ان اولى الخطوات في هذا المجال، هي طيّ صفحة الحجب التي شغلت الجميع خلال السنة الفارطة، من خلال عملية حوار مفتوح مع الجميع، تتم فيها االمصالحةب التامة والنهائية بين الوزارة والنقابات، وأيضا من خلال ابداء التفهّم والاستعداد للتجاوب مع كل الطلبات والمقترحات التي تعني المعلمين والاساتذة والاطار التربوي، وخاصة من ناحية صرف باقي مستحقات المعلمين االحاجبينب الذين الى حد الان لم يستلم القسم الاكبر منهم رواتب شهر جويلية، مع ما يعانونه من ظروف الغلاء وندرة المواد الغذائية ومستلزمات التدريس.
لا يمكن التغافل عن مسألة أخرى مهمة في العودة المدرسية وهي ضرورة المراقبة الصارمة
لأسعار الكتب والمستلزمات المدرسية، حتى لا يكون الاولياء ضحية نهب وجشع تجار االكُتبيّةب الذين يرفعون الاسعار كل سنة حسب مزاجهم ودون رقيب ولا حسيب، خاصة المسائل غير الخاضعة للتسعيرة، كالمحافظ والميدعات وغيرها.
ان العودة المدرسية مسؤولية الجميع، وتأمينها في أحسن الظروف، وتوفير المناخ الاجتماعي والمادي الملائمين، يمكّنها من ان تكون بداية لحوار حقيقي يضع لبنة صلبة لاصلاح تربوي طالما سمعنا عنه لكنه لم ينطلق بعد، وأمل كل التونسيين ان لا يتأخر أكثر.
لا يمكن التعويل على الذات دون دعم الفلاحة وزيادة الاستثمارات : مـــتـــى يـــعـــي الــتـونــســيــون أن أمــانـهــم فـي أرضهم؟
في آخر تقرير صادر عنه الاسبوع الفارط، حذّر المرصد الوطني للفلاحة من تراجع في قيمة الاستثما…