2024-12-29

النص التشريعي وحده غير كاف للقضاء عليه : الحكومة تقرّ عددا من الاجراءات لإدماج الاقتصاد الموازي ضمن الدورة الاقتصادية

مثّل الاقتصاد الموازي والمجهودات الحكومية المبذولة للتصدي له احدى النقاط التي تطرقت اليها سهام البوغديري نمصية وزيرة المالية في الجلسة العامة التي عقدها أمس الأول مجلس نواب الشعب للنظر في مشروع قانون يتعلق بالموافقة على الملحق التعديلي لعقد القرض المبرم بين البنك المركزي التونسي باسم ولفائدة الدولة التونسية والبنك الإفريقي للتوريد والتصدير لتمويل ميزانية الدولة.

وكانت الجلسة مناسبة ذكّرت فيها وزيرة المالية بالإجراءات التي تضمنها قانون المالية لسنة 2025 والرامية الى إدماج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد المنظم من بينها توسيع مجال المبادر الذاتي ليشمل عديد الأنشطة وإقرار ضريبة على عمليات البيع عبر الأنترنات. وأكدت الوزيرة على ان التصدي للسوق الموازية التي وصفتها بالآفة يتطلب مجهودا متواصلا تنخرط فيه جميع الأطراف بما في ذلك المواطن، خاصة وان النص التشريعي وحده غير كاف للقضاء على هذه الظاهرة التي شكلت الحكومة لجنة للعمل على إيجاد الحلول الكفيلة بمقاومتها.

ويعتبر الإيمان بضرورة إدماج القطاع الموازي ضمن الاقتصاد المنظم ليقوم بواجباته الجبائية ويساهم في دعم موارد ميزانية الدولة منطلقا لمختلف المجهودات المبذولة من قبل الدولة، التي تسعى الى تعزيز إمكانياتها وتكريس سياسة التعويل على الذات والتقليص من اللجوء إلى المديونية، خاصة وان كل الدراسات والاحصائيات أكدت تنامي الاقتصاد الموازي في السنوات الأخيرة ممّا كلف الاقتصاد الوطني خسائر فادحة. وقد كشفت وزارة المالية أن الاقتصاد الموازي يمثل حاليا حوالي 40 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، أي حوالي 66 مليار دينار من إجمالي الناتج الداخلي الخام. كما تم إحصاء حوالي مليون و600 ألف ناشط في القطاع الموازي.

وللتقليص في حجم الاقتصاد الموازي وعدد العاملين فيه وللتخفيف في حجم الخسائر المالية المتسبب فيها للاقتصاد الوطني نص مشروع قانون المالية لسنة 2025 على عدد من الإجراءات الهامة من بينها إحداث خط تمويل بقيمة 10 ملايين دينار على موارد الصندوق الوطني للتشغيل لفائدة الباعثين المنخرطين في نظام المبادر الذاتي. وسيخصص خط التمويل، الذي سيعهد التصرف فيه إلى البنك التونسي للتضامن، لفائدة إسناد قروض بشروط تفاضلية لا تتجاوز 15 ألف دينار للقرض الواحد، لتمويل أنشطة في كافة المجالات الاقتصادية خلال الفترة الممتدة من غرة جانفي الى 31 ديسمبر 2025، على أن يتم تسديد هذه القروض على مدى أقصاه سبع سنوات منها سنتان إمهال.

وفي هذا الإطار تم في نوفمبر الماضي إطلاق منصة «المبادر الذاتي» كآلية لتمكين المعنيين بهذا النظام من الانخراط فيه باعتباره مشروعا وطنيا يرمي الى تكريس توجهات رئيس الجمهورية لتحقيق التكامل بين القطاعين العام والخاص وتحرير المبادرة الخاصة وتوفير الأطر اللازمة لتثمين الطاقات الإبداعية التي من شأنها أن تحقق الإدماج الاقتصادي والاجتماعي لآلاف التونسيين من أصحاب المبادرات الذاتية في عدد من الأنشطة والمهن.

وبمقتضى ما نص عليه قانون المالية لسنة 2025 فان الانخراط في نظام المبادر الذاتي يخوّل لباعثي المشاريع الفردية الانتفاع بجملة من الحوافز التمويلية والجبائية والمرتبطة بالحماية الاجتماعية إلى جانب برامج التكوين والمرافقة في مختلف مراحل إرساء مشاريعهم. ومن المنتظر توسيع مجال تطبيق نظام المبادر الذاتي ليشمل الخدمات في المجال الرقمي الإبداعي على أن تضبط قائمة هذه الخدمات بمقتضى أمر.

كما انه في إطار مكافحة التهرب الضريبي وإدماج الاقتصاد الموازي، سيتم إلزام مسدي خدمات توصيل السلع والمنتجات عبر الانترنات أو عبر وسائل التواصل السمعي والبصري بالقيام بخصم من المورد بنسبة 3 بالمائة على المبالغ المستخلصة من الحرفاء والراجعة للأشخاص، الذين يتولون بيع السلع والمنتجات المذكورة، والذين لا يستظهرون بمعرف جبائي.

وبهكذا جملة من الإجراءات وعدد آخر من الإجراءات التي نص عليها قانون المالية لسنة 2025، من المؤمل الحدّ من ظاهرة الاقتصاد الموازي من جهة وإدماج نسبة هامة منه ضمن الدورة الاقتصادية المنظمة. كما سيتمكن جميع التونسيات والتونسيين الراغبين في ممارسة نشاط بصفة فردية من جهة اخرى من التمتع بامتيازات اجتماعية وجبائية ومالية وذلك في إطار سعي الدولة الى تحقيق إدماجهم اقتصاديا واجتماعيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في لقائه برئيسي مجلس النواب ومجلس الجهات والأقاليم رئيس الجمهورية يؤكد على سنّ القوانين ذات  البعد الاقتصادي والاجتماعي

في لقاء متجدد جمعه أمس الأول برئيسي مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، أكد ر…