2025-01-02

تفعيل الدبلوماسية التونسية في سنة 2025: تعزيز السيادة والتوسع الاقتصادي في مواجهة التّحديات العالمية

تواجه الدبلوماسية التونسية في سنة 2025 تحديات كبيرة تعكس التحولات الإقليمية والدولية السريعة، وكذلك الحاجة لتعزيز السيادة الوطنية وتحقيق التنمية المستدامة. وتسعى تونس إلى توظيف الدبلوماسية الاقتصادية لدعم برامجها التنموية وجذب الاستثمارات، مع تحسين العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف.

وفي إطار سعيها لتحسين مكانتها الدولية، تركز البلاد على تطوير خدماتها القنصلية رقميًا وزيادة تمثيلها الدبلوماسي خاصة في إفريقيا وأوروبا وآسيا وأمريكا.

وعلى الصعيد القنصلي، اشار وزير الشؤون الخارجية محمد علي النفطي الى جهود رقمنة الخدمات عبر منصة إلكترونية لتحسين كفاءتها، مع خطط لتوسيع التغطية القنصلية ورفع مستوى الحوكمة القنصلية لتبسيط الإجراءات وتسهيلها على المواطنين التونسيين بالخارج. وإطلاق الأكاديمية الدبلوماسية لتأهيل الكوادر وتعزيز الشراكات الدولية.

كما أكد خلال مناقشة ميزانية الوزارة في البرلمان، الحرص على دعم القضايا العادلة عالميًا، وخاصة القضية الفلسطينية، مع العمل على ترشيد النفقات وتحقيق أهداف الدبلوماسية بما يخدم السيادة الوطنية والمصالح المشتركة.

وقد تم تحديد ميزانية وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج لسنة 2025 بـ 366.607 مليون دينار، بزيادة قدرها %6.57 مقارنة بسنة 2024. وأكد الوزير محمد علي النفطي خلال مناقشة الميزانية أن الوزارة تركز على تنفيذ السياسة الخارجية لتونس بالتنسيق مع التوجهات التي يحددها رئيس الجمهورية، مع تحسين العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف، وتكثيف التعاون مع الشركاء التقليديين وتوسيع شبكة العلاقات لدعم التنمية الوطنية من خلال الدبلوماسية الاقتصادية. مشيرا كذلك إلى تعزيز انخراط تونس في المبادرات الأممية والإقليمية لتحقيق مكاسب اقتصادية وثقافية واجتماعية.

تطوير الوسائل والأهداف

ولخلق ديناميكية في الدبلوماسية التونسية سنة 2025، تحدث النائب يسري البواب وعضو البرلمان الافريقي لـ«الصحافة اليوم»، عن التحديات التي تواجه الدبلوماسية التونسية وأبرزها نقص الإمكانيات المالية واللوجستية على مستوى السفارات والقنصليات، مما أثر على قدرتها على تفعيل دورها خاصة في المجال الاقتصادي. وأشار إلى محاولات سابقة لإضعاف الدبلوماسية الرسمية لصالح مجموعات نافذة، بالإضافة إلى إشكالية تعيين سفراء يفتقدون لرؤية دبلوماسية اقتصادية واضحة.

كما انتقد يسري البواب تهميش الدبلوماسية البرلمانية وعدم توظيف الكفاءات المناسبة للمهام الدولية. وأبرز أهمية المؤسسات الوطنية، مثل ديوان الزيت وديوان الحبوب، في دعم الدبلوماسية الاقتصادية من خلال تصدير المنتجات التونسية مثل زيت الزيتون عالي الجودة. إلا أنه أشار إلى أن هذه المؤسسات تواجه عراقيل سببها تدخل اللوبيات التي تسعى لتقييد دورها.

وأكد البواب على الحاجة إلى إعادة تفعيل دور وزارة التجارة لضمان التوازن في الأسعار والسيطرة على عمليات التصدير والاستيراد، بالإضافة إلى تعزيز دور الفلاحة والصيد البحري كقطاعات حيوية تدعم الاقتصاد التونسي. كما دعا إلى استغلال الثروات السياحية والتراثية المتوفرة في مختلف الولايات لتحسين إيرادات قطاع السياحة من خلال تثمين المواقع الأثرية والتاريخية.

وشدد على ضرورة العمل داخليًا لتحسين الدعم اللوجستي والمادي للدبلوماسية، مع توفير منتجات ذات جودة تُسوَّق في الأسواق الخارجية، مشيرًا إلى أن التغيير يتطلب عقلية جديدة تعمل على تعزيز الانسجام بين العمل الداخلي والدولي.

تفعيل الدبلوماسية البرلمانية

وأوضح من جانبه النائب ظافر الصغيري في تصريح لـ«الصحافة اليوم»، أن الدبلوماسية التونسية تسعى للحفاظ على توازن علاقاتها الدولية، بعيدا عن الانحياز، من أجل حماية مصالحها الوطنية وضمان استقرارها الداخلي. كما أكد دعم تونس المستمر للقضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية، والسعي لحل النزاعات بطرق سلمية.

وفي المجال الاقتصادي، شدد الصغيري على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الأوروبية والعربية لجذب الاستثمارات وتنويع الشركاء التجاريين. ودعا إلى تفعيل الدبلوماسية البرلمانية والشعبية، والتي يجب أن تكون مكمّلًا للدبلوماسية الرسمية، من خلال تطوير الروابط التجارية بين الفاعلين الاقتصاديين والمصدّرين التونسيين وشركائهم في مختلف أنحاء العالم، مع التركيز على الاتفاقيات الثنائية والتبادل الحر.

وبين النائب أن تونس تشهد طفرة في إنتاج بعض المواد الفلاحية، لكن تواجه تحديات كبيرة بسبب ضعف القدرات التخزينية والتحويلية والمنافسة الشديدة في الأسواق التقليدية. لذلك، اعتبر أن فتح أسواق جديدة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا يعد الحل الأمثل. وأكد على أن الدبلوماسية البرلمانية تلعب دورًا مهمًا في الترويج للمنتجات التونسية وخلق الأطر التشريعية اللازمة لتسهيل عمليات التصدير.

ويعتقد النائب وعضو البرلمان العربي، ماهر القطاري، أن الدبلوماسية التونسية تتبلور وفق توجيهات رئيس الجمهورية الذي يحدد معالم السياسة الخارجية للبلاد. وأشار إلى أن تحسين الخدمات المقدمة للجالية التونسية بالخارج يمثل المحور الأساسي لجهود الدبلوماسية، تماشيًا مع الدور الاجتماعي للدولة في خدمة مواطنيها داخل الوطن وخارجه، وذلك من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وتسهيل المعاملات.

كما أضاف أن المحور الثاني يتمثل في تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي وجلب الاستثمارات خلال سنة 2025، من خلال تفعيل الاتفاقيات الموقّعة مع عدة دول، لا سيما مع إفريقيا في مجال التبادل الحر للبضائع. وأكد أن نجاح تفعيل هذه المحاور سيعدّ إنجازًا كبيرًا لتونس في المرحلة القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رئيس الجمهورية يدعو إلى الوحدة الوطنية الصّماء: ..والنواب يتحدثون عن شروطها ومقوّماتها..

شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد على أهمية تحقيق الوحدة الوطنية الصّماء كركيزة أساسية لمواجهة…