ارتفاع أسعار الملابس المستعملة في تونس : «الفريب» بين الضرورة والغلاء
في أسواق تونس المكتظة، حيث أكوام الملابس المستعملة تتكدس، تروي مشاهد الحياة اليومية حكاية جديدة عن «الفريب» حيث كان الملاذ الوحيد لذوي الدخل المحدود وقد أصبح هو الآخر عرضة لارتفاع الأسعار، في وقت أصبحت فيه الملابس الجديدة بعيدة المنال بالنسبة الى عدد كبير من التونسيين .
لقد كان سوق الملابس المستعملة «الفريب» في تونس بمثابة متنفس للأسر المتوسطة والفقيرة، حيث نجد في هذه الأسواق قطعًا مميزة بأسعار تناسب المقدرة الشرائية لأغلب التونسيين لكن اليوم يبدو أن هذا الخيار بدأ يفقد جاذبيته المعتادة بسبب ارتفاع الأسعار الذي لم يترك مجالا إلا وأثر عليه .
وتقول ناجية بن سعد احدى الحريفات في سوق الفريب بباب الخضراء وهي تتفحص سعر سترة جلدية «في الماضي، كنا نشتري ملابس جيدة من هنا بأسعار معقولة لكن اليوم، أصبحت الأسعار تنافس المحلات العادية وكأننا لم نعد في سوق للملابس المستعملة».
ورغم هذا الارتفاع يظل «الفريب» الخيار المفضل لدى العديد من التونسيين وجزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية فهو يمثل بالنسبة للكثيرين أملًا في مواجهة غلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية.
اما سلوى وهي أم لثلاثة أطفال، فتقول وهي تحمل أكياسًا ممتلئة «لا أستطيع شراء الملابس الجديدة لأطفالي فهي غالية الثمن. وحتى لو ارتفعت أسعار الفريب، فإنها تبقى أقل تكلفة من المحلات التجارية» .
ويعتبر بعض الشباب ان «الفريب» فرصة للحصول على ملابس ذات جودة عالية أو قطع من ماركات عالمية بأسعار أقل نسبيا. اذ تؤكد سمر نفاتي وهي طالبة جامعية قائلة «الفريب ليس مجرد سوق للملابس الرخيصة، بل هو مكان أجد فيه قطعا فريدة لا يمكن العثور عليها في المحلات. صحيح أن الأسعار ارتفعت، لكنني أبحث حتى أجد ما يناسبني من حيث السعر والجودة» .
ولا يقتصر ارتفاع الأسعار على الزبائن فقط، بل يؤثر أيضا على التجار أنفسهم. اذ يقول لطفي تاجر ملابس مستعملة «نواجه ارتفاعًا كبيرا في تكلفة الحصول على الملابس المستعملة. الأسعار في الخارج تضاعفت، كما أن الضرائب والأداءات زادت بشكل كبير، نحن نحاول أن نحافظ على حرفائنا، لكننا مجبرون على رفع الأسعار لتغطية التكاليف» .
تراجع الإقبال
في المقابل ، تعاني المحلات التي تبيع الملابس الجديدة من تراجع كبير في إقبال المواطن لان الأسعار مرتفعة مقارنة بمداخيل المواطن التونسي ما جعل هذه المحلات شبه خالية. وحسب الأرقام فان نسبة كبيرة من التونسيين أصبحت تعتمد على الفريب كخيار أساسي . ويقول أشرف جمازي وهو عامل بأحد المحلات التجارية لبيع الملابس الجديدة في العاصمة«المبيعات انخفضت بشكل كبير. فاغلب الناس يتجهون إلى الفريب لأنهم لا يستطيعون تحمل أسعار الملابس الجديدة. حتى خلال فترات التخفيضات، لا نرى الإقبال الذي اعتدنا عليه في السابق».
لقد أصبح «الفريب» اليوم يعكس بوضوح واقع التحديات الاقتصادية التي يواجهها التونسيون. فالغلاء لا يترك خيارا للعديد من العائلات سوى اللجوء إلى هذه الأسواق، رغم أن أسعارها لم تعد كما كانت في السابق. ولا شك ان الارتفاع المستمر في الأسعار يشير إلى أزمة اقتصادية أعمق. بالنسبة للتونسيين فالفريب لم يعد مجرد خيار، بل ضرورة معيشية. وقد بدأ هذا الملاذ يفقد دوره كحل اقتصادي بسبب غلاء الأسعار .
«طعامك هو دواؤك» : وزارة الصحة تحذّر من الأطعمة فائقة المعالجة
في خطوة تهدف إلى تعزيز الوعي الصحي بين المواطنين، أصدرت وزارة الصحة التونسية بلاغا تحذيري…