تعتبر الخدمات الإدارية مفتاح المعاملات اليومية بالنسبة الى المواطنين والى المؤسسات مهما كانت صبغتها إما اقتصادية او اجتماعية او تربوية او غيرها. وعلى أهميتها في تسيير الشأن العام يبقى القضاء على البيروقراطية المقيتة من أبرز أهداف عمل الإدارة التونسية لما تسببت فيه من تعطيل لمصالح المواطنين والمؤسسات ومن عراقيل للاستثمار وأحد أسباب انتشار الفساد.
ومن منطلق الوعي بضرورة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد جاءت الدعوة الملحة من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد للمضي قدما نحو اصلاح الإدارة. وفي هذا الإطار يتنزل المجلس الوزاري الأخير المنعقد موفى ديسمبر المنقضي والذي أشرف عليه رئيس الحكومة كمال المدوري، الذي كان عنوانه الرئيسي «تبسيط الإجراءات الإدارية ورقمنتها وتحسين مناخ الأعمال». ويأتي ذلك بعد شهر من انعقاد مجلس وزاري مضيق جاء تحت نفس العنوان وتم تخصيصه لتدارس جملة من المقترحات والإجراءات لتنفيذ هذا البرنامج.
وبينت رئاسة الحكومة في بلاغ لها حول أشغال المجلس الوزاري الأخير انه جاء متابعة لبرنامج تبسيط الإجراءات الإدارية ورقمنتها وتحسين مناخ الأعمال. وبالمناسبة تم النظر في مشروع أمر يتعلق بتنقيح وإتمام الإطار العام للعلاقة بين الهياكل العمومية والمتعاملين معها، ومشروع أمر يتعلق بتنقيح وإتمام الأمر الحكومي المتعلق بإصدار القائمة الحصرية للأنشطة الاقتصادية الخاضعة لترخيص وقائمة التراخيص الإدارية لإنجاز مشروع وضبط الأحكام ذات الصلة وتبسيطها. وتم في هذا الإطار إعداد الصيغة النهائية لمشروعي الأمرين والتوصية بعرضهما على مجلس الوزراء.
ويتنزل مشروعا الأمرين المعروضين خلال المجلس الوزاري ضمن حزمة الإصلاحات الادارية المبرمجة، ويحدد مشروع الأمر الأول المبادئ والإجراءات والآليات المنظمة للإطار العام للعلاقة بين الهياكل العمومية والمتعاملين معها، وذلك في إطار العمل على تعزيز الثقة بين الإدارة والمتعاملين معها وتبسيط الإجراءات الإدارية والتقليص من آجال إسدائها. اما الامر الثاني الذي تم النظر فيه فيهدف إلى تكريس مبدإ حرية الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال وتحرير المبادرة الخاصة وذلك من خلال حذف دفعة ثالثة تتمثل في 33 ترخيصا تهم عديد المجالات منها الإيواء والتنشيط السياحي وصناعة حديد البناء وتكنولوجيات الاتصال والثقافة مع مراجعة جذرية لكراسات الشروط نحو حذفها أو تبسيطها حتى لا تكون عائقا أمام تشجيع الاستثمار.
وحسب رئاسة الحكومة فان مشروع الأمر المتعلق بتنقيح وإتمام الإطار العام للعلاقة بين الهياكل العمومية والمتعاملين معها نص على جملة من المبادئ. ومن بين ما تم التنصيص عليه، هناك تحديد آجال قصوى لإسداء الخدمات العمومية وإقرار مبدإ سكوت الإدارة موافقة ضمنية بعد انقضاء الآجال القانونية على جميع المطالب المتعلقة بالحصول على الخدمات الإدارية مع ضبط قائمة في الحالات المستثناة. وتم أيضا التنصيص على تقليص عدد الوثائق الإدارية المطلوبة من المتعاملين مع الإدارة من خلال عدم المطالبة بتقديم وثائق أو معطيات سبق تقديمها للهيكل العمومي وعدم المطالبة بإجراء مطابقة النسخ للأصل أو التعريف بالإمضاء خارج القائمة الحصرية المرفقة بمشروع الأمر وتيسير التبادل البيني للوثائق والمعطيات بين الهياكل العمومية.
ونص مشروع الامر أيضا على تحسين جودة الخدمات العمومية من خلال إقرار مبدإ التحسين المستمر لها وضمان سهولة النفاذ إليها وتوفير المعلومة الشاملة حولها مع إقرار ضرورة التعليل الكتابي في صورة رفض مطلب للحصول على خدمة إدارية. وفرض مشروع الامر تعليل رفض مطالب الحصول على الخدمات الإدارية كتابيا مع التنصيص على آجال وطرق التظلم والطعن وإعلام صاحب المطلب بكل وسيلة تترك أثرا. ومن بين ما نص عليه أيضا هي آليات المتابعة والتقييم والمراقبة التي تهدف إلى التعرف على تطلعات ومقترحات المتعاملين مع الإدارة واعتمادها لتحسين جودة الخدمات الإدارية المسداة.
وللتذكير فإن الحكومة انطلقت بعد في تنفيذ برنامج يهدف لتبسيط الإجراءات الإدارية ورقمنتها. والبداية كانت بوضع بوابة وطنية للخدمات الإدارية عن بعد تتضمن أكبر عدد ممكن من الخدمات الإدارية ذات الطلب المكثف من المواطنين ومستعملي المرافق العمومية. وتهدف هذه البوابة الى تقريب وتبسيط وتسهيل الخدمات الإدارية للتونسيين وحصولهم على الخدمات رقميا على مدار الساعة وعن بعد مع تقليص الآجال والكلفة وضمان الجودة.
ويرمي هذا التوجه الذي رسمته الحكومة بمختلف محاوره والبرامج التي تم رسمها لتحقيقه على ارض الواقع الى تحرير التونسيين من التعطيلات ومن كثرة الوثائق والأوراق وتبسيط الاجراءات سواء بالنسبة الى المواطن العادي او الراغب في الاستثمار وبعث مشروع خاص. كما يرمي الى تحرير الإدارة التونسية من البيروقراطية المقيتة ومن الفساد الإداري بمختلف أشكاله. وقد بات هذا الامر ملحّا وليس خيارا، خصوصا وان هذا البرنامج بالإضافة الى انه سيسهم في تسريع تقديم الخدمات فانه سيضمن أيضا شفافيتها وسيمكن أيضا بطريقة او بأخرى في مقاومة الفساد الإداري بشكل ناجع.
تمت إحالته على اللجان المختصة في البرلمان : النظر في مشروع القانون المتعلق بالمجالس المحلية والجهوية والأقاليم
مثّل مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم أحد م…