2023-08-19

بعد‭ ‬تفادي‭ ‬كارثة‭ ‬سنة‭ ‬بيضاء‭ ‬مضت: ‭‬شروط‭ ‬العودة‭ ‬المدرسية‭ ‬السلسلة‭… ‬وآفاق‭ ‬الإصلاح

اهتمام‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬توليه‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬وأعلى‭ ‬هرم‭ ‬السلطة‭ ‬بمسألة‭ ‬العودة‭ ‬المدرسية‭ ‬وضرورة‭ ‬توفير‭ ‬الارضية‭ ‬اللازمة‭ ‬لانجاحها،‭ ‬وحتى‭ ‬تكون‭ ‬ايضا‭ ‬عودة‭ ‬سلسلة‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬المشاكل‭ ‬والتعقيدات‭ ‬التي‭ ‬تتنبأ‭ ‬بها‭ ‬عديد‭ ‬الأطراف،‭ ‬والتي‭ ‬تحاول‭ ‬ان‭ ‬تصور‭ ‬العودة‭ ‬المدرسية‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬سبتمبر‭ ‬القادم،‭ ‬عودة‭ ‬مستعصية‭ ‬ومعقّدة‭ ‬وستجابه‭ ‬عديد‭ ‬المصاعب‭ ‬والإشكالات‭.‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬اليه‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬السنة‭ ‬الفارطة‭ ‬من‭ ‬توافقات،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬سهلا،‭ ‬وكان‭ ‬نتاجا‭ ‬لوعي‭ ‬جماعي‭ ‬بأن‭ ‬السنة‭ ‬الدراسية‭ ‬توشك‭ ‬ان‭ ‬تمرّ‭ ‬بيضاء‭ ‬وان‭ ‬مستقبل‭ ‬التلاميذ‭ ‬في‭ ‬خطر،‭ ‬ومستقبل‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬لا‭ ‬ينبئ‭ ‬بخير‭.‬

هذه‭ ‬التوافقات‭ ‬التي‭ ‬أثارت‭ ‬احترازات‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬المعلمين‭ ‬والاساتذة‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬سواء،‭ ‬في‭ ‬المحصّلة‭ ‬ايجابية‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬ويمكن‭ ‬البناء‭ ‬عليها‭ ‬لانطلاق‭ ‬سنة‭ ‬ناجحة،‭ ‬شريطة‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬جميع‭ ‬الاطراف‭ ‬مستعدّة‭ ‬للحوار،‭ ‬ولمناقشة‭ ‬كل‭ ‬المواضيع‭ ‬دون‭ ‬تحفّظ‭ ‬ودون‭ ‬شروط‭ ‬مسبقة،‭ ‬ودون‭ ‬استضعاف‭ ‬اي‭ ‬من‭ ‬الاطراف‭ ‬للطرف‭ ‬الآخر‭.‬

فالصراع‭ ‬الذي‭ ‬ساد‭ ‬طيلة‭ ‬السنة‭ ‬الفارطة‭ ‬بين‭ ‬النقابات‭ ‬وبين‭ ‬وزارة‭ ‬الاشراف‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬سهلا،‭ ‬لكن‭ ‬أيضا‭ ‬تحمّل‭ ‬المسؤولية‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬المستوى،‭ ‬وكان‭ ‬تقريبا‭ ‬نموذجا‭ ‬يُحتذى‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬نقاط‭ ‬الالتقاء‭ ‬فقط،‭ ‬وفي‭ ‬تذويب‭ ‬نقاط‭ ‬الخلاف،‭ ‬وتأجيل‭ ‬المواضيع‭ ‬الشائكة،‭ ‬وترحيل‭ ‬المستحقات‭ ‬المالية‭ ‬الى‭ ‬زمن‭ ‬وفرة،‭ ‬والانحناء‭ ‬حتى‭ ‬تمر‭ ‬الازمة،‭ ‬وكل‭ ‬تلك‭ ‬القيم‭ ‬التي‭ ‬مكّنت‭ ‬بفعل‭ ‬تفهّم‭ ‬النقابات‭ ‬ومرونة‭ ‬الوزارة‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬معضلة‭ ‬كان‭ ‬كثيرون‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬ينظّرون‭ ‬لها‭ ‬وينتظرون‭ ‬حدوثها‭ ‬بلا‭ ‬ريب‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬ان‭ ‬الحرص‭ ‬الرئاسي‭ ‬والحكومي‭ ‬على‭ ‬تفقّد‭ ‬المركز‭ ‬الوطني‭ ‬البيداغوجي،‭ ‬ومتابعة‭ ‬الاستعدادات‭ ‬للعودة‭ ‬المدرسية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬توفير‭ ‬المستلزمات،‭ ‬يخفي‭ ‬توجّسا‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬تعمد‭ ‬بعض‭ ‬الاطراف‭ ‬الى‭ ‬افساد‭ ‬العودة‭ ‬المدرسية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬افتعال‭ ‬بعض‭ ‬المشاكل‭ ‬الجانبية‭ ‬او‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وضع‭ ‬عراقيل‭ ‬أمام‭ ‬انطلاق‭ ‬التلاميذ‭ ‬والطلبة‭ ‬في‭ ‬طلب‭ ‬العلم‭ ‬منتصف‭ ‬سبتمبر‭ ‬القادم‭.‬

