انتشار مرض الجلد العقدي بين الأبقار : خطر داهم يتطلب النجاعة في التدخل والإنقاذ
تشهد العديد من المناطق انتشارًا مقلقًا لمرض الجلد العقدي (DNC) بين الأبقار، وهو مرض فيروسي خطير يؤثر بشكل كبير على صحة الماشية والقطاع الفلاحي وفي ظل هذا الوضع، لابد من اتخاذ التدابير الاستعجالية وفق عدد من الأطباء البيطريين ممن أطلقوا صيحة فزع للحيلولة دون مزيد انتشار هذا المرض وتطويقه.
ومن بين الاجراءات الواجب اتباعها، وفق أحد الاطباء البيطريين ممن طلب عدم الكشف عن اسمه، ضرورة إبلاغ المصالح البيطرية عن كل حالة إصابة لتحديد البؤر والتدخل السريع والتبليغ أيضًا عن أي حالات نفوق للتعامل معها وفق الإجراءات الصحية اللازمة، هذا إلى جانب التطعيم الوقائي كوسيلة وحيدة وفعالة للوقاية من هذا المرض وتعزيز حملات التلقيح لمحاصرة انتشاره.
الإجراءات الصحية
وأفاد محدثنا أنه لابد من التخلص من الحيوانات النافقة بشكل صحي وآمن عن طريق الدفن المنظم حيث يمنع الرمي العشوائي لجثث الحيوانات في الأودية، المزارع، أو الطرقات لما لذلك من أضرار خطيرة على الصحة العامة والبيئة.كما يتطلب الأمر متابعة بيطرية حيث يقوم الأطباء البيطريون بدور حيوي في تخفيف الأعراض ومساعدة الجهاز المناعي للحيوانات المصابة للتغلب على الفيروس.
إن مواجهة هذا المرض تتطلب وعيًا وتعاونًا مكثفًا بين المربين، الأطباء البيطريين، والمصالح المختصة لضمان احتواء المرض وحماية الثروة الحيوانية والاقتصاد المحلي. وذلك بمنع تنقل قطيع الأبقار بين الأسواق الأسبوعية والجهات وهي خطوة ضرورية للسيطرة على مرض الجلد العقدي .
في ظل الانتشار السريع لمرض الجلد العقدي (DNC) بين الأبقار، أصبحت حماية القطيع الوطني أولوية قصوى. ولتحقيق ذلك، يجب اتخاذ التدابير الوقائية الضرورية وفق المختصين، وعلى رأسها ،منع تنقل قطيع الأبقار بين الأسواق الأسبوعية وبين الجهات وهذا الإجراء يهدف إلى الحد من انتشار الفيروس بين المناطق كما يجب تطبيقه بصرامة على الأقل حتى انتهاء حملة التلقيح الوطنية.وتعزيز الرقابة البيطرية على التنقلات وذلك بالتنسيق مع المصالح البيطرية والسلطات المحلية لضمان الالتزام بالقوانين الوقائية.
كما يتعين في هذا الخصوص إجراء فحوصات ميدانية على القطعان الموجودة بالأسواق للتأكد من خلوها من أعراض المرض ومنع دخول أي حيوان غير ملقح أو مشتبه بإصابته. وبالتزامن مع ذلك يمكن تكثيف التواصل مع المربين وتوعيتهم حول خطورة التنقل العشوائي للحيوانات ودورهم في الحد من انتشار المرض.
إن تطبيق هذه الإجراءات سيساهم في محاصرة المرض وحماية الثروة الحيوانية، إلى جانب تعزيز فعالية حملة التلقيح وتضافر الجهود بين الجهات المختصة والمربين أمر حتمي لتجاوز هذه الأزمة.
الجلد العقدي هو مرض جلدي فيروسي معد سريع الانتشار يصيب الابقار ويسببه فيروس يتبع عائلة الجدري ينتقل عبر لدغات الحشرات خصوصا البعوض ولا ينتقل للانسان لكن أكل لحوم الابقار المصابة ضار خصوصا اذا تلقت علاجا بالمضادات الحيوية قبل الذبح.
ومن أعراض هذا المرض، الحمى وظهور مفاجئ لعقد جلدية سميكة وصلبة مؤلمة ومتفاوتة الحجم على معظم جلد الحيوان وقد تتقيح وتتحول إلى قشور أو تورم الغدد والاوعية اللمفاوية واحيانا الارجل ومقدمة الصدر.
