تسهيل حركة ذوي الاحتياجات الخصوصية : نحو ولوج متكافئ للخدمات الإدارية في القطاعين العام والخاص
يواجه ذوو الاحتياجات الخصوصية تحديات يومية تعيق مشاركتهم الفاعلة في المجتمع، خاصة في ما يتعلق بالوصول إلى الخدمات الإدارية والخصوصية. ورغم التطورات التشريعية التي شهدتها العديد من الدول في هذا المجال، ما تزال العقبات العملية قائمة، مما يستوجب تضافر الجهود لضمان دمج هذه الفئة وتمكينها من حقوقها بشكل كامل.
أقرّت العديد من الدول، بما في ذلك تونس، قوانين تضمن حقوق ذوي الاحتياجات الخصوصية، ومن أبرزها القانون عدد 83 لسنة 2005 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. كما صادقت تونس على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2008، مما يفرض التزامًا بتطبيق التدابير الكفيلة بضمان المساواة وعدم التمييز.
وتنص هذه القوانين على ضرورة تيسير وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى الأماكن العامة والخاصة، بما في ذلك الإدارات العمومية والمؤسسات الخاصة، من خلال توفير مداخل خاصة، ومصاعد، ومرافق مجهزة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تم تنفيذ هذه التشريعات بشكل فعّال على أرض الواقع؟
التحديات الميدانية
رغم الجهود المبذولة، ما تزال العديد من الإدارات والمؤسسات تعاني من غياب تجهيزات أساسية لتمكين ذوي الاحتياجات الخصوصية من النفاذ إليها بسهولة. ومن بين التحديات غياب البنية التحتية الملائمة: مثل المصاعد المجهزة، والمنحدرات الآمنة، ودورات المياه المناسبة إلى جانب عدم توفر وسائل النقل الملائمة حيث يعاني العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة من نقص وسائل النقل العمومي أو الخاص المجهّزة لاستيعاب الكراسي المتحركة.
وفي ما يتعلق بضعف الوعي المجتمعي، يفتقر الكثيرون إلى الإدراك الكافي بضرورة احترام حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يؤدي إلى ممارسات تمييزية أو إهمال حاجاتهم هذا إلى جانب التعقيدات الإدارية إذ تتطلب بعض الإجراءات تواجدًا شخصيًا أو استخدام وسائل غير متاحة إلكترونيًا، مما يزيد من صعوبة التعامل مع الإدارات العمومية.
نماذج إيجابية وتجارب ناجحة
تشهد بعض الدول تجارب ناجحة في تسهيل ولوج ذوي الاحتياجات الخصوصية للخدمات، مثل السويد وكندا، حيث يتم اعتماد مبادئ التصميم الشامل. في هذه البلدان، تُصمم المباني والفضاءات العامة منذ البداية لتكون ملائمة للجميع، بدلًا من إجراء تعديلات لاحقة.
أما في تونس، فقد بادرت بعض المؤسسات بتطوير خدمات إلكترونية موجهة لذوي الاحتياجات الخصوصية، مثل التطبيقات الصوتية لخدمة المكفوفين أو المواقع الإلكترونية المتوافقة مع البرمجيات الناطقة. ورغم ذلك، تبقى هذه المبادرات محدودة وغير معممة.
ولتجاوز العقبات القائمة، يجب اتباع استراتيجية شاملة تجمع بين التخطيط العمراني، والتمكين الرقمي، والتوعية المجتمعية. ومن أبرز هذه التوجهات تطوير البنية التحتية في ما يتعلق بإلزام المؤسسات العمومية والخاصة بتوفير مداخل ومرافق مناسبة عبر قوانين صارمة وآليات رقابة دورية وتشجيع الرقمنة وذلك بتعزيز الخدمات الرقمية لتقليل الحاجة إلى التنقل الفعلي، مع تطوير تطبيقات مصممة خصيصًا لذوي الإعاقات المختلفة ، فضلا عن توفير النقل الدامج وذلك بتطوير وسائل نقل عمومي وخاص مجهّزة بآليات تسهل حركة الأشخاص ذوي الإعاقة.
ويشكّل التحول الرقمي فرصة ذهبية لسد الفجوة بين ذوي الاحتياجات الخصوصية والخدمات الإدارية. فالتطبيقات الذكية التي تتيح حجز مواعيد إدارية، وطلب الوثائق، وحتى المشاركة في الاجتماعات عن بعد، يمكن أن تكون وسيلة فعالة لتجاوز الحواجز الفيزيائية.
إن تمكين ذوي الاحتياجات الخصوصية من النفاذ إلى الخدمات الإدارية والخصوصية هو خطوة أساسية نحو مجتمع أكثر إنصافًا. ورغم التقدم التشريعي، ما تزال التحديات العملية تحتاج إلى حلول مستدامة تعتمد على التحديث الرقمي والتوعية المجتمعية. إن الاستثمار في هذه الإصلاحات لا يعزز فقط حقوق هذه الفئة، بل يساهم أيضًا في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال دمج شريحة مهمة من المجتمع في الحياة العامة والإنتاجية.
تزامنا مع انتهاء عطلتي رأس السنة الإدارية والشتاء : النقل بين المدن في تونس تحت الضغط
مع انتهاء عطلة الشتاء واحتفالات رأس السنة الإدارية، تشهد تونس حركة كثيفة للنقل بين المدن…