في الذكرى 76 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. بأيّ طعم تحتفي الإنسانية اليوم بـ«الحقوق والحرّيات»..؟
تحيي المجموعة الدولية اليوم 10 ديسمبر 2024 الذكرى 76 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 كوثيقة مرجعية تتضمن الحد الأدنى المشترك من المبادئ والقيم بين بني البشر الذين اكتووا بنار الحربين الكونيتين فجنح الرابحون والخاسرون فيها الى التوافق حول إرساء منظومة أممية تحفظ الأمن والسلم الدوليين فأين نحن من هذا الإنجاز اليوم ؟
نقول الإنجاز، لأنه لم يكن من اليسير أنذاك صياغة إعلان يخصّ الناس ويتمحور حولهم وحول حياتهم ويغطّي احتياجاتهم ورغباتهم ومخاوفهم وآمالهم في الحاضر والمستقبل كما جاء في رسالة مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك بمناسبة يوم حقوق الإنسان لهذا العام.
وقد ذكّر المسؤول الأممي بأنّ حقوق الإنسان تؤثر يوميًا على كل فرد في كل مكان وكل زمان وهي تعني الجميع من دون أي استثناء وخلص إلى أن أهميتها المحورية في حياتنا ينبغي أن تمكّن الأفراد والمجتمعات المحلية والشعوب من بناء مستقبل أفضل.
والمؤسف ان الواقع لا يمتّ بصلة لما جاء على لسان المفوض السامي، والإيمان بأن حقوق الإنسان هي السبيل الوحيد للارتقاء بالإنسان وضمان حقوقه تبدو اليوم مجرّد وصفة مسكّنات للبشر أفرادا وجماعات، والعلاقات الدولية تقوم على التوازنات والصفقات والابتزاز والمقايضات بكل شيء لتحقيق المصلحة الخاصة باستثناء حقوق الإنسان للجميع.
إن المجموعة الدولية تقف اليوم عاجزة أمام صلف دول متنفذّة وكيانات مارقة، والإفلات من العقاب أصبح السمة البارزة في المشهد العام.
إن حقوق الإنسان مستباحة في مشارق الأرض ومغاربها سواء تعلّق الأمر بالحقوق المدنية والسياسية او الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كما جاءت في مئات الاتفاقيات والمواثيق والاعلانات الدولية ويكفي الرجوع هنا الى التقارير الدورية لمنظمات حقوق الانسان الوطنية والاقليمية والعالمية فهي ترصد كمّا هائلا من الانتهاكات التي تمسّ في العمق الحق في الحياة والحق في البقاء والحق في النماء والحق في المشاركة في الشأن العام وغيرها من الحقوق والحريات.
وقد سجّلنا منذ العام المنقضي بكل أسف تنامي الانتهاكات، انتهاك الحقوق الفردية والحقوق الجماعية وما يحصل في فلسطين المحتلّة منذ 7 اكتوبر 2023 تاريخ انطلاقة ملحمة طوفان الأقصى يقيم الدليل على ان الكيل بمكيالين هو المعيار الذي تقوم عليه العلاقات الدولية وان مجرما فارّا من العدالة أو كيانا مارقا يتبجّح بجرمه، يتمتّع بالحصانة وبحماية قوى اقليمية ودولية تبشّر بالديمقراطية وحقوق الانسان في الظاهر وتعطي الدروس لبقية الشعوب والامم وتتغاضى عن تجريم ما يقترفه الكيان الصهيوني وقادته المدنيين والعسكريين على حد سواء.
الطريف هنا أن الأمم المتحدة جعلت الذكرى 76 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تحت شعار «حقوقنا، مستقبلنا، فورا» من منطلق أنّ حقوق الإنسان هي السبيل إلى الحلول بما أنّها تؤدّي دورًا حاسمًا وتشكّل قوة وقائية وحمائية وتحويلية من أجل الخير لا سيما في أوقات الأزمات حسب مفوضية حقوق الإنسان بطبيعة الحال.
إن هذا الربط منطقي ووجيه بين إعمال الحقوق والمستقبل، فلا مستقبل للإنسانية في حال استمرار الأوضاع على ما هي عليه الآن من انتهاكات وجرائم وتغاض عن التجريم وإفلات من العقاب، كما ان الإقرار بالعجلة وبالإعمال «الفوري» للحقوق والحريات مؤشر وتأكيد على أننا في صراع مع الزمن.
وهنا نعود إلى ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نفسه والتي تشرّع للإنسان فردا وضمن المجموعة النضال والمقاومة من أجل حقوقه وحرياته حيث نقرأ بوضوح «ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكي لا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم..»، وهذا التمرّد الدائم والمستمر هو الذي يغذّي الأمل في فجر إنسانية جديد.
بلغ السيل الزبى.. العنف المدرسي خطر جاثم يهدّد المجتمع
لم نكد نطوي صفحة واقعة انتحار أستاذ التربية الاسلامية بالمدرسة الإعدادية بالشابة من ولاية …