مع الأحداث : حتّى لا تسقط سوريا كما سقط الأسد..
حتى قبل دخول دمشق وإعلان مغادرته لسوريا كان هناك إجماع وشبه يقين لدى السوريين ولدى كل من يتابع الشأن السوري منذ بداية الأحداث قبل أسابيع أن حكم الأسد انتهى وأن سقوطه مسألة وقت..
سقط نظام الأسد إذن بشكل سريع ومباغت دون مقاومة تذكر ودون حتى أي محاولة للمقاومة وكان جليا أن أمرا ما دُبر بليل..
هل تم الاتفاق على انهاء مرحلة الأسد؟ تبدو المسألة محسومة ويبدو أن القرار اتخذ بين أكثر من عاصمة على إنهاء مرحلته وكان من الضروري مسرحة هذه النهاية وكتابة السيناريو الجيد واختيار من سيلعب دور البطولة فيها..
ظهر اسم الجولاني الذي بات اليوم يعرف باسم أحمد الشرع، فماضيه الإرهابي يجب أن يزيّن كي يبدو في زيّ بطل المرحلة الحالية ورجل المرحلة القادمة..
تحالف الكل أصدقاء وأعداء وكان القرار بضرورة إسدال الستار على مرحلة ما من حكم سوريا انتهى فيها دور بشار الأسد الذي قبل أن يكون معولا في يد جهات أجنبية واختار أن يواصل لعب دور الوكيل بدل التنحي وتجنيب بلده مصيرا غامضا.
لم يكن ما حدث في سوريا محض صدفة أو ثمرة لنضال شعب ضد حاكم ظالم رغم أننا لا نريد أن نبخس حق الشعب السوري الذي عنى من نظام حكم لم يستوعب الدرس ولم يلتقط اللحظة ولا نريد أن ننغص عليه فرحته بطي صفحة شاب السواد الكثير من أجزائها الا أن تتبع الأحداث التي عاشتها المنطقة في السنوات الأخيرة يجعلنا لا نشك في أن وراء الأكمة ما وراءها.
لقد استطاع الأسد أن يصمد في وجه رياح الربيع العربي لما هبت على بلده قادمة من تونس وليبيا ومصر وعلى امتداد نحو عقد من الزمن نجح في أن يبقي حكمه قائما وقويا حتى خال الجميع أنه نجا من مخطط يبدو أن مهندسه وضع كل السيناريوهات الممكنة لإنجاح مخططه ولو بعد حين…
بعد الربيع العربي جاء طوفان الأقصى الذي طرح الكثير من الأسئلة حول حقيقته ومن يقف وراءه وما هي الأهداف الحقيقية له؟ لا احد قدم إجابة مقنعة ولا أحد إلى اليوم قادر على تقديم إجابة أو تفسير لما حدث في ذلك اليوم لكن تداعياته وما انتهت إليه الأحداث في سوريا تثير المزيد من الأسئلة الحارقة والضائعة في ذات الوقت..
دُمرت غزة وأُبيد شعبها ثم بدأت آلة القنص الصهيونية في «اصطياد» رؤوس المقاومة وجاءت تفجيرات بيجر ثم مقتل حسن نصر الله وكل قادة حزبه المرشحين لخلافته ثم شنت الحرب ضد لبنان ثم بدأ هجوم الفصائل المسلحة من الحدود التركية بعد أيام من تحذيرات وجهها نتانياهو لبشار الأسد الذي قال إنه يلعب بالنار..
أيام قليلة كانت كافية لانجاز ما لم ينجح آلاف المقاتلين في انجازه طيلة سنوات طويلة : سقط الأسد ومع سقوطه باتت سوريا مفتوحة على جميع الاحتمالات.
قد لا نبالغ إن جزمنا أن أكثر المتفائلين في سوريا لم يكونوا ليتخيلوا أن يكون سقوط نظام استمر لنحو 50 سنة بتلك السهولة.. ساعات قليلة كانت كافية لرحيل رجل لم يكن أحد يتخيل أنه سيستقل طائرة بكل سهولة ويتخلى عن ارث لم يتردد والده لبنائه في «التضحية» بدماء سورية غزيرة…
اليوم وقد سقط الأسد يشعر السوريون بالفرحة لتخلصهم من نظام خنقهم لعقود طويلة لكن هذه الفرحة بإسقاطه لا يجب أن تغمض أعينهم عمّا يتربص ببلدهم من مخاطر بدأت مؤشراتها تظهر منذ الساعات الأولى ليوم أمس مع توغل الكيان الصهيوني في أراضيهم تزامنا مع تبني خطاب دولي يبالغ في تبييض الجماعات التي كانت بالأمس توصف بالإرهابية فباتت اليوم تقدم على أنها معارضة متمردة يقودها رجل نزع عنه لقبه الحركي كما نزع قميصه الطويل..
نعم، سقط الأسد ورحل عن سوريا وأغلقت صفحة حكم آل الأسد لبلد نتمنى أن يستفيد من دروس التاريخ وأن يكون لشعبه القدر الكافي من اليقظة والذكاء للوقوف أمام كل محاولة لإسقاطه وتفتيته…
من المستفيد مما يحدث في سوريا؟
منذ اندلاع الأحداث الأخيرة في سوريا يتساءل الجميع عن خفايا وأبعاد هذا الهجوم المباغت وتداع…