أما بخصوص طرق انتقال العدوى فهي تتم عن طريق لدغ وعض الحشرات مثل الذباب والناموس والبراغيث والقراد وبعض الحشرات الاخرى. وفي جانب الوقاية يتعين عزل الحيوانات المشتبه باصابتها في حظائر محمية من الحشرات والتخلص الصحي من جثث الحيوانات النافقة والجلود المصابة بالحرق والدفن مع وضع الجير الطبي للحد من انتشار العدوى وتطعيم كل الابقار بلقاح الجذري والحد من تنقلات الحيوانات من مكان الى آخر.
عمادة الأطباء البياطرة وضرورة تشريك الخواص
وفي تصريح لـ«الصحافة اليوم» أفادنا أحمد رجب عميد الأطباء البياطرة أن هذا المرض أصبح منتشرا بكثرة في عديد الجهات ولا يمكن تقييم الوضع الوبائي حاليا بما أن حملة التقصي والعلاج انطلقت منذ أيام قليلة، موضحا في هذا الصدد أن المرض المذكور عابر للحدود حيث دخل الى التراب التونسي من القطر الجزائري وهو خاضع لتراتيب حسب القانون عدد 95 لسنة 2005 وينطبق عليه الفصل 27 منه، حيث انه مرض شديد العدوى ويتسبب في خسائر اقتصادية فادحة غير أنه لا ينتقل الى الانسان.
وطالب محدثنا بضرورة تشريك الأطباء البياطرة الخواص في حملة التلقيح بإعتبار انتشار تواجدهم في مختلف الجهات وخاصة بالقرى والارياف وبالتالي إعادة تفعيل «التوكيل الصحي» والذي يعني منح الأطباء البياطرة الخواص عملية التلقيح للقطيع بالتوازي مع مجهودات الأطباء البياطرة العموميين حيث تم تعطيل العمل بهذا التوكيل من مدة وفق تعبيره بسبب عدم تحيين التسعيرة والتي تنص على 450 مليم للرأس الواحدة في حين يطالب الأطباء البياطرة الخواص بالترفيع في هذا المبلغ حتى يتماشى مع متطلبات عملهم اليومي .
الوزارة تعلن عن خطة التحرك
وجدير بالذكر أنه في إطار الجهود المستمرّة لحماية الثّروة الحيوانيّة وتعزيز الأمن الصّحي البيطري، أعلنت وزارة الفلاحة والموارد المائيّة والصّيد البحري منذ اسبوعين عن انطلاق عمليّة تلقيح الأبقار ضدّ مرض الجلد العقدي، الذّي يشكّل تهديدًا للصّحة الحيوانيّة والإنتاج الحيواني في البلاد.
وأكدت الوزارة أن هذه الحملة تستهدف عمليّة التّلقيح لجميع الأبقار، وفي مرحلة أولى، المناطق التّي شهدت تسجيل بؤر لمرض الجلد العقدي والمعتمديات الحدوديّة والمناطق ذات الكثافة العالية للأبقار وستشمل تدريجيا جميع القطيع الوطني.
كما بينت أن عمليّة التّلقيح ستستمر على مدار عدّة أسابيع، مع توفير كافّة الإمكانيات اللاّزمة لضمان سير الحملة بنجاح في جميع المناطق المعنيّة. وفي هذا الصّدد، تدعو الوزارة كافّة المربين إلى معاضدة مجهودات المصالح البيطريّة الجهويّة والمشاركة الفعّالة في هذه الحملة الوقائيّة باعتبار أنّ الوقاية والتّلقيح ضدّ هذا المرض يمثلان خطوة هامّة نحوالحفاظ على صحّة الثّروة الحيوانيّة.
في ظل الانتشار السريع للمرض، يجب أن تتحول جهود المكافحة إلى أولوية وطنية. التعاون بين المربين، الأطباء البيطريين، والسلطات المختصة هو السبيل الوحيد لتجنب كارثة صحية واقتصادية.
إن الالتزام بالتدابير الوقائية والتطعيم، إلى جانب التوعية المستمرة ، سيسهم في حماية الثروة الحيوانية والاقتصاد المحلي على المدى الطويل وذلك بالتصدي لمرض الجلد العقدي بما أنه ليس مجرد مسألة صحية بل هو مسؤولية مشتركة تفرض على الجميع التحرك الفوري والعمل الجماعي لحماية قطاع حيوي يلامس حياة الآلاف من الأسر التونسية.
بين التحديات البنيوية والتطلعات الرقمية: منظومة التعليم العمومي في قلب التحولات الوطنية
لطالما شكّل التعليم حجر الزاوية في مسيرة تونس نحو التقدّم والتنمية ومنذ استقلال البلاد عام…