مؤشرات مطمئنة للموسم القادم من الحبوب إجراءات مختلفة لإنجاح الموسم وضمان الأمن الغذائي
تعيش بلادنا خلال هذه الأيام ذروة موسم الزراعات الكبرى في كافة ولايات الجمهورية والذي يشهد نسقا تصاعديا في أغلب المناطق،انطلاقا من مبدإ التعويل على الذات واستغلال كل الإمكانيات المتاحة والدعم المتوفر من الدولة لتأمين الموسم في أحسن الظروف وضمان «صابة» جيّدة و ذات جودة عالية ومحصول أفضل من المواسم الفارطة من الحبوب.
وتبعا لتعليمات رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال جلسة عمل انعقدت بتاريخ 28 نوفمبر 2024 والمتعلقة بجملة الإجراءات العاجلة بهدف تأمين موسم جني الزيتون بما يحفظ حقوق الفلاحين وأخرى تتعلق بتوفير البذور في أحسن الظروف أعلنت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عن اتخاذها جملة من الإجراءات الإضافية.
إجراءات عاجلة
فبخصوص قطاع الحبوب -موضوع مقالنا- أقرّت الوزارة مواصلة توزيع البذور الممتازة لمختلف أنواع وأصناف الحبوب وطمأنت الفلاّحين في هذا الإطار بأنه تم وضع برنامج استثنائي لتزويدهم بكميات من القمح الصلب المراقب والمعد للبذر يمكّن من تأمين حاجياتهم طيلة الموسم.
كما تم في هذا الإطار الترفيع في الكمّيات المبرمج وضعها مع تدعيم نسق تكييفها وتوزيعها ، علما وأنه تم إحداث خليّة متابعة بالتنسيق مع مصالح وزارة الداخلية لتوجيه البذور لمستحقيها والتصدي لعمليات الاحتكار.
وتحرص في هذا الإطار كافة المصالح المختصة على التنسيق مع السلط الجهوية وشركات التجميع لتوجيه كمّيات البذور للمناطق التي تشكو نقصا،ودعت الوزارة في هذا الإطار السلط الجهوية ومراكز التجميع الى التواصل مع الفلاّحين قصد إعلامهم بالبرنامج المتوفر من بذور الحبوب، ودعت أيضا الفلاحين إلى اقتناء حاجياتهم من البذور من نقاط البيع الرسمية المتواجدة بكافة الولايات.
ومن شأن هذه الإجراءات تحفيز صغار الفلاّحين على مضاعفة مجهوداتهم وتشجيعهم على زراعة مساحات شاسعة من الحبوب وتحقيق سياسة الدولة في تأمين الأمن الغذائي التونسي انطلاقا من التعويل على الذات واستغلال كافة مقدراتنا وامكانياتنا وأغلب المساحات الصالحة للزراعة من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب والاستغناء تدريجيا عن التوريد.
وتشهد العديد من ولايات الجمهورية حاليا ، انجاز موسم الزراعات الكبرى، الذي يشمل زراعة القمح الصلب والشعير والأعلاف، وبنسق تصاعدي ومتفاوت حسب الجهات، ففي ولاية سيدي بوزيد على سبيل الذكر لا الحصر و حسب ما أكده رئيس دائرة الإنتاج النباتي بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية مراد مبروكي في تصريح اعلامي،تمت برمجة 5960 هكتارا سقويا للقمح الصلب أنجز منها 3138 هكتارا (منها 960 هكتارا بعليا) بالإضافة إلى برمجة 2180 هكتارا سقويا من الشعير أنجز منها 1730 هكتارا (منها 325 هكتارا بعليا)، فضلا عن برمجة 6350 هكتارا من الأعلاف أنجز منها 4943 هكتارا.
وفي ما يتعلق بالتزود ببذور الحبوب، تم توفير 4088 قنطارا من البذور الممتازة من القمح الصلب و600 قنطار من البذور العادية من القمح و300 قنطار بذور ممتازة من الشعير.
