حتى لا تنزلق سوريا نحو سيناريوهات مظلمة..

سقط نظام الأسد في سوريا وبات اليوم من ماضي البلد ووحده التاريخ سيحكم على حوالي نصف عقد من حكم عائلة واحدة قيل الكثير عنها لكن الأكيد أن استمرارها على رأس البلد كل هذه الفترة كان من أسباب سقوطها وكره السوريين لها.

استبشر السوريون بما تحقق اذ لم يكن أحد ليتخيل أن نظاما استبسل في الدفاع عن كرسي الحكم لمدة نحو 13 سنة سيسقط بتلك السهولة وهنا تختلف الروايات حول ما حدث يوم 8 ديسمبر الماضي وهل أسقط الأسد بقرار دولي أم أسقطه غضب السوريين الذي استغلته الفصائل المسلحة تبقى الإجابات عن كل هذه الأسئلة مجهولة إلى أن يكشف التاريخ ذات يوم ماذا حدث في الساعات الأخيرة لنظام بشار الأسد أو ربما لن يقع الكشف عن ذلك بعد عقود طويلة..

اليوم لم يعد مهما ما حصل في تلك الليلة فقد تنحى بشار الأسد وغادر سوريا لتحكمها الفصائل المسلحة التي نصبت نفسها بديلا له بفعل الأمر الواقع دون استشارة أي طرف وأصدرت أوامرها وقوانينها الجديدة دون استشارة أي طرف أيضا.

يحتفل السوريون بما تحقق لهم فقد استطاعوا أخيرا ان يستنشقوا نسمات الحرية في وطنهم بعد عقود طويلة من القمع لكن هذه الفرحة التي تعم كل أرجاء سوريا لا يجب أن تخفي حقيقة المخاوف التي يحذر منها كثير من المراقبين.

إن ما حدث طيلة الأيام التي تلت مغادرة الأسد لسوريا يحمل في طياته الكثير من المؤشرات المخيفة التي لم ينتبه لها السوريون فاليوم ورغم التطمينات التي تحاول إدارة الشرع تقديمها للخارج قبل الداخل فإن هوية وفكر الجولاني وتأثيرهما على نظام الحكم بدأت تظهر حتى وأن سعى الرجل للتجرد من ماضيه عبر التأكيد على انه سيحرص على احترام الجميع في سوريا مهما كان جنسهم او ديانتهم أو انتماؤهم السياسي.

إن رؤية صحافيات يحاورن الجولاني او احمد الشرع كما بات يعرف نفسه مؤشر خطير على أن الانزلاقات في سوريا واردة جدا وأسهل ممن يتخيله الجميع.

إن الحديث عن قضاء شرعي اليوم بدل الحديث عن قضاء يحتكم للقوانين مؤشر خطير كذلك عن أن شيئا ما يطبخ في سوريا.

إن السوريين الذين عاشوا لعقود طويلة تحت حكم مستبد كما يجمع على ذلك أغلبهم مطالبون اليوم بالحذر واليقظة حتى لا تنزلق ثورتهم وتذهب في اتجاه سيناريوهات مظلمة شاهدناها في أفغانستان مثلا.

لطالما كانت سوريا بلدا للتنوع ولا طالما كان السوريون مثالا للشعب المتدمن المتحرر القادر على تقبل اختلاف كل مكوناته المؤمن بحرية نسائه واليوم يبدو مع كل الأنباء والقصص القادمة من بلاد الشام أن الوقت حان لوقفة حازمة تحفظ هذه الصورة المشرقة لبلد لا نتمنى له الا كل الخير وأن يمر من هذه المرحلة بكل سلام.