2025-01-01

اليوم نودّع سنة ميلادية ونستقبل أخرى: بالكثير من الآمال و التطلعات…

سنة أخرى تمضي..في ظل سياق عالمي وإقليمي حيث الكل يحبس أنفاسه منتظرا لما ستؤول إليه الأمور وما ستفرزه من نتائج ستنعكس حتما على الأوضاع التي تعيشها المنطقة وتونس ليست بمنأى في كل الأحوال عن هذه العاصفة لعدة أسباب اعتباراً لموقعها ولخصوصية تجربتها مقارنة ببقية الثورات التي سارت على ركبها واستلهمت من شعب تونس قدرته على إدارة الصراع(السياسي) والخروج من بوتقة الأزمة وخطر الفتنة الداخلية بأخف الأضرار الممكنة .

ويحسب للرئيس (وحاضنته الشعبية) المرونة والقدرة على المناورة وإعادة ترتيب الأولويات بما يلبي انتظارات الشعب الذي طالما طالب بأركان وزاويا المثلث المقدس (شغل /حرية /كرامة وطنية) والذي تم وأده وقبره خلال العشرية الممتدة من 2011 إلى 2021.

ونحن نعيش الأنفاس الأخيرة من السنة الثالثة بعد طي صفحة عشرية الخراب، وفي ظل المنجز، وفي السياق الدولي الذي نعيشه، كيف يمكن تقييم ما تحقق؟ وهل كان بالإمكان أحسن مما كان؟

نودع اليوم سنة ميلادية لنستقبل أخرى بالكثير من الآمال والتطلعات. نطوي اليوم صفحة 2024 التي استوقفتنا فيها عدة أحداث بحلوها ومرّها ، ونقف سوية لنتصفح صفحات تحفظها الذاكرة مليئة بالأحداث الوطنية والاقليمية والدولية ، أسعدنا البعض منها وأحزننا البعض الآخر، لن ننسى أننا ذرفنا الدموع على غزة ومازلنا ،سنة نودّعها اليوم متطلعين إلى غد أفضل وإلى مستقبل زاهر..وكلنا أمل أن تكون 2025سنة التقدم والازدهار ..سنة استكمال مسار البناء والتشييد ،سنة يستقبلها التونسيون باحتفالاتهم المعهودة…لم تثنهم الظروف ولا الإمكانيات المحدودة من الظفر بقليل من الفرح والسعادة …سنة يستقبلونها متفائلين آملين أن يتواصل مسار البناء وان تتحقق جملة المطالب

في هذا السياق، يرى الباحث في علم الاجتماع معاذ بن نصير أن المناسبات بشكل عام تحوّلت من فضائها الروحي والديني إلى فضاء اقتصادي استهلاكي بحت في المجتمع التونسي. ونتحدث هنا تحديدًا عن مناسبة رأس السنة الميلادية التي يعيشها النسق الاجتماعي التونسي في هذه الأيام. نلاحظ أن أغلب العائلات تتجند خلال هذه الفترة للاحتفال بهذه المناسبة، مما يبرز في العديد من الممارسات الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بها.

إلا أن الإشكال يكمن تحديدًا في مضمون هذه الممارسات أو السلوكيات، حيث نشهد انخراط العديد من العائلات في نسق استهلاكي مفرط، يصل في بعض الأحيان إلى حد الاستدانة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الممارسات لا ترتبط بأي أبعاد روحية أو دينية، بقدر ما تعكس ظاهرة اجتماعية وسلوكًا جمعيًا ترسخ في المجتمع التونسي خلال السنوات الأخيرة.

هذه الظاهرة تفتح المجال أمام بعض المحتكرين أو أصحاب المحلات التجارية، مثل محلات بيع المرطبات أو الدواجن، وأحيانًا النزل، لاستغلال الوضع من خلال رفع الأسعار أو ممارسة المضاربة أو فرض شروط بيع مجحفة.

يبقى السلوك الاستهلاكي للتونسيين، بشكل عام، مرهونًا بالمناسبات التي تُثقل كاهلهم اقتصاديًا. وفي إطار التأثير والتأثر بالمحيط الاجتماعي، نجد أن بعض الأفراد يميلون إلى تقليد ممارسات الأقارب، ما يؤدي إلى الانخراط في نسق استهلاكي مبالغ فيه. يضاف إلى ذلك أن في بعض العائلات، يتحكم الأبناء في طريقة الاحتفال، سواء بالبقاء في المنزل (وهو خيار نادر)، أو بالخروج إلى المطاعم الفاخرة، التي غالبًا ما تتسم بارتفاع غير مبرر في الأسعار.

ختامًا، لنتبنَّ مقولة «لا إفراط ولا تفريط»، ونؤمن بإمكانية الاحتفال بأبسط وأجمل الطرق. فالأساس يكمن في روح العائلة، والتلاحم بين أفرادها، والمحبة التي تُغرس بينهم، فهي جوهر كل مناسبة.

في السياق نفسه يقول رئيس الجمعية التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي ان سقف الانتظارات عال ويأمل التونسيون أن تكون سنة 2025 سنة القفزة النوعية على جميع الأصعدة والمستويات وان تتحقق فيها المطالب الاجتماعية وخاصة العدالة الاجتماعية وان تتواصل المجهودات المبذولة من أجل إرجاع الدور الاجتماعي للدولة ناهيك عن مواصلة مسار العمل على تخفيف العبء على المواطن

ويشير محدثنا الى جملة الخطوات الايجابية والمجهودات المبذولة من قبل الدولة لوضع حد لمنافذ الفساد وكل من تخول له نفسه العبث بمقدرات الدولة واللعب بقوت التونسيين وكلها تتنزل في خانة التطلع الى إصلاح ما أفسده المفسدون وإعادة البناء على أسس صلبة ومتينة والتوجه نحو تحقيق الازدهار والرفاه للمواطن ….

