على أعتاب السنة الجديدة : وحدة التونسيين والسيادة الوطنية رهاننا الأكبر
ونحن على أعتاب سنة جديدة من حقنا ان نعلّق عليها آمالنا ونحلم بغد أفضل لنا ولأبنائنا كما دأبنا دوما في مثل هذه المناسبات ومن واجبنا ان نقوم بالمراجعات الذاتية والجماعية أيضا حتى ندرك ما يجب علينا ادراكه وحتى نستطيع تحديد أهدافنا ونوايانا التي هي المحفز الأساسي للفعل والإنجاز.
وإذا كان هذا حالنا كأفراد فإن الوضع يختلف الى حد ما عن حالنا كمجتمع ودولة لأن الأمر يتطلب عقلنة أكثر في النظر الى الأهداف المعلنة والمراجعات الضرورية ونحن على أبواب السنة الجديدة. وربما لهذا دأب اغلب الفاعلين السياسيين خاصة في نادي الديمقراطيات العريقة على اطلالة سنوية على شعوبهم للتهنئة وإعلان النوايا والاهداف في رأس السنة. وهي من التقاليد التي لا محيد عنها في هذه البلدان.
وبالنسبة إلينا اختار رئيس الجمهورية قيس سعيّد تهنئة الشعب التونسي بالسنة الميلادية الجديدة والتقدم بأطيب التمنيات له لدى اشرافه على اجتماع مجلس الوزراء إذ توجه بكلمة استهلالية حملت بعض العناوين الدالة من بينها الرجاء بسيادة الحرية والعدالة في المجتمع واشباع انتظارات التونسيين في التنمية والكرامة.
وأعلن رئيس الدولة على أن السنة الجديدة ستكون سنة الرهانات الكبرى والتحديات المهمة والعمل على تحقيق آمال التونسيين على أرض الواقع.
وأشار الرئيس قيس سعيّد الى السياقات الحالية التي يعيشها العالم اليوم في ظل أحداث متسارعة وغير مسبوقة والتي لابد من مجابهتها بوحدة وطنية صماء تتكسر على جدارها على المحاولات اليائسة لضرب الاستقرار.
ولفت الانتباه الى أنه على كل مسؤول مهما كان منصبه أو درجة مسؤوليته ان يكون مثالا في العطاء وفي التعفف فالمسؤولية أمانة وليست أريكة يجلس عليها من تم ائتمانه على حملها. فنحن في حرب تحرير وطني نخوضها بعقلية الجندي على جبهة القتال.
وأنه تم الاختيار على التعويل على الذات فتونس تعج بالخيرات وتعج أيضا بالكفاءات ولن تنحني رؤوسنا إلا لله تعالى وحده.
إذن من خلال هذه الكلمة التي ألقاها رئيس الجمهورية مهنئا الشعب التونسي بمناسبة السنة الميلادية الجديدة نستشف أمرين مهمين ينبغي التوقف عندهما وهما جوهر الفكر السياسي في هذه المرحلة وهما أيضا العنوان الدال عن تفاصيل الفترة القادمة.
فالرؤية الحالية تقوم على ضرورة مجابهة التحديات بوحدة وطنية صلبة دونما ثغرات تفتح المجال لولوج كل الراغبين في زعزعة الاستقرار الوطني والسلم الأهلي في البلاد. فهذه الوحدة كفيلة بجعلنا نتجاوز كل المراحل بأمان وان نستفيد من تجارب الآخرين ونستخلص العبر والدروس ونحن نتأمل ما يحدث حولنا من تحولات رهيبة وغير متوقعة.
وهذا ما يتطلب منا جميعا التفافا حول الراية الوطنية وإعلاء المصلحة العليا للوطن وعدم السماح لصناع الفتن والصائدين في المياه العكرة بالتأثير علينا سلبا عبر نشر الاشاعات أو اشعال فتيل الخلافات والبحث عن أسباب واهية لضرب هذا الانصهار بين التونسيين، لاسيما بعد ان عاش الشعب التونسي تجارب صعبة لاشك أنه تعلّم منها ولم يعد من السهل ان تنطلي عليه الحيل والدسائس.
كما تقوم الخيارات الحالية على فكرة مركزية وهي التعويل على الذات بكل ما يحمله هذا المصطلح من معان وما يختزله من رمزية فالرهان على السيادة الوطنية الذي ما فتئ رئيس الدولة يؤكد عليه في كل مناسبة هو جوهر الفكر السياسي وفلسفته في المرحلة الراهنة وهو الرهان الأسلم حتى لا يكون قرارنا السياسي مرتهنا إلى الآخر وحتى لا يكون مصيرنا مرتبطا «بأمزجة» قادة هذه العاصمة أو تلك لأن الأحداث علّمتنا انه من الحكمة ان نكون سادة قرارنا. وقد شاهدنا مآل بعض البلدان التي راهنت على الغير وتركت له زمام الأمور فكانت العواقب وخيمة.
«ضرورة اختصار كل ما هو إجرائي لإنجاز المشاريع المعطّلة» لا مجال للتّراخي..تونس لم تعد تحتمل الإنتظار..
إلى متى يتواصل هذا التراخي بشأن المشاريع الكبرى التي من شأنها تغيير الكثير من حياة التونسي…