2024-12-22

ناشطات نسويات لـ«الصحافة اليوم» : الهشاشة الاقتصادية للمرأة ساهمت في جعلها ضحيّة للعنف

مازال التمكين الاقتصادي مطلبا ملحّا للعديد من النساء اللاتي لازلن يعانين الى يومنا هذا من أوضاع اجتماعية واقتصادية هشة مما ساهم بدرجة كبيرة في تعرضهن إلى شتى أصناف العنف وفي مقدمته العنف الزوجي والأسري.
وتشير في الصدد السيدة حبيبة العسكري النائبة الجهوية للاتحاد الوطني للمرأة ببن عروس في حديث لـ« الصحافة اليوم» على هامش اختتام الأيام الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة بأن النساء أصبحن اليوم يتعرضن في حياتهن اليومية إلى انواع مختلفة من العنف وفي صدارتها العنف الزوجي والأسري والعنف في الفضاء العام.
مضيفة بأن الهشاسة المادية وعدم تمكين المرأة اقتصاديا هو ما جعلها تكون معرضة دائما الى العنف انطلاقا من البيت وصولا إلى الفضاء العام ولاسيما في وسائل النقل، كما بينت محدثتنا بأن سيطرة النزعة الذكورية في ثقافة الاسرة وانعدام المساواة بين الجنسين كلها قيود مازالت تلاحق المرأة رغم وجود ترسانة كبيرة من القوانين لحمايتها وفي مقدمتها القانون عدد 58 لسنة 2017 الذي لم يفعل بالقدر الكافي على أرض الواقع نتيجة الاخلالات التي تشوبه خاصة على مستوى الآليات والتراتيب .
لذلك دعت الناشطة النسوية إلى ضرورة مزيد التعريف بهذا القانون في الوسط المجتمعي وبلغة بسيطة حتى يفهمها كل المواطنين وخاصة النساء منهم كما دعت أيضا إلى ضرورة ادماج ثقافة او محور المواطنة في البرامج الرسمية وذلك لمزيد التحسيس والتوعية بأهمية المساواة بين الجنسين وبمكانة المرأة في الأسرة والمجتمع..
بدورها اكدت السيدة سلوى كشك ناشطة نسوية والكاتب العام بالنيابة لاتحاد المرأة ببن عروس في حديث لـ« الصحافة اليوم» على ضرورة مناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة ونشر ثقافة المساواة لاسيما داخل المحيط الأسرى الذي لايزال في نظرها مكبلا بالنزعة الذكورية والأنا المتعالية للرجل التي جعلت من المرأة مستهدفة دوما بشتى أنواع العنف مضيفة أيضا بأن عديد النساء أصبحن نتيجة هذه العقلية يستبطن العنف ويتجلى ذلك في رفض أو تردد العديد من الضحايا منهن في التوجه إلى الوحدات المتخصصة للإبلاغ عن العنف الذي يتعرضن له من قبل الزوج أوالأب أوالأخ.
وكان الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، قد دعا إلى مزيد التطبيق الفعلي لمقتضيات القانون الأساسي عدد 58 المتعلق بمناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة للحدّ من انتشاره ونشر ثقافة احترام الحقوق الإنسانية للنساء واتباع مناهج للحدّ من تداعياته الخطيرة على الأسرة والمجتمع. كما نبه في بيان له إلى ضرورة تكثيف أساليب مقاومة الجريمة ضد النساء والفتيات في تونس مقاومة قانونية وسوسيولوجية وثقافية، والصرامة في تطبيق الأحكام الزاجرة التي تحدّ من انتشار الجريمة وبصفة خاصة جرائم العنف السيبرني ضد المرأة.
وطالب بمواصلة العمل على تطوير العقليات سواء لدى النساء أو الرجال لمقاومة النزعة الذكورية السائدة في مختلف أوساط المجتمع والقضاء عليها باعتبارها العائق الحقيقي والملموس الذي مازال يعوق المرأة.
أرقام مقلقة
وكشفت دراسة ميدانية أعدها الاتحاد الوطني للمراة التونسية أن العنف المسلط على النساء شهد خلال الثلاث سنوات الأخيرة « منعطفا خطيرا ببروز جرائم التقتيل العمد حيث ارتفع عدد النساء ضحايا هذا الشكل الجديد من العنف إلى 25 حالة سنة 2023 مقابل 15 حالة سنة 2022».
