كل التفاصيل عن قانون الشيكات الجديد : تحدّيات في التطبيق… في غياب وسيلة دفع بديلة..!
منذ الانطلاق في تطبيق قانون الشيكات الجديد، الذي يُعتبر وسيلة دفع متداولة على نطاق واسع بين المواطنين والتجار وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، نشأت حالة من الفوضى والتململ، خصوصًا في ما يتعلق بالبحث عن بدائل لهذه الوسيلة في المعاملات اليومية. إلا أن الإشكال الأكبر يكمن في عدم توافر وسيلة دفع بديلة فعالة، مما يزيد من التحديات. وحتى العودة إلى استخدام الكمبيالة لن تكون كافية حسب بعض الخبراء الاقتصاديين، حيث إن هذه الوسيلة هي الأخرى تواجه صعوبات تتعلق بإجراءات الاستخلاص التي تستوجب أمرًا بالدفع ولا تكفل ضمان الحقوق بشكل سريع وفعّال.
ودخل قانون الشيكات الجديد حيز النفاذ في 2 أوت 2024، بهدف تنظيم استخدام الشيكات والتعامل مع الشيكات دون رصيد، من اجل تحقيق توازن بين حقوق الدائنين والمدينين. وتم إلغاء تجريم إصدار شيك دون رصيد إذا كانت قيمته تقل عن 5000 دينار، وأدخل القانون تعديلات لتعزيز الشفافية والمرونة في التعاملات المالية.
ومن المقرر تفعيل المنصة الرقمية للتحقق من أرصدة الشيكات في 2 فيفري 2025، مما سيسهم في تحديث النظام المصرفي. لكن تطبيق القانون يواجه تحديات، أبرزها تأخر انخراط البنوك وضعف وعي المواطنين بالأحكام، مما يتطلب توعية واسعة.
القانون يتضمن تعديلات مثل فتح حسابات خاصة بالشيكات لدى البنوك وتحديد سقف زمني لاستخدام الشيكات بمدة لا تقل عن 6 أشهر. كما يتيح تسوية النزاعات عبر دفع جزء من المبلغ المستحق أو التوصل إلى اتفاقيات قانونية. والهدف من التعديلات هو تحويل الشيك إلى وسيلة دفع فورية وتعزيز الشفافية وتقليل التعامل بالنقد.
في سياق التطبيق، يواجه القانون الجديد تحديات تتعلق بتهيئة البنوك والمواطنين للتكيف مع التعديلات الجديدة، خاصة ما يتعلق باستخدام المنصة الرقمية. وأثار الفاعلون الماليون مقترحات بالتحول إلى أدوات مالية بديلة مثل الكمبيالات والتحويلات البنكية لتقليل الاعتماد على الشيكات التقليدية.
كما شدد القانون على فرض عقوبات صارمة على البنوك التي تخل بالإجراءات، بما يشمل إنذارات وغرامات قد تصل إلى ٪10 من رأس المال الأدنى للبنك، مع مضاعفة العقوبات في حال تكرار المخالفات، ما يعكس جدية التطبيق وتعزيز الشفافية والامتثال.
وأمام هذه التحديات، أعلن ظافر الصغيري مقرر لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب، في حديث لـ«الصحافة اليوم»، عن تشكيل لجنة برلمانية مصغرة ضمن لجنة التشريع العام، تتألف من أربعة نواب، بهدف متابعة تطبيق قانون الشيكات الجديد. وأوضح أن أعمال هذه اللجنة ستنطلق الأسبوع القادم، مع التركيز على معالجة التباطؤ في تطبيق القانون ومراقبة إنجاز المنصة الرقمية المخصصة للتحقق من رصيد الشيكات، والتي من المقرر تشغيلها يوم 2 فيفري 2025.
وأشار الصغيري إلى أن التحديات الأساسية التي تواجه تطبيق هذا القانون تشمل البطء في معالجة القضايا المتعلقة بالشيكات دون رصيد في المحاكم، وتأخر انخراط البنوك في النظام الجديد، إضافة إلى نقص الوعي لدى المواطنين حول حقوقهم بموجب القانون. ودعا إلى إطلاق حملة إعلامية وطنية لتوعية المواطنين بمقتضيات القانون، مع تسليط الضوء على إنجازات ملموسة، مثل تسوية وضعية ٪75 من المودعين بالسجون والإفراج عنهم وفق بيانات وزيرة العدل.
تحولات منتظرة في المعاملات اليومية
ويتوقع مقرر لجنة التشريع العام أن يحدث القانون الجديد تغييرات جوهرية في كيفية تنفيذ المعاملات المالية، خصوصًا مع انطلاق العمل بالمنصة الرقمية في 2 فيفري 2025. ولفت إلى أنه في تونس، يتم تنفيذ ٪53 من إجمالي عمليات الدفع عبر الشيكات، مما يعني أن تأثير القانون سيكون واسع النطاق، حيث سيتطلب الأمر تحسين الثقة بين الأطراف المالية وتشجيع الخلاص بالحاضر بدلاً من الاعتماد على الشيكات.
ووفق القانون الجديد ستصبح فترة صلاحية الشيكات 8 أيام فقط مع تمكين المزودين من التثبت من توفر الرصيد المطلوب عبر المنصة. في حالة قبول المزود لشيك دون التثبت من الرصيد أو استخلاصه خلال المدة المحددة فقد يتعرض لعقوبة تصل إلى السجن لمدة سنتين إذا تجاوز مبلغ الشيك 5000 دينار.
في هذا الاطار، أكد ظافر الصغيري أن البنوك ستعتمد مقاربة أكثر حذراً في منح دفاتر الشيكات مستقبلاً. إذ لن يتم توزيعها بشكل آلي بل ستُدرس طلبات الحرفاء بعناية من قبل لجان متخصصة تأخذ بعين الاعتبار وضعهم المالي، بما في ذلك القروض والقدرة على السداد. كما ستُفرض حدود قصوى على عدد الشيكات التي يمكن إصدارها.
وقد أبرز مقرر لجنة التشريع العام، ظافر الصغيري، أن تطبيق قانون الشيكات الجديد قد يشهد «لخبطة» في البداية، نظراً لأنه يُحدث تغييراً جذرياً في منظومة التعاملات المالية التي تعتمد بشكل كبير على الشيكات لأكثر من خمسة عقود. كما أشار إلى ضرورة مواكبة التغيير بظهور أدوات دفع جديدة مثل الكمبيالات ووسائل الدفع الإلكتروني، مع التأكيد على أهمية خفض نسب الفائدة على التعاملات الرقمية وتوفير تأمين فعّال لها لتعزيز الثقة لدى المتعاملين.
ويعتبر الصغيري ان القانون الجديد يسعى إلى «أخلقة» المعاملات المالية من خلال تحويل الشيك إلى وسيلة دفع فورية بدل اعتباره أداة ضمان، وهو ما يدعم الشفافية ويحدّ من النزاعات المتعلقة بالشيكات دون رصيد. وتأتي هذه التوجهات ضمن إطار خلق بيئة مالية منظمة وأكثر موثوقية تتماشى مع متطلبات الاقتصاد المعاصر.
مجلس النواب يعلن عن تركيبة الكتل وغير المنتمين : توازنات جديدة تحت قبّة البرلمان
شهدت جلسة مجلس نواب الشعب، التي عقدت يوم أمس، الإعلان عن تركيبة جديدة للكتل البرلمانية وتو…