وفي السياق ذاته أكدت مصادر متطابقة زرع 55 ألف هكتار من المساحات المخصصة للحبوب من جملة 85 ألف هكتار مبرمجة، في ولاية القصرين، إلى حدود يوم الثلاثاء 10 ديسمبر 2024، في موسم زرع البذور لهذه السنة.
ونرى أن تزوّد الفلاحين في مختلف مناطق البلاد بشكل عادي بالبذور من الجهات المختصة، بعد رفع الإشكاليات التي رافقت انطلاق موسم زرع البذور في شهر أكتوبر المنقضي، يعد مؤشرا إيجابيا لحسن سير موسم الزراعات و بنسق حثيث وفي أفضل الظروف لتحقيق مجمل الأهداف المرسومة.
وتبعا لمختلف هذه الإجراءات والتدابير الهامة نتوقّع مثلما يتوقع معظم الفلّاحين أن ينتهي موسم البذر قبل نهاية الشهر الجاري، خاصة بعد حرص السلطات الجهوية على توفير كميات هامة من مستلزمات الإنتاج ، وهو ما من شأنه أن يساهم في إنجاح الموسم الفلاحي الجديد الذي انطلق في ظروف مناخية طيبة نتيجة نزول الغيث النافع في مختلف المناطق طيلة الفترة الماضية.
ولعلّ النسق الحثيث لسير موسم الزراعات الكبرى يتأكد أكثر من خلال تقدّم موسم البذر في ولاية سليانة أيضا بنسبة 78% من جملة 150 ألف هكتار مبرمجة، مع تسجيل تحسن نسق التزود بالبذور، وذلك وفق ما كشفه رئيس مكتب الزراعات الكبرى بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية، محمد طاهر عزوز في تصريح اعلامي.
تسهيلات إضافية
وتعمل الدولة وبحرص من أعلى هرم السلطة على مساعدة صغار منتجي الحبوب من خلال توفير التسهيلات اللازمة لتأمين نشاطهم في أحسن الظروف حيث تم مؤخرا إمضاء إتفاقية بين وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري والبنك التّونسي للتّضامن لإحداث برنامج خصوصي جديد لتمويل موسم الحبوب 2024 /2025 لإسناد قروض موسمية.
وستوجّه هذه القروض، التّي سيقع إسنادها عن طريق البنك التونسي للتضامن، أساسا، لفائدة صغار منتجي الحبوب، خصوصا بالمناطق المروية أو القابلة للري وبالمناطق الملائمة للإنتاج وبالولايات المعنية بالبرنامج، والشركات التعاونية للخدمات الفلاحية لصيانة تجهيزات ومعدات غربلة ومداواة البذور المنتجة محليا، في إطار مشروعي دعم التطوير المندمج والدائم لمنظومة الحبوب والدعم الطارئ للأمن الغذائي في تونس.
وتسند هذه القروض الموسمية طبقا لشروط تفاضلية وبإجراءات مبسّطة ودون توفير ضمانات عينية ودون تمويل ذاتي، وبنسبة فائدة بنكية بـ%5.
ضمان الأمن الغذائي
وبهدف توفير الأمن الغذائي وتجاوز أزمة الحبوب، تتجه الدولة إلى تسهيل وتبسيط إجراءات استغلال الأراضي الفلاحية الدولية، من قبل صغار الفلاحين، والتي تمتد تقريبا على مساحة 500 ألف هكتار، والتي لا يتم استغلال سوى 24 % من هذه المساحة الجملية فقط. كما تتجه الدولة في إطار التعويل على الذات الى مزيد الاعتناء بالقطاع الفلاحي ودعم صغار الفلّاحين ومساعدتهم على تجاوز مختلف الصعوبات التي تعترضهم من خلال اقرارعدد من الإجراءات، وذلك بالتوازي مع حرصها – أي الدولة- على توفير الأراضي لتوسيع مساحة زراعة الحبوب، و التوجّه نحو ضمان الاستقلالية في مجال إنتاج الأعلاف من أجل تقليص الواردات في السنوات المقبلة.
