2024-12-20

أزمة النقل عبر المترو في العاصمة : بين الحالة الرثّة ونقص الموارد

يعيش قطاع النقل العمومي في العاصمة أزمة حقيقية خاصة على مستوى خدمات المترو المقدمة ، حيث تتفاقم المعاناة اليومية نتيجة الحالة المتدهورة لعربات المترو إضافة إلى السلوكيات الخطرة التي تهدد سلامة الركاب فضلا عن الاكتظاظ الكبير الذي تشهده عربات المترو يوميا . ورغم إدراك الجميع لأهمية تحسين هذا القطاع، تبقى الموارد المالية حجر عثرة أمام التغيير الذي يطمح إليه المواطن .

تشهد عربات المترو في تونس العاصمة وضعا كارثيا..فالأبواب المكسورة أصبحت مشهدا  مألوفا ما يدفع بعض المراهقين إلى ركوب المترو والنزول منه رغم أن الأبواب مغلقة أو حتى مكسورة، وهو تصرف يحمل في طياته خطرا كبيرا على حياتهم وحياة الركاب الآخرين. في مشهد آخر لا يقل خطورة، يلجأ بعض الشباب إلى ركوب العربات أو الصعود منها من الأبواب المفتوحة عندما تنخفض سرعة سير المترو ، ما يعكس غيابا تاما للرقابة وضعف الوعي والتوعية  بأهمية الالتزام بإجراءات السلامة.

الأعطال المتكررة للعربات والتي تشمل الأبواب تزيد من معاناة الركاب وتجعل من التنقل عبر المترو تجربة يومية مرهقة وغير آمنة  خاصة مع الكثافة السكانية التي تشهدها العاصمة مقارنة بالولايات الأخرى , وإلى جانب حالة العربات المتدهورة، يعاني الركاب من الاكتظاظ الشديد , وأصبح الأمر لا يقتصر على ساعات الذروة بل يمتد طوال ساعات النهار .اذ تضيق عربات المترو بالركاب الذين يُجبرون على التكدس في ظروف غير مقبولة ، ما يزيد من توترهم ويخلق بيئة غير مريحة للتنقل. هذا الاكتظاظ ليس فقط نتيجة لارتفاع الطلب على خدمات النقل العمومي ، بل هوأيضا نتيجة لنقص عدد العربات وصيانتها، ما يضع عبءا إضافيا على منظومة النقل.

ورغم الحاجة الملحّة لتحسين خدمات النقل العمومي يواجه هذا القطاع تحديا كبيرا يتمثل في غياب الموارد المالية  الضرورية واللازمة لتحسين وضع النقل الذي يتطلب اعتمادات مادية كبيرة  لتجديد أسطول العربات وإصلاح البنية التحتية وتعزيز خدمات الصيانة، ويبدو أن هذه الإمكانيات ليست متوفرة  في الوقت الراهن ما يجعل الحلول المتاحة تبقى محدودة.

من المؤكد أن تحسين النقل العمومي في تونس العاصمة يجب أن يكون أولوية وطنية من اجل تحسين ظروف التنقل اليومية للمواطنين والتي لها علاقة بدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويمكن أن تشمل إستراتيجية تحسين منظومة النقل استثمارات في البنية التحتية عبر تجديد عربات المترو وتطوير المحطات لتكون أكثر أمانًا وراحة مع الشراكات مع القطاع الخاص والمنظمات الدولية إذ يمكن أن تكون الشراكات مع جهات خارجية حلاً لتوفير التمويلات اللازمة إضافة إلى تعزيز الرقابة والسلامة من خلال تكليف فرق مختصة لضمان سلامة الركاب ومنع السلوكيات الخطرة التي نلاحظها بشكل يومي ..

فالمترو يعد  أحد أهم وسائل النقل العمومي في تونس العاصمة منذ عقود لكنه اليوم يعاني من حالة مزرية تهدد سلامة  وراحة الركاب. وبين الحاجة الملحة للتحسين وغياب الموارد المالية اللازمة ، تبقى المعاناة اليومية  مستمرة. ولا شك أن  الخروج من هذه الأزمة يتطلب إرادة سياسية قوية ورؤية  إستراتيجية تعتمد على استثمار طويل الأمد لضمان نقل عمومي يحترم كرامة المواطنين ويلبي  احتياجاتهم اليومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

أزمة الغاز المنزلي : عائلات تواجه موجة البرد دون وسائل تدفئة

تشهد تونس أزمة في التزوّد بقوارير الغاز المنزلي اذ تفاقمت هذه الأزمة  خلال هذه الأيام وسط …