بمعدل 5 شركات في كل معتمدية : تونس تطمح إلى إحداث 1320 شركة أهلية موفى سنة 2025
«ستشهد سنة 2025 إحداث 5 شركات اهلية على الأقل بكل معتمدية» هذا ما صرحت به كاتبة الدولة المكلّفة بالشركات الأهلية حسنة جيب اللّه، على هامش مشاركتها في منتدى الشركات الأهلية الذي نظمته مؤخرا ولاية سوسة تحت شعار «من المبادرة الجماعية إلى النفع الاجتماعي».
واستعرضت جيب الله بالمناسبة جملة الإجراءات والتدابير الرامية إلى مزيد التعريف بالشركات الاهلية وتنوع مجالات بعثها وذلك بهدف خلق شركات “ذات بعد بيئي مسؤولة ومستدامة”، وفق قولها، مؤكدة ان الشركات الاهلية قادرة على خلق ديناميكية تنموية اقتصادية واجتماعية وبيئية وتمثل فرصة لاستكشاف مكامن التشغيل ودعم تكافؤ الفرص بين التونسيين.
وانطلاقا من هذا التصريح يمكن القول ان تونس التي تضم 264 معتمدية ستشهد ارتفاعا حثيثا في نسق إحداث هذه الشركات المتوقع ان يرتفع عددها الى 1320 شركة موفى السنة القادمة .الأمر الذي يتماشى مع مخطط الحكومة 2025/ 2027 الخاص بإحداث الشركات الاهلية والهادف الى دعم منظومة المرافقة ونشر ثقافة المبادرة والمبادرة الجماعية وإدراجها في البرامج التعليمية وتكوين جمعيات حول المبادرة الجماعية وتطويرها. كما تعمل الحكومة من خلال هذا المخطط على تعزيز مصادر التمويل من خلال إحداث خطوط تمويل على موارد صندوق الودائع والأمانات والترفيع في الاعتمادات المخصصة للصندوق الوطني للتشغيل وإحداث صندوق لتمويل الشركات الاهلية وإحداث بنك أفكار لهذه الشركات.
ومن اجل حسن تسيير هذه الشركات التي تراهن عليها الدولة كخيار استراتيجي قادر على بناء اقتصاد متنوع وشامل تتجه الحكومة ، اقر مجلس وزاري مضيق انعقد مؤخرا وخصص لدراسة وضعية هذا الصنف الجديد من الشركات بضرورة إحداث هيئة وطنية للشركات الاهلية بتمثيليات جهوية ومجلس وطني للشركات الاهلية والمبادرات الجماعية تحت إشراف رئاسة الجمهورية إضافة الى اعتماد إضافي على موارد الصندوق الوطني للتشغيل في مشروع قانون المالية لسنة 2025 لتمويل الشركات الاهلية، وإحداث آلية تحت مسمى اعتماد انطلاق الشركات الأهلية على مورد الصندوق الوطني للتشغيل وإحداث آلية ضمان تسمى «خط ضمان التمويلات المسندة للشركات الأهلية» .
ومع تخصيص كل هذه الامتيازات للشركات الاهلية، هذا المصطلح الجديد الذي بدأ تناوله على الساحة الاقتصادية مع صدور المرسوم الرئاسي عدد 15 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس بالرائد الرسمي، يتصاعد النقاش حول أهمية هذا الصنف من الشركات وجدواها الاقتصادية لاسيما في ظل تعثر عدد هام من الشركات وعدم لعب الدور الموكول أليها والمتمثل وفق المشرع التونسي في تحقيق التنمية الجهوية وخلق ثروة متوازنة في الجهات وذلك بسبب تعدد المصاعب التي تعترض نشاط هذه الشركات.
ومن هذه الصعوبات نذكر بالأساس ضعف الموارد المالية لباعثي الشركات الاهلية، محدودية سقف التمويل المخصص على موارد الصندوق الوطني للتشغيل، ضعف الاعتمادات المخصصة للتمويل، الاقتصار على اعتماد بنك التضامن عند الانطلاق وعدم قدرة الشركات الاهلية على تأمين الضمانات الضرورية للمؤسسات المالية. وفي حقيقة الأمر لا تقتصر هذه الإشكاليات على هذا الجانب المتعلق بالتمويل بل أيضا تخص الإدارة والتسيير إضافة الى اعتماد هذه الشركات كشركات صغرى ومتوسطة لا تمتلك طاقة تشغيلية قادرة على استيعاب عدد هام من اليد العاملة. كما تواجه الشركات الاهلية جملة من الإشكاليات التشريعية والترتيبية على غرار استغلال الأراضي والعقارات الدولية الفلاحية والتصرف في الأراضي الاشتراكية الأمر الذي جعل أساتذة الاقتصاد يتحدثون عن ضعف مردودية هذا الصنف من الشركات ومحدودية دورها الاقتصادي مؤكدين ان مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي ستتجاوز في أفضل السيناريوهات المكنة 6 أو 8 بالمائة في السنوات القادمة.
ورغم كل هذا العقبات، تراهن السلط المعنية على هذه الشركات باعتبارها من الحلول الاقتصادية البديلة القادرة على خلق حركية في الاقتصاد التونسي بحكم انها مؤسسة اقتصادية لا تهدف فقط إلى تحقيق الربح بل تهدف أيضا إلى تحقيق العدالة الاجتماعية خاصة بعدما تعددت مجالات نشاطها ولم تعد تقتصر على المجال الفلاحي بل شملت جميع المجالات الاقتصادية كالبيئة والسياحة والصناعات التقليدية والنقل والخدمات حتى ان البعض من مساندي فكرة إحداث هذه الشركات يتوقعون ان تصبح الشركات الأهلية في تونس قوة اقتصادية حقيقية تقوم على أسس من الشفافية والمسؤولية الاجتماعية من خلال توفير فرص عمل لائقة وتحسين الظروف المعيشيّة للمواطن.
وفي ظل ما تطمح إليه الدولة لجعل الشركات الأهلية نموذجا ناجحا للمبادرات الهادفة والى دفع الاقتصاد الوطني أولا والى دفع عجلة التنمية المحلّية ثانيا وإحداث 1320 شركة سنة 2025، يقتضي كسب هذا الرهان العمل على تطوير هذه المؤسسات وإيجاد حلولا جذرية للتحدّيات التشريعية التي تواجهها على غرار البيروقراطية والتمويل حتى تتحول هذه المؤسسات الى سند أساسي للتنمية وتساهم في بناء اقتصادي متكامل وقوي. كما يبقى نجاح تجربة هذه الشركات رهين تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص لدعم نشاط هذه الشركات الأهلية والعمل أكثر على تحسيس المواطنين وتعريفهم بأهمية تأسيس الشركات الاهلية ومرافقة أصحاب الشركات في جميع مراحل تأسيسها.
القطاع الطاقي في تونس : تراجع في الإنتاج مقابل ارتفاع عجز الميزان التجاري للطاقة
تراجع إنتاج تونس من المحروقات (النفط والغاز) إلى أدنى مستوياته سنة 2024 في ظل تراجع الاستث…