فالازمة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬توفّر‭ ‬الخبز‭ ‬تشعل‭ ‬الضوء‭ ‬الاحمر،‭ ‬وعلى‭ ‬الجميع‭ ‬ان‭ ‬ينتبه‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬مئات‭ ‬الالاف‭ ‬من‭ ‬التلاميذ‭ ‬والطلبة‭ ‬يستحقون‭ ‬الخبز‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الاول‭ ‬للعودة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬على‭ ‬الاستعدادات‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬حثيثة‭ ‬وعلى‭ ‬المعنيين‭ ‬بالتموين‭ ‬ان‭ ‬يدّخروا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يستطيعون‭ ‬الوصول‭ ‬اليه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تأمين‭ ‬حاجيات‭ ‬أبنائنا‭ ‬التلاميذ‭ ‬والطلبة،‭ ‬لان‭ ‬اي‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬تموين‭ ‬المبيتات‭ ‬والمطاعم‭ ‬الجامعية‭ ‬والمدرسية‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬تاثير‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬ككل‭ ‬وعلى‭ ‬صورة‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬التربية،‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الضرورات‭ ‬المادية‭ ‬للعودة‭ ‬المدرسية،‭ ‬هي‭ ‬مسؤولة‭ ‬أيضا‭ ‬وبدرجة‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬المناخ‭ ‬الآمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والسلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬داخل‭ ‬الفضاءات‭ ‬التربوية،‭ ‬ونعتقد‭ ‬ان‭ ‬اولى‭ ‬الخطوات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬هي‭ ‬طيّ‭ ‬صفحة‭ ‬الحجب‭ ‬التي‭ ‬شغلت‭ ‬الجميع‭ ‬خلال‭ ‬السنة‭ ‬الفارطة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬حوار‭ ‬مفتوح‭ ‬مع‭ ‬الجميع،‭ ‬تتم‭ ‬فيها‭ ‬االمصالحةب‭ ‬التامة‭ ‬والنهائية‭ ‬بين‭ ‬الوزارة‭ ‬والنقابات،‭ ‬وأيضا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ابداء‭ ‬التفهّم‭ ‬والاستعداد‭ ‬للتجاوب‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الطلبات‭ ‬والمقترحات‭ ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬المعلمين‭ ‬والاساتذة‭ ‬والاطار‭ ‬التربوي،‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬صرف‭ ‬باقي‭ ‬مستحقات‭ ‬المعلمين‭ ‬االحاجبينب‭ ‬الذين‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬الان‭ ‬لم‭ ‬يستلم‭ ‬القسم‭ ‬الاكبر‭ ‬منهم‭ ‬رواتب‭ ‬شهر‭ ‬جويلية،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يعانونه‭ ‬من‭ ‬ظروف‭ ‬الغلاء‭ ‬وندرة‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬ومستلزمات‭ ‬التدريس‭.‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬التغافل‭ ‬عن‭ ‬مسألة‭ ‬أخرى‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬المدرسية‭ ‬وهي‭ ‬ضرورة‭ ‬المراقبة‭ ‬الصارمة‭ ‬

لأسعار‭ ‬الكتب‭ ‬والمستلزمات‭ ‬المدرسية،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬الاولياء‭ ‬ضحية‭ ‬نهب‭ ‬وجشع‭ ‬تجار‭ ‬االكُتبيّةب‭ ‬الذين‭ ‬يرفعون‭ ‬الاسعار‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬حسب‭ ‬مزاجهم‭ ‬ودون‭ ‬رقيب‭ ‬ولا‭ ‬حسيب،‭ ‬خاصة‭ ‬المسائل‭ ‬غير‭ ‬الخاضعة‭ ‬للتسعيرة،‭ ‬كالمحافظ‭ ‬والميدعات‭ ‬وغيرها‭.‬

ان‭ ‬العودة‭ ‬المدرسية‭ ‬مسؤولية‭ ‬الجميع،‭ ‬وتأمينها‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الظروف،‭ ‬وتوفير‭ ‬المناخ‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمادي‭ ‬الملائمين،‭ ‬يمكّنها‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬بداية‭ ‬لحوار‭ ‬حقيقي‭ ‬يضع‭ ‬لبنة‭ ‬صلبة‭ ‬لاصلاح‭ ‬تربوي‭ ‬طالما‭ ‬سمعنا‭ ‬عنه‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬ينطلق‭ ‬بعد،‭ ‬وأمل‭ ‬كل‭ ‬التونسيين‭ ‬ان‭ ‬لا‭ ‬يتأخر‭ ‬أكثر‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لا بد من الرهان على الحزم الاداري والردع القانوني: الوعي المواطني وحده لا يكفي لحماية البيئة والمحيط

عادة ما يتداول التونسيون في موسم الاصطياف خصوصا، صورا ومشاهد وفيديوهات لمجموعات شبابية او …