2024-12-19

أزمة مادة المرجين في تونس وأثرها على البيئة : من مادة سامّة إلى فرص اقتصادية ناجعة

marjin

تُعدّ مادة المرجين، الناتجة عن عملية عصر الزيتون لاستخلاص الزيت، من أبرز المخلفات الضارة بالبيئة في تونس. ومع تزايد إنتاج زيت الزيتون، الذي يمثل قطاعًا حيويًا للاقتصاد الوطني، برزت مشكلة إدارة المرجين كأزمة بيئية ملحّة في عدة جهات منها بالخصوص ولاية القيروان إذ أن المرجين يُعتبر مادة سائلة سامة تحتوي على تركيزات عالية من المواد العضوية والكيميائية، وتشكل تحديًا كبيرًا على المستويين البيئي والصحي إذا لم تتم معالجتها وإدارتها بشكل سليم.

وبما أن تونس من أكبر منتجي زيت الزيتون عالميًا، تنتج بالمقابل كميات هائلة من المرجين الناتج عن المعاصر التقليدية والصناعية. هذا الارتفاع غير المسبوق يزيد من حجم المخلفات السائلة التي تصعب إدارتها حيث غياب استراتيجية وطنية لإدارة المرجين على الرغم من المخاطر المعروفة، ولا توجد خطة وطنية شاملة ومستدامة لمعالجة المرجين وإعادة استخدامه، مما يترك عبء التخلص منه على عاتق المزارعين وأصحاب المعاصر .

كما تعاني تونس من نقص المنشآت والبنية التحتية اللازمة لمعالجة المرجين، مثل محطات المعالجة أو مراكز التحويل علاوة على  ضعف الوعي البيئي حيث  يؤدي غياب التوعية الكافية بمخاطر المرجين وكيفية التعامل معه إلى ممارسات عشوائية، مثل التخلص المباشر منه في الطبيعة أوالأنهار.

أثر المرجين على البيئة

يُعتبر المرجين مصدرًا رئيسيًا لتلوث المياه السطحية والجوفية، حيث يحتوي على مستويات عالية من الفينولات والمواد العضوية التي تُؤدي إلى اختناق الأنظمة البيئية المائية وتدمير التنوع البيولوجي علاوة على تدهور التربة حيث عند إلقائه على الأراضي الزراعية دون معالجة، يسبب المرجين تدهور التربة بسبب تركيزه العالي من الأملاح التي تقلل من خصوبة الأرض.

من جهة أخرى يؤدي التخزين العشوائي للمرجين إلى تحلل المواد العضوية، ما يُسبب انبعاث الروائح الكريهة ويُؤثر على جودة الحياة في المناطق المحيطة.

ومن بين الحلول المقترحة لمعالجة أزمة المرجين ، إعادة التدوير والاستفادة الاقتصادية إذ يمكن استخدام المرجين في إنتاج الطاقة الحيوية (البيوغاز) أو تحويله إلى سماد عضوي مُعالج ، مما يُحقق فوائد اقتصادية وبيئية. كما يمكن تعزيز الأبحاث والتكنولوجيا حتى يتسنى الاستثمار في البحث العلمي لتطوير تقنيات معالجة متقدمة، مثل التحلل البيولوجي أو الفلترة، ويساهم في تخفيف الأثر البيئي للمرجين.

إلى جانب إرساء تشريعات صارمة من خلال وضع قوانين تُلزم معاصر الزيتون بطرق معالجة آمنة ومستدامة للمرجين، مع فرض عقوبات على الممارسات الضارة بالبيئة كما أن  إنشاء محطات معالجة مركزية وذلك ببناء مراكز متخصصة لمعالجة المرجين في المناطق التي تتركز فيها معاصر الزيتون يُمكن أن يُقلل من التخلص العشوائي ويُوفر حلاً عمليًا لإدارته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إشكاليات إدارة صابة الزيتون وغلاء المشاتل : آن الأوان لمراجعة سياسات ديوان الزيت للمحافظة على مكانتنا الدولية

كثرت الانتقادات الموجهة للديوان الوطني للزيت خلال هذا الموسم وتباينت صلب الرأي العام الفلا…