تونس الجميلة كما وصفها ابنها البار شاعرنا الخالد الشابي تتبوّأ مكانة مهمة في تصنيف «ناشيونال جيوغرافيك» لتكون من أفضل 25 وجهة عالمية وجاء في تفسير حصول بلادنا على هذه المرتبة المتقدمة ان الفضل يعود لتنوعها الجغرافي والثقافي.

وفي معرض  إعلاننا عن هذا الخبر الإيجابي من المهم التأكيد على أن مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» تهتم بالسياحة والبيئة والعلوم وتمتلك قنوات فضائية ومواقع الكترونية الى جانب المجلات كما انها تحظى بمصداقية عالية في التخصصات المذكورة.

نقول هذا حتى نقطع الطريق على كل الصائدين في المياه العكرة والذين يخالون انها تقتصر على عالم الحيوان. وهو توضيح لابد منه في بداية هذه الورقة.

والأكيد ان هذا من الأخبار الإيجابية التي تثلج الصدر والتي تنهي بها تونس عام 2024 وتفتح بها آفاقا على العام الجديد الذي نرجو ان يكون عام رفاه وسعادة واستقرار للتونسيين جميعا.

ومثل هذه الاخبار لا ينبغي ان تكون مثار سعادة وفرحة في نفوسنا فقط بل ينبغي ان نستثمرها لخير هذا البلد ولا يكون هذا إلا بالتأسيس على هذه المؤشرات من اجل التطوير والتحسين.

والحقيقة ان هذا التصنيف بالغ الأهمية لأنه يأتي في سياق موسم سياحي ناجح بكل المقاييس تنامى فيه عدد السياح وعدد الليالي التي قضوها في النزل التونسية. كما عاد الانتعاش الى هذا القطاع وعدنا الى تسجيل ارقام لم يتم تسجيلها منذ سنوات فقد تم تحقيق رقم قياسي على مستوى عدد الزوار الذي تجاوز العشرة ملايين في سنة 2024 فلا ننسى التداعيات السلبية لجائحة الكوفيد التي اضرت كثيرا بالسياحة التونسية وكذلك آثار الحرب الروسية الاوكرانية وغيرها من الأحداث.

ونظرا لأن حجوزات موسم الصيف تنطلق في هذه الفترة بالنسبة لعديد وكالات الاسفار العالمية فإن هذا المؤشر يمكن ان يكون له اثر طيب ومباشر على الاقبال على الوجهة السياحية التونسية.

فإذا كان هذا الترتيب يحفّز فينا التفاؤل فإنه قطعا يعد اللبنة الأولى من أجل إيجاد سياسات كبرى جديدة في القطاع السياحي الذي يحتاج الى التطوير. فبعد المنجز الذي راكمناه والذي هيّأنا لاحتلال هذه المرتبة لابد ان ننظر الى إمكانات استغلال هذا المؤشر من اجل دعم اشعاع تونس والترويج لصورة مشرقة لها.

وهذا لا يكون إلا بمراجعة لأساليب العمل وإيجاد خطط واستراتيجيات لصالح هذا القطاع ونحن نتطلع الى مرحلة جديدة انطلقت مصالح وزارة السياحة في العمل من أجل إنجاحها بكل السبل المتاحة.

فمعلوم ان مجال السياحة شهد تطورا مذهلا في العقدين الأخيرين مستفيدا من الطفرة التكنولوجية ومن انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها العجيبة على الوصول الى الجميع وهو ما حتم إيجاد استراتيجيات اتصالية جديدة وخطط ترويج للمنتوج السياحي تماما كما عرف هذا القطاع تطورا لافتا في مجال تغيير أنماط المنتوج الذي يقع التسويق له بل حتى أشكال الإقامة تغيرت بشكل كبير فلم يعد الاعتماد على وحدات فندقية كبيرة كما كان الامر في الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات.

هذا الى جانب بروز أنواع جديدة من السياح لها طلبات مخصوصة على غرار عشاق السياحة الايكولوجية على سبيل المثال وليس الحصر وسياحة المهرجانات والمؤتمرات وهي تقوم على أعداد قليلة من الضيوف ولكن من نوعية خاصة ولهم متطلبات بعينها لكن مردودها كبير جدا.

ونحن إذ نقول هذا نراهن على وعي القائمين على المجال السياحي من اجل تدارك ما فاتنا في العقد ونصف الأخير وعلى تطوير هذا القطاع حتى يتماشى مع التحولات التي حدثت دون ان ننفي النجاحات التي تحققت في الفترة الأخيرة  والتي يمكن البناء عليها من اجل تحقيق الأفضل لتونس وشعبها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

«ضرورة اختصار كل ما هو إجرائي  لإنجاز المشاريع المعطّلة» لا مجال للتّراخي..تونس لم تعد تحتمل الإنتظار..

إلى متى يتواصل هذا التراخي بشأن المشاريع الكبرى التي من شأنها تغيير الكثير من حياة التونسي…