شراكة استراتيجية..
وفي علاقة بالأطراف الداعمة لبلادنا خاصة في مجال قطاع الحبوب وضمان الأمن الغذائي نذكر على سبيل المثال البنك الدولي الذي يتقدم صدارة شركاء تونس في هذا المجال، وهو ما يتّضح بكل وضوح من خلال تأكيده على التزامه المتواصل بدعم تونس في تنفيذ برامجها الإصلاحية ومشروعاتها التنموية ذات الأولوية الوطنية والمردودية الاقتصادية والاجتماعية بما يساعدها على مجابهة التحديات القائمة والتقدم في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
ويشمل برنامج التعاون الخاص بين تونس والبنك الدولي دعم الأمن الغذائي وبرنامج الأمان الإجتماعي وغيرها من البرامج والمشاريع الأخرى، إلى جانب المشاريع التي سيتم تقديمها للتمويل بالنسبة للسنوات القادمة في عدد من المجالات الحيوية وذات الأولوية، من ذلك مجال الطاقة الكهربائية ومجال المياه والتعليم العالي والمجال الصحي و الحماية الاجتماعية ودعم الأمن الغذائي.
ويموّل حاليا البنك الدولي 16 مشروعا في تونس بقيمة تقارب 3.3 مليارات دولار (10.2 مليارات دينار) وتهدف هذه المشاريع الى رفع التحديات التنموية ذات الأولوية والحد من الفقر ودفع الادماج الاجتماعي والحد من آثار تغير المناخ على اقتصاد البلاد.
وفي الفترة الأخيرة، أعلن البنك الدولي، موافقته على منح قرضين لتونس بقيمة 520 مليون دولار لمساعدتها على مواجهة التحدي الخاص بالأمن الغذائي، وتحقيق التوازن في التفاوتات الاقتصادية بين المناطق من خلال تحسين ربط الطرق.
وساهم قرض البنك الدولي المسند لبلادنا في دعم الفلاحين بقيمة 145 مليون دولار، بهدف تخفيف آثار الجفاف على صغار منتجي الألبان والحبوب، عبر توريد 250 ألف طن من الشعير العلفي، فضلا عن تغطية احتياجات صغار منتجي الحبوب من البذور المقاومة للجفاف والحرارة،كما تم تخصيص مبلغ بقيمة 155 مليون دولار من القرض ذاته للتزود العاجل بالقمح قصد ضمان إمدادات توريد القمح الضرورية والطارئة بحجم 352 ألف طن (قمح صلب وقمح لين) تجنبا لانقطاع الخبز ومنتجات الحبوب الأخرى على المدى القصير.
في المقابل تعقد تونس شراكة استراتيجية مع البنك الدولي على مستوى المشاريع التنموية والاجتماعية منذ سنوات. وقد تعززت هذه الشراكة حين أعلنت مجموعة البنك الدولي، عن إطلاق استراتيجية جديدة مع تونس في الفترة من عام 2023 إلى 2027 بهدف دفع النشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى تعزيز قدرة البلاد على مواجهة الظروف المناخية.
وتعمل الدولة حاليا بمعيّة كافة مؤسساتها وهياكلها المعنية على تجاوز تراجع إنتاج الحبوب في السنوات الأخيرة بسبب تراجع تساقطات الأمطار باتخاذها جملة من الإجراءات العاجلة لضمان إنجاح موسم الحبوب 2024-2025 والذي يسير بنسق حثيث وتصاعدي وضبط استراتيجية شاملة للنهوض بقطاع الحبوب من أجل ضمان الأمن الغذائي والسيادة الغذائية الوطنية.
عن مشروع المنطقة الحرة للأنشطة التجارية واللوجستية بـبـن قردان: تونس منصّة وصل تجاري بين إفريقيا وأوروبا..
مثّل تأسيس شركة التصرف واستغلال المنطقة الحرة للأنشطة التجارية واللوجستية ببـن قردان والاع…