2024-12-20

حقيقة موضوعية لابدّ أن يدركها كل مسؤول في الدولة : المنصب  ليس «مقاما رفيعا»..بل مسؤولية ثقيلة..!

تعرف المحطات المفصلية من تاريخ الأمم والشعوب بمعادن رجالها ونسائها ممن يتصدرون للمسؤولية تماما كما تستذكر هذه المراحل بحكمة فاعليها السياسيين وبمنجزهم وشجاعتهم في اتخاذ القرار اللازم عندما يحين أوانه دونما تسرّع أو تردّد أيضا.

نقول هذا وبلادنا تعيش منذ فترة مخاضا عسيرا بكل المعاني فكل المجالات والقطاعات تضررت جراء سنوات عجاف توقفت فيها عجلة الزمن قبل ان تعود بنا عقودا الى الوراء. وهذا ليس من قبيل الاستلهام من الخيال بل هي حقيقة موضوعية يلمسها كل تونسي في معيشه اليومي وفي محيطه وفي بيئته. ولعل بعض الصور التي تضج بها مواقع التواصل الاجتماعي من حين إلى آخر تشي بكل شيء  وهي التي تحيل على وضعية بعض المعالم التونسية وملامح بعض المدن وحتى الساحات والحدائق العمومية والتي تنبئ عن جمال ونظافة فائقين اما الان فأغلبها خارج الزمن.

هذه الديباجة الطويلة نسبيا كانت استهلالا ضروريا للخوض في الدينامية التي تعيشها تونس هذه الأيام من خلال مباشرة مرحلة جديدة بعناوين دالة من أهمها تغيير وجه البلد الى الأفضل وتحسين وتطوير الخدمات في كل المجالات وتعصير القطاعات الكبرى ومحاربة الفساد. بالإضافة الى المراهنة على ذكاء التونسيين وسواعدهم من اجل البناء والتشييد. وهذا ما سيكون منطلقا لإيجاد سياسات  تنموية تقطع مع الماضي وتستشرف المستقبل.

ولأن المسؤولية تكليف وليست تشريفا فإن هذه المهمات المذكورة آنفا تقع على عاتق المسؤولين في الدولة ومن أوكد الأولويات اضطلاعهم بها حتى يكونوا قدوة لعموم التونسيين ويحفزوهم على العمل والكد وحتى يكونوا في خدمتهم من اجل توفير حاجياتهم وإشباع انتظاراتهم.

وهذه الحقيقة تأتي في صدارة اهتمام اعلى هرم السلطة منذ فترة إذ مافتئ رئيس الجمهورية قيس سعيد يؤكد عليها بأشكال وطرائق مختلفة سواء عبر الزيارات الميدانية المكثفة التي شملت تقريبا أغلب جهات الجمهورية في ظرف وجيز او عبر اللقاءات مع المسؤولين بمختلف مراتبهم سواء في الدواوين والوزارات او على المستوى المحلي والجهوي وتحميلهم مسؤولياتهم وتذكيرهم دوما بالأدوار الموكولة إليهم حتى لا يركنوا الى متعة المنصب ويكتفوا برفعة المقام بدل خدمة المواطنين وتأمين المرافق الأساسية في البلاد.

وآخر هذه اللقاءات التي أشرف عليها رئيس الجمهورية قيس سعيّد تتمثل في اجتماع أعضاء الحكومة بقصر قرطاج والذي شدد خلاله على ضرورة استبطان كل مسؤول مهما كانت المسؤولية التي يتحملها آمال الشعب التونسي وأن يشعر بتطلعاته ويسعى الى إيجاد الحلول العاجلة ويذلل الصعوبات التي تعترض المواطنين.

وبهذا يكون رئيس الدولة قد حدد  خارطة الطريق للمسؤولين ووضع نصب أعينهم المهام التي ينبغي أن يضطلعوا بها. وليس هذا فحسب فهو قد رسم لهم الخطوط العريضة لطريقة العمل بدقة ووضوح. وهذا حتى يعي كل مسؤول ما له وخاصة ما عليه. فقد ولّت تلك الأيام التي كانت فيها المسؤولية «مقاما رفيعا» يمنح وفق قاعدة الولاء ولدوائر المقرّبين في إطار من الزبونية والمحسوبية أما الآن فالعمل والتحلي بالروح الوطنية والعقلية التضالية وحس الانتماء والكفاءة هي المحددات التي على أساسها يمنح المنصب والذي يتطلب من صاحبه أدوارا عليه القيام بها على الوجه الأكمل.

فتونس اليوم في أمسّ الحاجة الى مجابهة التحديات الكبرى التي تتطلب عملا مضنيا ومجهودا جبارا من اجل تدارك الوقت الذي فاتنا والذي تجاوز العقد والنصف من التراجع وانهيار القطاعات المهمة وقد سبقتنا عديد البلدان التي كانت تستلهم من تجربتنا قبل عقدين. وعليه فنحن مدعوون الآن إلى الأخذ بعين الاعتبار كل هذه المعطيات والتعويل على قدراتنا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

«ضرورة اختصار كل ما هو إجرائي  لإنجاز المشاريع المعطّلة» لا مجال للتّراخي..تونس لم تعد تحتمل الإنتظار..

إلى متى يتواصل هذا التراخي بشأن المشاريع الكبرى التي من شأنها تغيير الكثير من حياة التونسي…