ما تزال آفة التجارة الموازية تنخر الاقتصاد الوطني رغم المقترحات المختلفة الحكومية منها و غير الحكومية لمكافحة هذه الظاهرة التي تكبد الدولة خسائر مالية كبيرة بلغت قيمتها 5.45  مليار دينار من عائدات الضرائب سنويا .

وقد شددت  وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية في تصريح لها نهاية الأسبوع المنقضي على أهمية التصدي لما وصفته بآفة السوق الموازية، مؤكدة على أن ذلك لا يكون فقط من خلال نص تشريعي أو مدة محددة بل هو مجهود متواصل يجب أن تنخرط فيه جميع الأطراف بما في ذلك المواطن من خلال سلوكه تجاه هذه الظاهرة مشيرة إلى أن الحكومة قد شكلت لجنة تعمل على إيجاد الحلول للتصدي لظاهرة السوق الموازية، لافتة إلى أن قانون المالية لسنة 2025 تضمن عدة إجراءات للتشجيع على إدماج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد المنظم من بينها توسيع مجال المبادر الذاتي ليشمل عديد الأنشطة وإقرار ضريبة على البيوعات عبر الانترنات.

و في الواقع تعددت القطاعات التي تنشط في القطاع الموازي إذ يستأثر جزء كبير من القطاع الزراعي بالخسائر الناجمة عن هذا النشاط غير المنظم إذ تشير الأرقام أنها بلغت ما يناهز 90 بالمائة من إجمالي  القيمة السوقية المضافة  للقطاع فيما تبلغ نسبة القطاع غير الرسمي في النشاط الصناعي 20.8 بالمائة أما قطاع الخدمات فتبلغ الأنشطة غير المنظمة فيه حوالي 40 بالمائة من نشاطه.كما عرفت التجارة الإلكترونية بدورها تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة ليسـتأثر النشاط الموازي بنصيب هام من نشاطها و الذي تقدره الأرقام التي نشرتها الغرفة الوطنية للتجارة الإلكترونية و البيع عن بعد بـ 70 بالمائة من مجموع المعاملات في هذا القطاع  حيث  تعادل قيمتها 140 مليون دينار .كما بينت دراسة تقييمية  أنجزتها وزارة التجارة سنة 2021 أن 80 بالمائة من معاملات التجارة الإلكترونية تتم نقدا من خلال الدفع عند التسليم عبر شركات ناشطة في مجال نقل الطرود و هذا يعني أن 80 بالمائة من المدفوعات هي خارج مجال مراقبة الدولة و استفادتها .

و ينص مشروع القانون الذي اقترحه البرلمان لتنظيم التجارة الإلكترونية على أن الناشطين بالتجارة الإلكترونية مطالبون بسحب كراس شروط من وزارة التجارة لممارسة نشاطهم حيث تشمل كراسات الشروط مجمل أعمال التجارة الإلكترونية مع تحديد سن أدنى لا يقل عن 18 سنة عند ممارسة هذا النشاط .كما يحمي مشروع القانون المستهلك عبر حماية معطياتهم الشخصية و منحهم الحق في التبليغ عن الغش و التضليل الذي تصل عقوبته إلى حجب الموقع . و تجدر الإشارة إلى أن  نواب البرلمان كانوا قد صادقوا  خلال انعقاد جلسة عامة موفى شهر نوفمبر المنقضي ، على الفصل 59 معدلا ،بغاية ادماج جزء هام من المبادر الذاتي في القطاع المنظم، و الجدير بالذكر  أنّ نظام المبادر الذاتي يتضمن مزايا تفاضلية وامتيازات جبائية واجتماعية لفائدة العاملين في القطاع غير المهيكل من أجل تحفيزهم على الاندماج في القطاع المهيكل حيث أعلنت وزارة التشغيل في شهر نوفمبر المنقضي عن وضع منصة إلكترونية تسمى منصة المبادر الذاتي و التي تندرج   ضمن سياسة الدولة لإرساء البعد الاجتماعي وتحرير الطاقات والمبادرة، وضمان العدالة الاجتماعية.

و يتضمن «المبادر الذاتي» نظاما جبائيا مبسطا مخصصا لبعث مشاريع فردية ويمكن لكل شخص طبيعي يمارس نشاطا بصفة فردية في قطاعات الصناعة والتجارة والحرف والخدمات والصناعات التقليدية الإندماج فيه .

يذكر أن وزارة المالية كانت قد شكلت لجنة قيادة برنامج إدماج القطاع الموازي و التي  عقدت أولى جلساتها مع بداية السنة الجارية حيث خصص اجتماعها الأول لوضع خارطة طريق للجنة القيادة لإيجاد السبل والإجراءات الكفيلة بإدماج القطاع الموازي ضمن الدورة الاقتصادية المنّظمة وتوفير عائدات مالية لخزينة الدولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

احتياطي تونس من العملات الأجنبية يرتفع إلى 27 مليار دينار

ارتفع احتياطي  تونس من العملة الأجنبية  مع نهاية سنة 2024 إلى قرابة 27 مليار دينار وهو ما …