2024-12-19

ضمن المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية : الفيلم الروائي الطويل « ماء العين» لمريم جعبر كثيــــــــر من الواقـع المــــوجـع

ما أقسى أن تعيش الأم شعور الحيرة القاتلة ، والسؤال الذي تبحث له عن إجابة لتجد أن حقيقته ..مرة ..

وما أثقل حزنها حين يخذلها فلذة كبدها ليختار بدل الحياة السوية ..المسالمة طريق الدم والموت ..

هي حكاية “عائشة “ في الفيلم الروائي الطويل “ ماء العين “ للمخرجة التونسية مريم جعبر والذي يشارك ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة في الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية.. “ عائشة” (صالحة النصراوي) المرأة البسيطة التي تعيش في أحد أرياف تونس الجميلة رفقة زوجها” إبراهيم ( محمد قريع) وأبنائها الثلاثة “ مهدي “ و” أمين” و” آدم” ، يعيشون حياة هادئة وبسيطة جدا، ولكن الأخوين “ مهدي وأمين “ اختارا الانضمام الى تنظيم “داعش” الارهابي والسفر الى سوريا ليتركا والدتهم ووالدهم تحت وطأ صدمة لا حدود لا ..فالأم لم تجد سببا يجعل ابنيها يتحولان “فجأة” الى إرهابيين و الأب اتهم زوجته بالدلال المفرط الذي كان تغدقه على ابنيها ليختارا طريقا غير سوية وعاقبتها ستكون وخيمة جدا والابن الصغير “ آدم” ظل حائرا ويتساءل عن سبب اختفاء شقيقيه.

عودة .. وغموض

وبين كل هذه التغييرات التي حولت حياة هذه العائلة الى جحيم “صامت” يعود الابن “ مهدي”( مالك مشرقي) دون شقيقه وبصحبته امرأة منقبة ادعى أن زوجته وبأنها حامل، ولتخوض “ عائشة “ معركة نفسية أخرى بعد عودة ابنها وخبر هلاك ابنها الآخر وبين امتعاض زوجها لهذه العودة الغامضة التي قد لا تحمل الا المصائب خاصة وأن “مهدي” بامكانه أن يقع في قبضة الشرطة لولا “ بلال” الأمني (آدم بسا)، الذي يعتبر صديق العائلة وعد “ إبراهيم” بعدم الإبلاغ عن عودة “ مهدي” ..

فيلم “ ماء العين “ غاص في جوانب نفسية عديدة عاشتها خاصة “ عائشة”،  بعد أن حاولت التقرب في أكثر من مرة من “ المنقبة” وعارضها ابنها بشدة ، وبعد أن تعددت حوادث القتل في هذه المنطقة الى جانب غموض شخصية “ مهدي “ الذي يعود بذاكرته  في كل فترة الى مشاهد قتلقاسية عاشها حين كان في صفوف تنظيم “داعش” الارهابي.

ولعل المشاهد لفيلم “ ماء العين “ سيشعر في أكثر من مشهد بالحيرة ، ففي النهاية من تكون “ ريم المنقبة” التي لم ترفع برقعها طيلة اقامتها في بيت العائلة ، ولماذا ولد جنينها ميتا ؟ ومن يقف وراء عمليات القتل المتتالية بالمنطقة ولماذا “ آدم “ اصبح يتحاشى شقيقه وهذه الزوجة الغريبة ؟، وهنا يكمن نجاح مريم جعبر بين الواقع والمتخيل لأنه في النهاية تقاسم “ ماء العين “ الكثير من الحقيقة والكثير الكثير من الخيال الباطني، و” مهدي لم يعد الى عائلته صحبة زوجته بل عاد رفقة ذنب ..ذنب انضمامه الى “ داعش “ وذنب فراره لحظة قتل أخيه و ذنب مشاركته في قتل أسيرة سورية غير مسلمة كان تدعى ريم وهي حامل بطفل ..

والأكيد أن تجربة إخراج فيلم روائي طويل يعتبر الأول في رصيد هذه المخرجة الشابة التي سبق لها أن قامت بإخراج الفيلم القصير “ إخوان” وتم ترشيحه لجائزة الأوسكار كانت ناجحة خاصة وأنها طرحت موضوع الإرهابيين من زاوية إنسانية لمعاناة عائلاتهم بعيدا عن السياسة أو التوثيق و لتقدم صورة مثقلة بالحكايا وبكثير من الوجع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الدورة الخامسة لمهرجان ابن رشيق الدولي : لمسرح الطفل عروض مسرحية وورشات تكوينية

تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية انطلقت امس الاثنين 23 ديسمبر بدار الثقافة ابن رشيق بالعاصم…