الفنان الكبير فتحي الهداوي وقد ترجّل.. سنحبـّـــــــــك أكثر..

لم يخبرنا بمرضه… ولم نكن نعلم شيئا عن إقامته بالمستشفى… لا شيء كنا ننتظره منه غير إطلالاته الاعلامية القليلة… وشخصية درامية جديدة نتابعها خلال شهر رمضان لأننا كنا نحبه في كل أدواره التي تقمّصها طيلة مسيرته الفنية… نحبّه لأنه أتقن ارتداء صدقه، وحبّه الكبير لفنه… نحبه لأنّه  كان دائما ذلك العاشق الخبيث، والشرير المتمرد، والقاسي المتغطرس… نحبه لأنه كان الأخ… والأب… والمدير… والزوج والمسؤول…

خدعنا إطمئاننا عليه، وبأننا سنلتقي مجدّدًا في رمضان القادم ولم ننتظر الحلقة الأخيرة من مسلسل «حياة فنية كاملة» كان عنوانها:

الرحيل الأخير…

وهكذا غيّب الموت الممثل التونسي القدير فتحي الهداوي يوم الخميس 12 ديسمبر 2024، بعد مسيرة تواصلت 40 عامًا قدّم خلالها الهداوي العديد من الأعمال التلفزية والسينمائية والمسرحية، فقد بدأ التمثيل في مسرح المعهد الثانوي ابن شرف بأداء قطع كلاسيكية تحت إشراف الأستاذ حمادي المزي، ثم انضم الى مسرح الهواة ليلتحق بعدها بالمعهد العالي للفن المرسحي بتونس وجاء في المرتبة الأولى في دفعته سنة 1986 حيث تحصل آنذاك على جائزة رئيس الجمهورية.

«أحلام… تحققت»

«الانسان لازم ديما يحلم، مالازمش ياقف ع الحلم، هو إليّ يخليه يستمر فيما هو فيه»… هذا ما قاله الراحل فتحي الهداوي في أحد حواراته الاذاعية… والأكيد أن الكثير من أحلامه تحققت… فقد حظي باحترام وحبّ جمهوره له طيلة سنوات طويلة… وحزنه العميق والصادق لرحيله… فمن منا سينسى «عفيف» في مسلسل «غادة» و«رشيد» في «ليام كيف الريح» و«منصور» في العاصفة و«ونّاس» في «براءة» و«رضا» في «الحصاد» و«رئيف» في «صيد الريم» وغيرها من الأعمال الدرامية الأخرى التي تابعها الجمهور وأحبها… ومن دور الى آخر… ومن شخصية الى أخرى… كان الهداوي يكسب دائما لقب «المعلّم»…

كما تميّز أيضا في كل أدواره التي تقمصها في المسلسلات العربية التاريخية على غرار «تاج من شوك» للمخرج التونسي الراحل شوقي الماجري و«هولاكو» و«أبوزيد الهلالي» للمخرج باسل الخطيب و«الحجّاج» و«خالد ابن الوليد» لمحمد عزيزية وأيضا «عمر» لحاتم خليل.

نجم السينما التونسية

وإلى جانب الأعمال الدرامية التلفزية، كانت للممثل القدير الراحل فتحي الهداوي العديد من المشاركات السينمائية التي عزّزت مكانته في مجال الفن السابع وأصبح نجم السينما التونسية بامتياز بداية من فيلم «الكأس» لمحمد دمق سنة 1985 وصولا الى آخر مشاركة سينمائية كانت له صحبة المخرج عبد الحميد بوشناق في فيلم «فرططو ذهب» سة 2021.

ومن بين أعماله السينمائية نذكر «صفايح ذهب» للنوري بوزيد و«عصفور سطح» لفريد بو غدير و«عرب» للمخرجين الفاضل الجعايبي والفاضل الجزيري و«المفتاح» لشوقي الماجري.

كما كانت للفنان القدير الراحل مشاركات سينمائية عالمية أبرزها كان تعامله مع المخرج الإيطالي فرانكو روسي والمخرج الفرنسي سارج مواتي…

نحن لا ننسى

نعترف بأنه رحيل صادم… ولكنها مشيئة اللّه عز وجلّ وإنا لله وإنا إليه راجعون…

نحن نوّدع فتحي الهداوي… أو «فتوح» كما يحلو لأصحابه مناداته… أو «المعلّم»… قبل أن نوّدع سنة 2024… وقبلها ودّعنا العديد من القامات الفنية التي لن ننساها… وكيف ننسى الوجوه والأصوات التي أحببناها وأحببنا أعمالها…

هم رحلوا… وبقي أثرهم…