2024-12-11

ختم قانون المالية لسنة 2025 في الآجال المحددة : تناغم جليّ بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لمواجهة التحديات الراهنة

ختم رئيس الجمهورية قيس سعيّد، مساء الاثنين 9 ديسمبر 2024، قانون المالية لسنة 2025 في الآجال الدستورية، بعد المصادقة عليه من قبل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وجاء ذلك خلال استقباله بقصر قرطاج لرئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة، ورئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم عماد الدربالي.

وأشاد رئيس الجمهورية بهذه الخطوة، التي تُعدّ الأولى من نوعها بعد تأسيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم، مشيراً إلى أن المصادقة على مشروع قانون المالية وفق أحكام الدستور والمرسوم المنظم للعلاقة بين المجلسين تُجسد التقدم الذي حققه النظام التشريعي. مثمّنا التنسيق المثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مؤكداً أهمية هذا التناغم لضمان حسن سير مؤسسات الدولة ولمواجهة التحديات الراهنة التي تواجه البلاد.

وأكد سعيّد أنه رغم ختمه القانون في الآجال المحددة، فإن بعض أحكامه تبقى قابلة للنقاش، مشيراً إلى إمكانية مراجعتها لاحقاً إذا دعت الحاجة لذلك.

ومن المتوقع ان تتم متابعة القرارات الترتيبية المثيرة للجدل في قانون المالية والتي خضعت لنقاش وخلاف داخل أروقة البرلمان. فرغم سعي النواب الى تمرير عدد من المقترحات الا ان اغلبها كان لا يتلاءم مع التوازنات المالية للدولة.

والنسخة التي ختمها رئيس الجمهورية هي الأولى التي صادق عليها البرلمان يوم 2 ديسمبر، اثر تعثّر التوافق مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذي صادق على نسخته يوم 4 ديسمبر، وعدم تمكن المجلسين من المصادقة على نص موحد في جلسة مشتركة يوم 9 ديسمبر.

في هذا السياق كان أبرز نائب رئيس لجنة المالية بالبرلمان عبد الجليل الهاني في تصريح لـ«الصحافة اليوم»، ان عدم التوصل إلى صيغة توافقية ونص موحد بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، هو نتيجة خلافات ظهرت بعد إحالة مشروع القانون إلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم، حيث جرى تعديل فصول، وإضافة أخرى، فضلاً عن إسقاط بعضها.

وبهدف حلّ الخلافات، تم تشكيل لجنة متناصفة من المجلسين (5+5) لبحث نقاط الاختلاف وإعداد نص نهائي، إلا أن النقاشات التي استمرت ثلاثة أيام لم تؤدِّ إلى توافق، لا سيما حول الفصلين 53 و59، وعدد من الفصول الأخرى التي خضعت لتعديلات أو إضافات.

ورفض المجلس الوطني للجهات والأقاليم، الفصل 53 المتعلق بتسوية وضعية المؤسسات الصغرى والمتوسطة تجاه بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة. وأيضا الفصل 59 المتعلق بالتخفيض من نسبة الأداء على القيمة المضافة الموظف على بعض المنتجات الفلاحية الموجهة للتحويل، والذي اثار جدلا واسعا في الآونة الأخيرة.

ونصّت رزنامة النظر والمصادقة على مشروع قانون المالية على احالته بحلول 15 أكتوبر من كل سنة على أقصى تقدير الى مجلس نواب الشعب ويتم التصويت عليه بشكل نهائي بحلول 10 ديسمبر على أبعد تقدير، طبقا لمقتضيات الفصل 66 من الدستور.

ويتعين صدور قانون المالية ونشره في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية في أجل أقصاه نهاية شهر ديسمبر من العام الحالي، بحيث يدخل حيز النفاذ في الأول من شهر جانفي 2025..

تقييم تجربة العمل المشترك..

وعن مسار قانون المالية، أفاد مساعد رئيس مجلس نواب الشعب حسام محجوب في تصريح لـ«الصحافة اليوم»، أن جميع الإجراءات المتعلقة بالمصادقة على مشروع قانون المالية تم احترامها، بما في ذلك التعامل مع الفصول الإضافية للقانون، التي ستُعرض لاحقاً في شكل أوامر ترتيبية أو مشاريع قوانين.

وأوضح حسام محجوب أن العمل على إعداد قانون المالية تم بالتنسيق مع وزيرة المالية، حيث أُجريت مراجعات على بعض الفصول بالتوافق مع الوزارة لتجويد النص مع الحفاظ على المضمون. كما تم سحب فصول لا تندرج ضمن مجال قانون المالية، مثل الفصل المتعلق بالحسابات بالعملة الصعبة، الذي سيُدرج لاحقاً في مجلة الصرف المنتظرة.

وذكر محجوب انه سيتم تقييم تجربة العمل التشاركي بين الغرفتين التشريعيتين، خاصة بعد التفاعل الإيجابي الذي تم ضمن اشغال اللجنة المتناصفة، مشددا على أن أي تعديل للمرسوم عدد 1 يستدعي المصادقة عليه في شكل مشروع قانون جديد. وتعد هذه التجربة الجديدة لتطبيق قانون المالية من طرف مجلسي النواب والجهات خطوة هامة ستُقيّم من طرف السلطتين التشريعية والتنفيذية لتحسين الآليات في المستقبل.

وأكد بدوره رئيس لجنة المالية بالبرلمان عصام شوشان، عقب مصادقة مجلس نواب الشعب على قانون المالية لسنة 2025، أن مراجعات الفصول في قانون المالية تخص فقط الفصول التي لا ترتبط مباشرة بموارد الدولة أو نفقاتها، وهي ما يُعرف بـ«فصول فرسان الخزينة». وأوضح عصام شوشان لـ«الصحافة اليوم» أن هذه الفصول ليس مكانها قانون المالية، بل يمكن أن تدرج في مجلات تشريعية متخصصة، مثل مجلة الجباية أو مجلة الديوانة، وربما تُقدم لاحقاً ضمن قانون في فصل وحيد.

وأشار شوشان إلى أمثلة على هذه الفصول، مثل تلك المتعلقة بالسجون ومكافحة السوق الموازية، والتي لا تنتمي بشكل مباشر إلى طبيعة قانون المالية. وأضاف أن بعض الفصول قد لا تُنفذ في هذه السنة بسبب غياب أوامر ترتيبية، ومن الممكن مراجعتها وإعادة تقديمها في السنة القادمة.

كما شدد شوشان على أن قانون المالية هو نتاج عمل أساسي من رئاسة الحكومة، وأنه يعتبر أول تجربة من نوعها بين مجلسي النواب والجهات والأقاليم. وأكد أنه يمكن لهذه التجربة أن تكون موضوع مراجعة شاملة لتحسين آليات العمل بين الغرفتين ومع الحكومة.

وجدير بالتذكير أن قانون المالية لسنة 2025 يتضمن 84 فصلاً، بعد إضافة 24 فصلاً جديداً من قبل النواب أثناء العمل التشريعي. ورغم الجدل الذي أثير حول بعض هذه الفصول، فإن هذه الإضافات حسب تقدير شوشان، تعكس الاستجابة لانتظارات التونسيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تفعيل الدبلوماسية التونسية في سنة 2025: تعزيز السيادة والتوسع الاقتصادي في مواجهة التّحديات العالمية

تواجه الدبلوماسية التونسية في سنة 2025 تحديات كبيرة تعكس التحولات الإقليمية والدولية السري…