الوليّ مدعوٌّ لتقديم التنازلات : حتى لا يتضرّر التلميذ ..!
في أسبوع الحصاد وتقديم نتائج الامتحانات فإن الولي مدعو لتقديم التنازلات حتى لا يتضرّر التلميذ ، كما أنه مدعو لتقبل نتائج الامتحانات والبناء عليها لتحسين المكتسبات العلمية بعيدا عن الضغوطات والسلوكيات المنفرة للتلميذ.
نسوق هذه المعطيات للحديث عن ظاهرة تتمدد و يرتفع نسقها من سنة إلى أخرى لنتحدث عن الضغوطات المسلّطة على التلاميذ من أوليائهم في فترات نتائج الامتحانات خاصة وعلى مدار السنة عامة ونسبة الضغط ترتفع أو تنخفض وفق ما يحدده محرار الأعداد المسندة للتلميذ ووفق نتائج الامتحانات…حيث بتنا نتحدّث عن «تقديس للأعداد » وتيار جارف للجميع، الضحية الأولى فيه هو التلميذ.
ضغط كبير انعكاساته وخيمة على نفسية التلميذ إذ يمارس الولي شتى أنواع الهرسلة من تعنيف لمنظوره وإخضاعه لمقارنات مع أترابه ومطالبته بالدخول في ماراطون تحضير يفوق طاقته ناهيك عن عديد الممارسات التي لا تعكس سوى التبعية المطلقة للأعداد لا غير …دون التفكير في البعد المعرفي والمحصلة العلمية للتلميذ ومدى تشبعه بالعلم ، ومرّة أخرى نجد ان شقا من الأولياء يدخل في هستيريا الغضب معبرا عن رفضه لنتائج منظوره مرجعا ضعف النتائج لعدة أسباب من بينها الطريقة المعتمد ة في إجراء الامتحانات وغيرها من الأسباب الأخرى التي يطول شرحها …
المؤسف والمحزن أن الساحة التربوية تعج أحداثا تقشعر لها الأبدان ستبقى راسخة في الذاكرة وسيسجلها التاريخ بأحرف دامية من موت تلاميذ في ريعان الشباب نتيجة سكتات قلبية من الابتدائي حتى الثانوي وكان الفضاء الأزرق نافذة لبلوغ أخبارهم كل ربوع الوطن ليحزن على فراقهم الكل دون استثناء ناهيك عن حالات الانتحار بسبب التنمر آخرها شاب يبلغ من العمر 16 سنة من منوبة …نسوق هذه الأحداث لعلها تكون دافعا للأولياء للرفق بمنظوريهم وتخفيف ثقل المسؤولية التي حمّلوهم إيّاها رغم صغر سنهم خاصة وان الضغط يولد الانفجار ونتائجه عكسية في العديد من الأحيان فرفقا بالتلاميذ ….
في هذا السياق سبق وأكد رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم السيد سليم قاسم انه من الضروري أن نسلط الضوء على ظاهرة ومشكلة عميقة في المنظومة التّربويّة التّونسيّة، ألا وهي «ديكتاتوريّة الأعداد». فالكلّ يلهث خلف النّتائج الرقميّة، وتصبح الدرجات هي المقياس الوحيد للنجاح، بدلاً من التركيز على التقييم التّكويني الّذي يعكس تطوّر مهارات المتعلّمين وقدراتهم الفعليّة، هذا الانغماس في تحقيق الأعداد أدى إلى مشاكل كبرى، منها انتشار الدّروس الخصوصيّة، وزيادة معدلات الغشّ في الامتحانات، والرهاب الذي يصيب التلاميذ بسبب الامتحانات، ما يؤثّر سلباً على جودة التّعليم وهو ما يستدعي دقّ ناقوس الخطر والقيام بمراجعة جذريّة لمنظومة التّقييم المعتمدة في تونس. لا يمكن الاستمرار في تقييم المتعلّمين بناءً على درجات أضحت فاقدة للمعنى، بل يجب التّركيز على بناء مهارات التّفكير النّقدي، وتعزيز الكفاءات الأساسيّة التي تجعل من المتعلّم قادراً على التّفاعل الإيجابي مع مجتمعه. إنّ إعادة صياغة آليّات التّقييم ستساعد في التّخفيف من التّوتّر الحاصل بين الأولياء والمدرّسين، وستعيد للمؤسسة التربويّة دورها الطّبيعي كمكان للتّعليم والتّربية لا لسوق الأعداد.
في الختام، جدّد قاسم سليم الدعوة إلى ضرورة إحداث ثورة في طريقة النّظر إلى النتائج في مؤسّساتنا التّربويّة، لنضع نصب أعيننا أولويّة تطوير مكتسبات المتعلّمين ورفع جودة التّعليم، بعيداً عن ضغوط الدّرجات وأثرها السلبيّ على المتعلّمين والأولياء والمدرّسين والمنظومة التّربويّة التي آن لها أن تتحرّر من القوالب الموروثة لتحقّق الثّورة التّعليميّة التي ننشدها جميعا.
في ذكرى 17 ديسمبر2024: التشغيل والعدالة الاجتماعية أبرز عناوينها..؟
يمثل الاحتفال بذكرى 17 ديسمبر 2024 مناسبة لتشخيص الواقع الاقتصادي والاجتماعي ومدى تطبيق ال…