مما لاشك فيه ان الشباب عماد الأمم وصانع مستقبلها والاهتمام بهذه الفئة العمرية هو أهم استثمار ممكن ان توجه له الدولة عنايتها.
ولأن هذه المرحلة بالذات من العمر يكون الفرد فيها متمتّعا بالطاقة والحماس فإن هناك الكثير المجالات التي يجد فيها نفسه واولها بالتأكيد فضاءات التربية والتعليم من المعاهد الثانوية الى الجامعات ومراكز البحوث والدراسات والتكوين في المهن والمهارات الى جانب الرياضة بكل اصنافها ثم الثقافة والفنون أيضا بمختلف انماطها هذا دون ان نغفل عن فضاءات الشغل حيث يلتحق الكثير من الشبان بالعمل ويدخلون معترك الحياة لخوض تجربتهم الشخصية.
وعلى هذا الأساس يتطلب الرهان على الشباب الاهتمام بأكثر من مجال والانكباب على اكثر من حقل للإحاطة بهذه الشريحة المهمة.
والحقيقة ان السياسات التونسية في العقود الأخيرة قد تراوحت ما بين اهتمام شكلاني تقريبا بالشباب ارتكز بالأساس على مجالات الترفيه واهمال شبه تام خاصة في المرحلة التي عقبت 14 جانفي 2011.
وربما لهذه الاعتبارات لاحظنا تفاقم الإشكاليات المتصلة بالشباب وبروز ظواهر اجتماعية شبابية بامتياز من بينها تنامي البطالة والفقر في صفوف هذه الفئة العمرية ثم الاقدام على الهجرة بنوعيها القانوني وغير النظامي حيث يعمد أصحاب الكفاءات والمهارات الى البحث عن فرص عمل فيهاجرون بعقود قانونية ويلجأ من لا تتوفر فيه هذه القدرات ولا يجد سبيلا للمغادرة الى عملية الحرقة.
هذا دون ان نغفل عن مشاكل التسرب المدرسي والانحراف وتفاقم العنف في صفوف الشباب وغيرها من القضايا المتصلة بهذا الشأن والتي كتبت بخصوصها عديد الدراسات في علم النفس والسوسيولوجيا وعلم النفس الاجتماعي.
ويبدو ان الدولة في اللحظة الراهنة واعية تمام الوعي بأهمية الاستثمار في هذه الفئة العمريةوتسعى جاهدة الى ادماجها في المجتمع من أجل ان تكون فاعلة وبمنأى عن الظواهر الخطيرة وحتى تنخرط في مسار البناء.
وهذا ما بدا واضحا من خلال حديث رئيس الجمهورية قيس سعيّد مع وزير الشباب والرياضة السيد الصادق المورالي لدى لقائهما في قصر قرطاج حيث تم التأكيد من قبل رئيس الدولة على ضرورة الإسراع بترميم عديد المنشآت التي وقع تخريبها وتحولت الى أماكن مهجورة لا يرتادها الا المنحرفون على غرار مركز الاصطياف والتخييم بالحبيبية الذي تم تشييده في أواخر السبعينات كمركز للترفيه على امتداد 21 هكتارا وتحيط به بحيرة اصطناعية . وكذلك نزل خليج الحمامات الذي كان من افضل الفضاءات للشباب والعائلات إذ تتوفر فيه كل المرافق.
والأكيد أن هذه المنشآت التي وقع الاستشهاد بها هي من قبيل المثال وليس الحصر فهناك مكاسب كثيرة للشباب تم التفريط فيها سواء بالإهمال والتقصير او بالتخريب المتعمد وبعضها اندثر نهائيا. وهي تحيل على الإرث المتمثل في مجموعة من المكاسب التي تم توفيرها للشباب في العقود التي تلت الاستقلال الوطني والتي كان يمكن استغلالها والمحافظة عليها ودعمها بمنشآت جديدة لكن هذا لم يحدث. وهي تؤكد أهمية الشباب في فكر الفاعل السياسي إبان مرحلة بناء الدولة وهو الذي احتل مكانة كبرى في فلسفة سياساتها وهو ما يبدو متكررا اليوم في المشهد السياسي الحالي مع وجود إرادة من قبل أعلى هرم السلطة للإهتمام بهذه الفئة العمرية المهمة وتوفير كل الفرص المتاحة لها من أجل انخراطها في مرحلة التأسيس الجديد لتشييد مستقبل أفضل لتونس وهي به جديرة.
ولأن الرياضة ترتبط عضويا بالشباب تقريبا فمن الطبيعي ان يكون الحديث حولها عندما نطرح قضايا هذه الفئة العمرية المهمة وهو ما تجلى أيضا في الاجتماع المذكور بين رئيس الدولة ووزير الشباب والرياضة، إذ تم التطرق الى مشروع قانون الهياكل الرياضية الذي يجب ان يوضع وفق معايير موضوعية هدفها الاسمى النهوض بالرياضة وإعلاء راية الوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

المغرب العربي في سياق التحولات الكبرى..

ما بين تنظير المنظّرين وحسابات السياسيين ظلت فكرة المغرب العربي تتأرجح وما بين مشيئة التار…