2025-01-01

رئيس الجمهورية يدعو إلى الوحدة الوطنية الصّماء: ..والنواب يتحدثون عن شروطها ومقوّماتها..

شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد على أهمية تحقيق الوحدة الوطنية الصّماء كركيزة أساسية لمواجهة التحديات غير المسبوقة التي يمر بها العالم، مؤكّدًا أن التصدي لمحاولات زعزعة الاستقرار يتطلب تضامنًا وطنياً شاملاً. جاء ذلك خلال مجلس وزاري انعقد مؤخرا وأيضا خلال استقباله لرئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة ورئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم عماد الدربالي، أول أمس الاثنين، حيث دعا رئيس الجمهورية إلى تضافر الجهود بين مختلف المؤسسات لضمان تلبية تطلعات الشعب.

وأبرز أن تحقيق الوحدة الوطنية يتطلب معالجة مظاهر الإقصاء والتهميش الناتجة عن اختيارات اقتصادية واجتماعية خاطئة، وإعداد نصوص تشريعية متوافقة مع مسار الثورة، مع التأكيد على أن الفصل بين السلطات، كما نص عليه الدستور، يعزز الديمقراطية والحرية، ويضمن التناغم اللازم لتعزيز هذه الوحدة والمضي قدماً نحو التحرّر الوطني.

ويعتبر رئيس الجمهورية أن التحديات التي تواجه تونس في الوقت الراهن عديدة، ولكنها لن تُغلب إلا من خلال وحدة وطنية صماء، مشيدا بمقدرة تونس على تجاوز الأزمات عبر التعويل على الذات، مشيرًا إلى أن البلاد، برغم الصعوبات، مليئة بالخيرات والكفاءات.

وقد أبدت بعض الأطراف السياسية ترحيبا بهذه الدعوة، التي تتطلب الالتفاف على البناء، وفق مقاربات وتصورات جديدة.

«الصحافة اليوم» رصدت آراء نواب البرلمان عن شروط هذه الوحدة ومقوماتها.

رؤية جديدة لإنقاذ الدولة وبناء مستقبل افضل

أوضح النائب معز بن يوسف، عن كتلة أمانة وعمل، في تصريحه لـ «الصحافة اليوم»، أن مفهوم الوحدة الوطنية يحتاج إلى تغيير جذري  للمقاربات القديمة التي ارتبطت بالحوار الوطني. قائلا : «الوحدة اليوم يجب أن تكون مستمدة من حكم الشعب ذاته، خاصة في ظل الأوضاع التي خلّفتها الطبقة السياسية السابقة التي ألحقت أضرارًا جسيمة بمقدرات الدولة على مستويات الإدارة والخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والنقل».

وأكد أن إنقاذ البلاد يقتضي السير في إطار مسار 25 جويلية باعتباره مسارًا لدولة، وليس لمسار شخصي أو جماعي. ودعا كافة الأطراف الوطنية والشعب إلى إدراك أهمية الوقوف في صف الدولة لإنقاذ ما تبقى من إمكانياتها في ظل وضع إقليمي متأزم ومعارضة داخلية لبعض التوجهات. كما أشار إلى ضرورة بناء منظومة سياسية جديدة لا تعتمد على الأحزاب كما كان الحال قبل 25 جويلية، مع التركيز على حوار يعالج الملفات الكبرى ويعيد هيكلة القطاعات الاستراتيجية.

وأشار إلى أن الشباب والشخصيات الوطنية المؤثرة، سواء في الداخل أو الخارج، يجب أن يُمنحوا فرصة للمساهمة في إعادة بناء الدولة وفق رؤية تقنية حديثة تتجاوب مع متطلبات مجتمع منفتح. كما لفت إلى دور البرلمان الذي يعمل منذ قرابة العامين على صياغة قوانين جديدة تُحدث تحولًا حقيقيًا، داعيًا إلى إطلاق ثورة تشريعية كبرى تركز على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لفتح آفاق جديدة للنهوض بالبلاد.

ثابت العابد: الوحدة الوطنية شروطها العدالة، المشاركة، والثورة التشريعية

اما النائب المستقل ثابت العابد فقد بين في تصريح لـ«الصحافة اليوم»، أن الوحدة الوطنية هي العنصر الأساسي لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في تونس. وأوضح أن تحقيق هذه الوحدة يتطلب تعزيز قيم العدالة والمساواة على أساس التعدد والاحترام المتبادل داخل المجتمع. وأشار إلى أن القيادة السياسية يجب أن تكون في قلب هذه العملية، حيث تسعى لتعزيز قيم مشتركة تكرس حقوق الجميع وتضمن المساواة بغض النظر عن الخلفيات السياسية أو الإيديولوجية.

وأضاف العابد أن الوحدة الوطنية تعتمد على تعزيز المصلحة العامة من خلال سياسات عادلة تتيح فرصًا للجميع، مع الدعوة إلى الخلاص والتقدم بناءً على المشاركة الفاعلة للجميع. كما أكد على أن هناك مؤشرات إيجابية لتحقق «ثورة تشريعية» تكرس مبدأ تكافؤ الفرص، متناولًا ضرورة أن تكون هذه الثورة ضمن إطار مقاربة تشاركية تراعي دور المنظمات والمجتمع المدني ووسائل الإعلام. وحذر من أن هذه التغييرات قد تتحول إلى مجرد تضخم تشريعي إذا لم يكن هناك حوار شفاف ودائم حول المعايير والأهداف، مشددًا على أهمية الصحافة والإعلام في الدور الحيوي للمتابعة النقدية والمشاركة الموضوعية في قضايا الشأن العام دون أي ضغط قانوني غير مبرّر.

أحمد السعيداني : ثلاثة محاور أساسية للوحدة الوطنية

من جانبه دعا  النائب أحمد السعيداني عن كتلة الخط الوطني السيادي إلى إعادة صياغة مفهوم الوحدة الوطنية بشكل يتناسب مع تحديات تونس الراهنة، مشدداً في تصريحه لـ«الصحافة اليوم»، على أن هذه الوحدة يجب أن تستند إلى رؤية وطنية صلبة ترفض أي محاولة لإعادة ما وصفه بأعداء الشعب الذين أضرّوا بالمصلحة الوطنية خلال العشرية السابقة.

وأوضح السعيداني أن الوحدة الوطنية المطلوبة تقوم على ثلاثة محاور رئيسية: حوار وطني يعالج القضايا الاقتصادية والاجتماعية الفعلية بدل الانشغال بالشعارات الحقوقية المجردة، وحوار مجتمعي شامل يبدأ من القواعد المحلية حتى البرلمان لضمان مشاركة فعالة للمواطنين بعيداً عن النخب السياسية الجامدة، ووضع خارطة طريق زمنية واضحة لتحقيق السيادة في مجالات حيوية مثل الغذاء والطاقة والصحة والصناعات الدوائية.

كما شدّد النائب على أن الحفاظ على مكتسبات 25 جويلية 2021 أمر لا يحتمل المساومة، داعياً إلى التصدي لأي ضغوط خارجية تهدد المسار السيادي لتونس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تفعيل الدبلوماسية التونسية في سنة 2025: تعزيز السيادة والتوسع الاقتصادي في مواجهة التّحديات العالمية

تواجه الدبلوماسية التونسية في سنة 2025 تحديات كبيرة تعكس التحولات الإقليمية والدولية السري…