2025-01-04

انتشال جثث لمهاجرين قبالة جزيرة  قرقنة : البحر الأبيض المتوسط مقبرة أحلام الهاربين نحو المجهول

شهدت سواحلنا مؤخرا مأساة جديدة ضمن سلسلة من الحوادث المتعلقة بالهجرة غير النظامية أو ما يعرف في مجتمعنا بـ«الحرقة» حيث غرق مركب قبالة جزيرة قرقنة أدى إلى انتشال 27 جثة لمهاجرين من دول جنوب الصحراء.  وتعكس هذه الفاجعة الواقع المرير الذي تعيشه تونس كمحطة عبور رئيسية للمهاجرين الباحثين عن حياة أفضل في أوروبا.ومع تفاقم الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية في بلدان جنوب الصحراء الإفريقية، أصبح حلم الهجرة إلى أوروبا الملاذ الوحيد لعدد كبير منهم . وفي ظل تشديد الرقابة على الحدود الليبية اتجهت شبكات تهريب البشر إلى تونس ما  حوّلها إلى نقطة انطلاق رئيسية نحو السواحل الأوروبية.

وتتمتع تونس بموقع جغرافي استراتيجي، حيث تفصلها أقل من 150 كيلومتر عن السواحل الإيطالية، ما يجعلها محطة عبور مفضلة للمهاجرين ، حيث أصبحت قرقنة على وجه الخصوص، مركزا لنشاط المهربين الذين ينظمون رحلات الموت اذ يستغل هؤلاء يأس المهاجرين، الذين يدفعون مبالغ طائلة مقابل ركوب قوارب غير آمنة غالبًا ما تنتهي في قاع البحر .

وقد أصبحت جزيرة قرقنة، التي اشتهرت بهدوئها وسحرها الطبيعي محورا  للحوادث المأساوية المرتبطة بالهجرة غير النظامية. ويتحول البحر في كل مرة  إلى شاهد على أحلام مهاجرين انتهت بمآسٍ أليمة . وتؤكد  الحادثة الأخيرة مرة أخرى حجم الخطر الذي يواجهه المهاجرون، إذ يعبرون البحر على متن مراكب متهالكة لا تصلح للإبحار متجاهلين النتائج المأساوية التي يمكن أن تنجم عن ذلك .  فتونس ليست مجرد نقطة انطلاق للهجرة، بل أصبحت أيضًا منطقة استقرار مؤقت للعديد من المهاجرين من دول جنوب الصحراء حيث يعيش هؤلاء في ظروف صعبة ويواجهون تمييزا اجتماعيًا وضغوطا  اقتصادية وفي بعض الأحيان  توترات مع المواطنين خاصة ان تونس غير قادرة على التعامل بفعالية مع تدفقات المهاجرين  باعتبارها تواجه أزمات تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة وتراجع الوضع الاقتصادي .كما تواجه في الوقت نفسه  ضغوطات من الاتحاد الأوروبي للحد من الهجرة غير النظامية .

الدوافع

إن الهجرة من دول جنوب الصحراء ليست خيارا بل ضرورة فرضتها ظروف قاسية تمثلت في  الفقر المدقع و  الصراعات المسلحةوالانهيار البيئي ، فهي  من بين الأسباب الرئيسية التي تدفع هؤلاء المهاجرين للبحث عن حياة أفضل في أوروبا .

ورغم معرفتهم بالمخاطر الهائلة التي قد تواجههم في البحر، يغامرون بحياتهم على أمل الوصول إلى ما يعتبرونه الفردوس في أوروبا  .

المؤكد ان حادثة قرقنة ليست الأولى و لن  تكون الأخيرة في ظل الأوضاع الحالية. لقد أصبحت تونس محطة عبور رئيسية يسلكها الكثيرون ممن ضاقت بهم السبل في أوطانهم  ليكون البحر الأبيض المتوسط مقبرة تبتلع أحلام آلاف المهاجرين الهاربين من واقع بائس نحو مستقبل مجهول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تزامنا مع انتهاء عطلة الثلاثي الأول : حركية كبرى بالطرقات..ودعوة إلى التّقيد بقواعد الجولان

تتسم هذه الفترة بوجود حركية كبرى على مستوى أغلب الطرقات خاصة منها بين المدن وعلى الطرقات ا…