لذلك اوصت هذه الدراسة التي وضعت تحت شعار « سكاتنا قاتل » وتم الاعتماد فيها على شهادات 179 إمرأة ممن اتصلن بالاتحاد الوطني للمرأة التونسية وابلغن عن تعرضهن للتهديد بالعنف والقتل منذ سنة 2023 والى غاية شهر اوت 2024، بأهمية مضاعفة جهود توعية وتحسيس الهياكل المعنية بأهمية تفعيل النصوص القانونية وتبسيط الاجراءات الإدارية لتيسير شروط التعهد بحالات العنف المسلط على النساء والتفكير سويّا في الوسائل الفعلية الواجب اللجوء إليها للحد من انتشار هذه الظاهرة والعمل على تغيير العقلية الذكورية في المجتمع وضرورة القطع مع النظرة الدونية للمرأة والتي تطبّع مع ثقافة العنف وتيسير إدماج المعتدين في محيط يحترم حقوق النساء والفتيات وضرورة إقرار مجموعة من الإجراءات التي تسهل تطبيق القانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة خاصة إقرار وجوبية الإعانة العدلية وتفعيل الفصول القانونية الواردة في هذا القانون والمتعلقة بمطلب الحماية والتأكيد على ضرورة البت فيه بشكل أسرع. كما كشفت الدراسة عن صعوبات عديدة تعترض محاولات معالجة هذه الظاهرة ومن بينها طرق تفعيل القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 وصعوبة الحصول على اعانات عدلية لان اغلب الضحايا من مستوى اقتصادي واجتماعي محدود ولا قدرة لهن على تعيين محامين، ورفض المصالح المعنية اصدار قرارات حماية لفائدة النساء المعرضات للتهديد بالقتل وهذا الرفض يضعف من عملية التعهد بالضحايا.
كما تشمل هذه الصعوبات التراخي في تطبيق إجراءات الحماية، والتي تتضمن أساسا إبعاد القائم بالعنف عن محل الزوجية ومنعه من التعرض للضحية في مقر سكناها أو عملها، حيث يبقى هذا الإجراء غير كاف بالمرة، وما يحصل في الواقع، أنه في غالب الأحيان، يُطلب من الزوج أن يُوقّع على تعهّد في مركز الأمن بعدم التعرض لها وعمليا لا توجد أي آلية للتأكد من أنه التزم بذلك وهذا ما حصل في معظم حالات القتل، إذ يعود المعتدي إلى مقر سكن الضحية أو إلى محل الزوجية للانتقام منها وقتلها لأنها رفعت شكوى ضده بالعنف أوطالبت بالطلاق، وفق نفس الدراسة.
وكشفت بيانات الاتحاد الوطني للمرأة بان التهديد بالقتل يسلّط في مرتبة الأولى على الشريحة العمرية بين 51 و60 سنة بنسبة 36 بالمائة ثم تليها ما بين 41 و50 سنة بنسبة 22 بالمائة وتليها الفئة العمرية بين 31 و40 سنة بنسبة 16 بالمائة وبينت الدراسة أيضا أن اغلب الضحايا إما في وضعية اقتصادية هشة (تبعية اقتصادية للزوج أو الأب أو الأسرة) أو تتقاضين أجرا زهيدا لا يفي بالحاجيات ولا يسمح بالاستقلالية الذاتية فضلا عن ان معظم الضحايا يعتقدن ان التضحية من اجل الحفاظ على استقرار أسرهن وأبنائهن واجب مقدس رغم العنف المسلط عليهن، ويعود ذلك إلى التنشئة الاجتماعية والموروث الثقافي السائد.
كما اشارت الدراسة الى ان النسبة الأكبر من النساء ضحايا العنف لهن مستوى تعليمي محدود، حيث بلغت نسبة النساء ضحايا العنف اللاتي لهن مستوى تعليم ثانوي 28 بالمائة ومستوى تعليم ابتدائي نسبة 24 بالمائة والاميات نسبة 17 بالمائة، مبرزة أن استفحال ظاهرة التهديد بالقتل يرتبط ارتباطا وثيقا بضعف المستوى التعليمي، الذي يترتب عنه جهل الضحية بالحقوق التي يكفلها لها القانون بينما الضحايا من صاحبات المستوى التعليمي الجامعي والبالغة نسبتهن 19 بالمائة فهن أقل عرضة للعنف، حيث تبين انه كلما ارتفع المستوى التعليمي كلما تيسر على المرأة الولوج إلى الهياكل المختصة أوالإجراءات القانونية الكفيلة بحمايتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

موجّه للأطفال واليافعين والأسرة خلال العطلة : وزارة الأسرة تطلق برنامجا وطنيا تنشيطيّا وترفيهيّا

أعلنت وزارة الأسرة امس الجمعة انها ستشرعُ في إطلاق برنامج وطني تنشيطيّ وترفيهيّ ووقائيّ مك…