2024-12-10

بين سقوط الأسد و عودة ترامب : خلط الأوراق يتسارع في الشرق الأوسط

الصحافة اليوم (وكالات الانباء) سقط بشار الأسد خلال 11 يوما فقط. فبعد أن اعتقد كثيرون أنّ الثورة التي اندلعت ضدّ نظامه قبل حوالى 14 عاما انطفأت جذوتها، تسارعت فجأة وتيرة الأحداث في سوريا، معيدة خلط الأوراق في الشرق الأوسط.

والواقع أن هذا السقوط المدوّي أتى في أعقاب حدثين زلزاليّين آخرين ساهما في انهيار المعسكر الموالي لإيران في المنطقة من خلال ضربتين قاصمتين تلقّاهما أبرز حليفين إقليميين لطهران هما حزب الله اللبناني الذي قضت دولة الاحتلال على معظم قادته، وحركة حماس الفلسطينية التي اغتيل رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية.

والهجوم الصاعق الذي فاجأ الجميع بسرعة تقدّمه، شنّته فصائل مسلّحة معارضة للأسد تقودها هيئة تحرير الشام، الفصيل الإسلامي الذي فك ارتباطه بتنظيم القاعدة.

وقبل أن ينطلق هذا الهجوم لم يكن أي من السوريين أو من سواهم، سواء أكانوا في دول صديقة لنظام الأسد أو معادية له، أو أكانوا خبراء أو محلّلين أو صحافيين، يعتقد أنّ بوصلة الأحداث ستتّجه فجأة صوب دمشق، فيما كانت الأنظار مشدودة منذ أكثر من عام إلى الحرب المستعرة في قطاع غزة والتي ما لبثت أن تمدّدت إلى لبنان.

والسبب في ذلك أنّ بشار الأسد بدا وكأنّه ثابت في موقعه لا يتزحزح، بعد أن قضت القوة الضاربة لحلفائه الرئيسيين، إيران وروسيا وحزب الله، على كلّ من هدّد حكمه، وتسارعت وتيرة عودته إلى الحضن العربي.

ومنذ الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، انجرّت إيران ومعها “محور المقاومة” التابع لها إلى نزاع سرعان ما كشف نقاط وهنها.

فحرب الإسناد التي أعلنها حزب الله ضد الكيان الصهيوني دعما لحماس أنهكت التنظيم وأهلكت معظم قادته، وفي مقدّمهم أمينه العام حسن نصر الله.

ومن المرجّح كذلك أن يكون سقوط الأسد قطع إلى غير رجعة شريان الحياة الذي كان الحزب يعتمد عليه لتلقّي إمداداته من السلاح والمال من الجمهورية الإسلامية عبر سوريا والذي تلقى ضربات صهيونية شديدة، إذ إنّ حكّام الشام المقبلين لن ينسوا للحزب الشيعي دوره في سحق ثورتهم.

أما بقية أطراف “محور المقاومة”، أي الحوثيون في اليمن والفصائل الشيعية الموالية لطهران في العراق، فحافظت من جهتها على قدرتها على مضايقة حلفاء الولايات المتحدة والقوى السنية الإقليمية الوازنة، لكن من دون أن تتمكّن من إحداث أيّ تغيير في الوضع الراهن.

أما بالنسبة لروسيا الغارقة في حرب ضدّ أوكرانيا، فخسارتها قد تكون جسيمة في سوريا حيث لديها في مدينة طرطوس المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط أكبر قاعدة بحرية في الشرق الأوسط.

ولطالما كان نفوذ الفصائل المناهضة للأسد في سوريا يقاس بمقدار أموال النفط التي توزّع على هذه الفصائل.

وظل الأمر على هذا الحال منذ 2011 إلى أن وجدت دول الخليج، وفي مقدّمها الإمارات العربية المتحدة، نفسها مضطرة لإعادة وصل ما انقطع مع الأسد، حليف إيران.

أما الكيان ااصهيوني، فهو ينتظر قبل أي شيء، على غرار بقية جيرانه، الورقة الرئيسية التي ستحل في واشنطن في 20 جانفي عندما يعود الجمهوري دونالد ترامب إلى السلطة.

ومن الرباط إلى الرياض، ومن الخرطوم إلى طهران، يأمل الجميع، من قادة ومعارضة، في كسب تأييد الملياردير الجمهوري المعروف باتباعه دبلوماسية الصفقات.

وعشية فرار الأسد من دمشق قال ترامب إنّ “الفوضى” في سوريا “ليست معركة واشنطن”.

لكنّ الرئيس المقبل سيجد أمامه شرق أوسط مختلفا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

جوا وبرّا وبحرا : الاحتلال الصهيوني يدمّر مقدّرات الجيش السوري

(الصحافة اليوم وكالات الانباء)تحاول دولة الاحتلال الصهيوني الاستفادة من إسقاط نظام بشار ال…