من جهة أخرى يعتبر الرياحي ان الشعب التونسي يعرف بحبه للحياة واقتناصه لفرص السعادة وعدم التفريط فيها كلفه ذلك ماكلفه والاحتفال برأس العام كما يصطلح على تسميته أوالسنة الإدارية الجديدة يعد من العادات التي دأب عليها التونسيون وكل يحتفل بطريقته وبامكانياته المتاحة ويذهب محدثنا الى التأكيد على ان البعض يلجأ إلى السلفة والتداين في سبيل الظفر بالقليل من السعادة والفرح .. اذ يحتفل التونسيون بـالسنة الادارية الجديدة على طريقتهم، كل حسب إمكانياته وقدراته المادية، فتتعدد الأشكال والطرق، وفي النهاية يبحث الجميع عن الفرحة في مثل هذه المناسبات.

وتختلف احتفالات التونسيين بالسنة الجديدة، من جهة الى أخرى إذ تتزيّن المتاجر في المدن بالألوان الزاهية والشرائط المزركشة .وتزدهر تجارة المرطبات والدجاج والهدايا والمشروبات ببلادنا قبل توديع السنة، فتكثر طوابير التونسيين على محلات المرطبات، بحثاً عن تحلية السهرة بعد تناول «الدجاج المحمر» وأشهى المقبلات.

وتذهب اغلبية العائلات التونسية الى اقتناء المرطبات والأكلات من المطاعم، في حين تعمد عائلات أخرى الى طهي لوازم السهرة في البيت، ما يخلق ديناميكية في البلاد. دون ان ننسى ان بعض العائلات _ العائلات الميسورة تقضي عطلة نهاية السنة في الفنادق والنزل. وعادة ما تعرف المناطق الجبلية إقبالا مكثفا وحركية واضحة خلال هذه الفترة ، على غرار طبرقة وعين دراهم شمال غرب البلاد وجنوبها وعلى غرار مدن دوز وتوزر….

ويعتبر الرياحي انه رغم تهرؤ المقدرة الشرائية وارتفاع الأسعار وضعف الامكانيات الا أن العائلات التونسية كانت في الموعد للاحتفال بالسنة الإدارية الجديدة حقيقة تعكسها الديناميكية والحيوية التي تعرفها العديد من محلات بيع المرطبات بالعاصمة وبالولايات الداخلية للبلاد.

مظاهر الإحتفال يعكسها ازدهار محلات بيع الحلويات إذ يمثل الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة عادة لا يمكن التخلي عنها مهما كانت الظروف عند اغلب التونسيين. فأهل تونس ،يحتفلون على أحسن وجه رغم كل الصعوبات الاجتماعية المطروحة ورغما عن ضعف الإمكانيات ومحدوديتها…فالاحتفال برأس العام عادة دأب عليها التونسي ولا يمكنه التخلي عنها تحت أي ذريعة ويقدم التضحيات في سبيل إدخال البهجة على أفراد الأسرة. يقول الرياحي انه في ظل إجراءات إنعاش المقدرة الشرائية التي تعمل الدولة على بلوغها من خلال وضع حد لكل من تخول له نفسه التلاعب بالأسعار أو القيام بأي نوع من التجاوزات من خلال تكثيف الرقابة والى حين انفراج الأزمة وتعديل الأسعار فان التونسي يتعامل مع الأحداث ويطوعها تماشيا مع ميزانيته وحدود صمودها ويضيف محدثنا: التونسي يتحدى الأزمات ويتكيف مع الأوضاع ويحتفل «يتسلف»و«يقترض» ويتحايل مع الوضع ويشتري الحلويات ويؤجل استخلاص فواتير الماء والكهرباء وعديد الالتزامات …

من جهة أخرى اعتبر محدثنا ان التونسيين متفائلون وسقف انتظاراتهم عال وياملون أن يتواصل مسار البناء في سيرورة الاحداث وصيرورتها وان تحقق مطالبهم المتعددة والتي تشمل خاصة تحسن خدمات العديد من القطاعات على غرار الصحة بدرجة أولى والتعليم والنقل ومحاربة شطط الأسعار وتحسين خدمات المرفق العمومي والترفيع في نسب التشغيل للعيش بكرامة …

في المقابل يرى الجامعي والمختص في علم الاجتماع جلال التليلي أنه رغم الاحباط الجماعي للعديد من الفئات التي تتعايش مع واقعها ورغم اليأس في إمكانية تغيير الأوضاع على كل المستويات ورغم أن الأغلبية الصامتة ليست لديها ثقة في إمكانية التغيير ورغم العمل باستراتيجيات اخرى تتمثل في التعايش باقل التكاليف مع الواقع اليوم والبحث عن الحلول الفردية والخلاص الفردي الا أن كل هذه المعطيات لم تثن العائلات التونسية عن الإحتفال بالسنة الميلادية الجديدة مشيرا الى أنها احتفالات ذات طابع استهلاكي بحت تعكسها الطوابير في المساحات التجارية الكبرى وأمام الجزار وفي الطرقات وفي النقل هناك فزعة جماعية من قبل الجميع للاحتفال وذلك للخروج من الروتين والضغط اليومي ونسيان الوضعية الاجتماعية والاقتصادية الصعبة لفترة وجيزة ثم العودة إلى اليوميات المعهودة بعد ذلك ويامل محدثنا ان يكون القادم أفضل..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في إطار برامج الإدماج الاقتصادي : 151 إشعار بالموافقة على تمويل مشاريع جديدة

في إطار تكريس الخيارات التنمويّة المرسومة من قبل رئيس الجمهورية ومواصلة دعم أسس الدولة الا…