2024-12-21

في ظل الأوضاع الاقليمية والدولية الراهنة : شروط الصمود متوفّرة

تتسارع الأحداث في منطقتنا وتتواتر القراءات والتعليقات على ما يحدث هنا وهناك، ويذهب البعض الى تبسيط ما حدث واستسهاله والتقليل من تداعياته ومخاطره، فيما يرى البعض الآخر أن ما جدّ في الآونة الأخيرة وخصوصا في واحدة من أهم عواصم العرب وهي دمشق، زلزال كبير ستكون له دون أدنى شك ارتدادات عديدة متلاحقة يصعب في الوقت الحاضر تحديد ملامحها وحدودها أو حتى مربع انتشارها وهو ما يحتم علينا الحذر واليقظة وحسن قراءة اللحظة الراهنة.

ثمّة بطبيعة الحال استنتاجات أوّلية وحقائق ليست خافية على أحد لعلّ أبرزها أن دولنا هي الحلقة الأضعف في المجتمع الدولي وهي فوق ذلك للأسف الأقل تماسكا وتضامنا ووضوحا في المواقف والرؤى فلا وجود الى حد الساعة لموقف رسمي موحّد أو حتى موقف شعبي موحّد مما حصل ويحصل في الشرق الأوسط بشكل عام.

ثانيا، أصبحت أيادي قوى نافذة بعينها «مطلوقة» في ربوعنا وهي تتحدث باسمنا، وتتفاوض باسمنا، وتملي علينا التوافقات والصفقات وتشرف على تنفيذها دون انتظار موافقتنا او حتى مجرد رأينا فكم كان بيننا من مسؤول أو مواطن عادي على علم بما دُبّر بليل وبدخول المجموعات المسلحة الى دمشق؟

ثالثا، وفي نفس هذا السياق، لم يستغرب أحد في الخندق الرسمي أو الشعبي انقلاب المواقف وتحوّل مجموعات مسلحة مصنفة إرهابية في أكثر من دولة في العالم وتحول المطلوب رقم واحد في العالم بوصفه إرهابيا ومجرم حرب الى «قائد» يتفاوض معه مبعوث أممي وتقابله وفود الدول العظمى في العالم أمام أعيننا وترتّب معه مستقبل سوريا والمنطقة..!

رابعا، إن ما تقدّم يبرهن لنا مرّة أخرى ان مقولة المصلحة المشتركة لا تعني شيئا بالنسبة إلى الدول النافذة التي لا همّ لها سوى الاستحواذ على خيراتنا وتدمير قدراتنا ورهن مستقبلنا والتلاعب بـ«أولادنا»، وهذا ما يضاعف الخطر والحذر من مئات ربما أو آلاف من الشباب الذي تحوّل الى مرتزقة وقنابل موقوتة مارست الارهاب بكل أشكاله في العراق وسوريا وليبيا وغيرها وهي اليوم ضمن الترتيبات الحالية مرشحة للعودة بيننا في انتظار استلام المهمّة الجديدة القادمة من طرف مشغّليهم.

وهنا ربما يتنزل الربط بين زيارتي رئيس الجمهورية قيس سعيّد الى معتمديات في سيدي بوزيد وإلى بن قردان في ربط بين لحظة اندلاع الملحمة في 17 ديسمبر 2010 ولحظة إسقاط مشروع الإمارة الداعشية في الجنوب التونسي في 2016 .

بعبارة أخرى بلادنا تعيش تواصلا لأسباب ومسبّبات اندلاع ملحمة 14 جانفي 2011 غير المكتملة اقتصاديا واجتماعيا، وهي أسباب عميقة جاثمة ومعطلة لعملية التغيير الحقيقي بل إننا نعيش وفق بعض القراءات مرحلة ما بعد الثورة المضادة، أضف الى ذلك خطر التطرف والارهاب.

صحيح اننا حققنا انتصارات كثيرة في معاركنا المتعددة ضد الإرهاب والإرهابيين لكن الحرب ما تزال متواصلة، وما يتحقق يوميا من انجازات أمنية في تفكيك الخلايا الارهابية والاطاحة بالمجرمين مبرر للبقاء على أهبة الاستعداد والجاهزية بل والاستباق بالضرورة.

ولعل هذا ما يجعلنا نقول بشيء من التفاؤل أن شروط الصمود أمام السيناريوهات التي تخبئها الأيام القادمة متوفرة، فمجتمعنا ما يزال محصّنا بدرجة مهمّة بفضل انغراس وتجذر ثقافة الاصلاح فينا ولا نخال ان الحداثة التي أسّسها مفكّرو الاصلاح ونخب الدولة قبل الاستقلال وبعده، قابلة للتجاوز بسهولة.

شرط آخر ضروري في تقديرنا لكونه صمام أمان، هو الوحدة الوطنية والسلم الأهلي والانفتاح لتقوية الجبهة الداخلية حتى تكون مستعدّة لتلقي الصدمات وارتدادات الزلزال الذي تحدثنا عنه في البداية والسرعة في رد الفعل دفاعا عن الدولة ومؤسساتها وشعبها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

المتربّصون في الداخل والخارج كثر.. حذار من التطبيع مع «الحرقة».. !

عادت ظاهرة الهجرة غير النظامية، “الحرقة”، بقوّة هذه الأيام، وبعد خبر نجاة الطفلة البالغة م…