مجهودات أمنية متواصلة للحفاظ على أمن واستقرار البلاد : تهديدات داخلية وخارجية لأمن تونس، ترافقها متابعة يومية..
تشهد تونس تحديات أمنية مزدوجة داخليًا وخارجيًا، تستوجب جهودًا استباقية ومُركزة لضمان استقرار البلاد وأمن مواطنيها. فالمجهود الأمني اليوم يركز على مكافحة الجريمة المنظمة المتعلقة بظاهرة المخدرات، بالإضافة الى التعاطي مع مشكل المهاجرين غير النظاميين. وكذلك الاستعداد الجيد لمجابهة أي تهديد خارجي قد تمثله عودة المقاتلين التونسيين من سوريا في الفترة المقبلة.
وعلى المستوى الداخلي، أصبحت الشبكات الإجرامية للمخدرات من أبرز التهديدات.في هذا السياق، تمكنت فرقة الشرطة العدلية بأريانة الشمالية اول امس من الكشف عن عصابة من دول إفريقيا جنوب الصحراء تنشط في ترويج المخدرات، حيث تم القبض على عدد من المتورطين مع ضبط كميات كبيرة من الكوكايين والماريجوانا. وفي الآونة الأخيرة تكثفت الجهود الأمنية ضمن سلسلة من العمليات الاستباقية لمكافحة ترويج المخدرات في العاصمة وغيرها من المدن حيث افضت عملية نوعية مشتركة نفذتها وحدات الامن والحرس الوطنيين إلى ايقاف 205 عناصر إجرامية خطيرة، وضبط مخدرات وأسلحة، مما يعكس تطور أساليب السلطات الأمنية في ملاحقة هذه الشبكات.
وتشهد تونس تفاقم أزمة المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، مع تنامي التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية لهذه الظاهرة. فقد تحول توافدهم المستمر، خاصة في بعض المناطق مثل صفاقس، إلى مصدر توتر بين المتساكنين والمهاجرين، وسط شكاوي من استحواذهم على الموارد والممتلكات.
ومنذ ان انطلقت أزمة الأفارقة في عدة مدن وأبرزها ولاية صفاقس، انطلقت دعوات إلى ضرورة ترحيل المهاجرين إلى أماكن مخصصة، تحت إشراف الدولة والمنظمات الدولية، للحد من التأثير السلبي على المناطق الحضرية. وتبرز هذه الأزمة الحاجة إلى استراتيجية وطنية شاملة لمعالجة الجوانب الإنسانية، مع ضمان أمن واستقرار المناطق المتأثرة وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة شبكات التهريب وضمان تنظيم تدفق المهاجرين بما يحفظ حقوق الجميع.
وفي تصريح لـ«الصحافة اليوم» أكد النائب عن ولاية صفاقس، طارق المهدي، أن المعالجة الأمنية لأزمة المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء في تونس تشهد تطورًا ملحوظًا. وأوضح أن التنسيق الأمني مع الجزائر عبر الدرك الجزائري ساهم في تقليص التسللات عبر الحدود البرية خاصة في الجنوب مشيرًا إلى إدماج المؤسسة العسكرية لحماية الحدود.
وفي ما يتعلق بولاية صفاقس، أوضح المهدي أن التحدي الأكبر ما يزال في مراقبة عمليات العبور البحري غير القانوني، التي تصدت لها الأجهزة الأمنية عبر غلق المنافذ البرية والبحرية. وأضاف أن متابعة المهاجرين غير النظاميين اليوم أصبحت تركز على تفكيك مسارات الهجرة غير الشرعية مشددًا على أن تونس عبر الإجراءات القانونية والحلول الدبلوماسية، تعمل تدريجيًا على إعادة هؤلاء المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية.
وأشار المهدي إلى تداعيات هذه الأزمة في صفاقس حيث لجأ بعض المهاجرين إلى جني وبيع صابة الزيتون في ظل الأزمات المرتبطة بالموسم، مضيفًا أن سرقات كبيرة لصابة الزيتون سجلت في الجهة، ما يعكس تعقيدات إضافية لهذه الظاهرة التي تحتاج إلى حلول شاملة على المستويين الوطني والدولي.
وحول هذه الملفات الشائكة أفاد مقرر لجنة الأمن والدفاع والقوات الحاملة للسلاح، ثابت العابد في حديثه لـ«الصحافة اليوم» بأن تونس اليوم مطالبة باعتماد مقاربة تشاركية مغاربية لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية من دول إفريقيا جنوب الصحراء. وأوضح أن التعامل مع هذه الظاهرة يتطلب تنسيقًا عابرًا للحدود، حيث تُعد بلدان المغرب العربي دول عبور نحو أوروبا. ودعا العابد إلى تجاوز الحلول الأمنية البحتة باتجاه معالجة شاملة تضمن احترام الحقوق الإنسانية للمهاجرين باعتبارهم ضحايا، مشددًا على أهمية تعاون بلدان المنشإ لضمان استدامة الحلول.
وأشار إلى أن تونس لا يمكنها مواجهة الأزمة بمفردها لتصبح «جدارًا عازلاً» مطالبًا بمشاركة واسعة تشمل الدعم الهيكلي والمالي، وليس مجرد مساعدات إنسانية، للحد من تفاقم الظاهرة.
أما على مستوى التهديدات الخارجية، فتشكل عودة التونسيين المنتمين لتنظيمات إرهابية من بؤر التوتر وخصوصًا سوريا تحديًا أمنيًا رئيسيًا. اذ تحرص الأجهزة الأمنية على تعزيز جهودها الاستباقية لتفادي أي تهديدات محتملة، من خلال تتبع عناصر الإرهاب داخليًا ومنع تأثيرهم على السلم العام.
وفي سياق هذه الأوضاع الإقليمية أعرب ثابت العابد عن قلقه بشأن تأثير التغيرات في الشرق الأوسط وانهيار النظام السياسي في سوريا، خصوصًا على الوضع الأمني في تونس. وأكد أن المقاتلين التونسيين في التنظيمات الإرهابية بلغوا أعدادًا كبيرة عقب الثورة، حيث تشير البيانات إلى وجود 43 تونسيًا في السجون السورية فقط، في حين يبقى عدد المحتجزين لدى الجماعات الإرهابية أو دون ملفات رسمية مجهولاً.
وشدّد العابد على أهمية الاستعداد المبكر لمواجهة التداعيات الأمنية لهذه الأوضاع، مقترحًا تنظيم قمة أمنية تجمع تونس ودول الجوار مثل ليبيا والجزائر لتوحيد الجهود في مواجهة التهديدات المشتركة بشكل عاجل وممنهج.
تونس تحيي اليوم الذكرى 14 لثورة 17 ديسمبر: ما بين المنجز والمنشود…
تحيي تونس اليوم الذكرى 14 لثورة 17 ديسمبر 2010، التي بدأت شرارتها من سيدي بوزيد عندما أقدم…