2024-12-08

تثمين زيت الزيتون صنف «شملالي» : جودة فريدة للزيت التونسي وفرص واعدة

نظم الديوان الوطني للزيت، بالتعاون مع المجلس الدولي للزيتون ووزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، ورشة عمل بصفاقس خصصت لتسليط الضوء على أهمية زيت الزيتون التونسي، وخصوصًا صنف «شملالي» وتهدف هذه المبادرة إلى تثمين هذا المنتج الاستثنائي، الذي يشكل ركيزة أساسية للاقتصاد الفلاحي في البلاد، ويُعدّ علامة فارقة في مجال زراعة الزيتون عالميًا.
يعتبر زيت الزيتون صنف «شملالي» من أبرز الأنواع التي تنتجها تونس، حيث يشكل ما بين 60 % و70 % من إجمالي الإنتاج الوطني . وتنتشر أشجار هذا الصنف بشكل أساسي في المناطق الساحلية والجنوبية للبلاد علاوة على بعض المناطق بالوسط ، مما يجعله محوريًا في استراتيجيات تطوير قطاع زيت الزيتون. ويتميز زيت «الشملالي» بخصائص مذاقية وكيميائية عالية الجودة ، حيث يحظى بإشادة محلية ودولية بفضل نكهته الفريدة وقيمته الغذائية العالية.
ورشة العمل الأخيرة أتاحت الفرصة لاستعراض نتائج دراسة شاملة حول خصائص هذا الزيت، أُنجزت بالتعاون مع مؤسسات علمية بارزة مثل معهد الزيتونة ومركز برج السدرية للبيوتكنولوجيا. وأكدت الدراسة أن زيت «الشملالي» يمتلك مزيجًا مثاليًا من الجودة والمقاومة الطبيعية ، ما يجعله أحد أكثر الزيوت تنافسية على المستوى العالمي .
التأقلم مع التغيرات المناخية
أظهرت الأبحاث أن أشجار الزيتون من صنف «شملالي» تتمتع بقدرة استثنائية على التأقلم مع الظروف المناخية القاسية التي تميز تونس، بما في ذلك الجفاف وارتفاع ملوحة التربة وانتشار الأمراض النباتية . هذا التأقلم يُعزز من استدامة غراسة الزيتون، مما يجعله خيارًا استراتيجيًا في مواجهة التغيرات البيئية المتسارعة.
لا تقتصر أهمية هذا الصنف على مردوديته العالية فحسب ، بل يمتد ليكون رمزًا لصمود الزراعة التونسية ، حيث تعكس أشجاره تاريخًا طويلًا من التأقلم والابتكار الفلاحي . وهذا ما يجعل زيت «الشملالي» ليس مجرد منتج اقتصادي ، بل عنصرًا ثقافيًا يعكس هوية البلاد.
منظومة متكاملة لدعم القطاع
تعمل السلطات التونسية على تعزيز منظومة زيت الزيتون عبر استراتيجية شاملة تشمل كافة الأطراف المتدخلة في القطاع ، بدءًا من الفلاحين وصولًا إلى المصدّرين.حيث يُساهم الديوان الوطني للزيت بدور محوري في هذه المنظومة ، ويقوم بشراء الزيت مباشرة من الفلاحين وأصحاب المعاصر في مختلف أنحاء البلاد، لضمان استقرار السوق وتشجيع الإنتاج هذا الموسم.
كما أبرزت الورشة أن طاقة تخزين زيت الزيتون في تونس تبلغ حوالي 500 ألف طن ، موزعة بين الديوان الوطني والخواص ، مما يضمن توازن العرض والطلب، خاصة مع الصابة الحالية التي تقدر بـ 340 ألف طن. وتعد الولايات مثل سوسة وصفاقس ومعتمدية جرجيس من أبرز المناطق التي تشهد إقبالًا كبيرًا على هذه المنظومة المتكاملة.
المصاعب والفرص الممكنة
رغم المزايا الكبيرة لصنف «شملالي»، يواجه القطاع تحديات تتعلق بالتسويق الدولي وتعزيز تنافسيته في الأسواق العالمية. ومع ذلك، تفتح جودة هذا الزيت فرصًا واعدة، خصوصًا مع ازدياد الطلب على المنتجات الصحية والطبيعية في السوق العالمية.
وتتطلب المرحلة القادمة التركيز على تطوير العلامة التجارية لزيت «شملالي»وتعزيز استراتيجيات التسويق، مع تحسين البنية التحتية اللوجستية وتوسيع قنوات التصدير. كما يُمثل الاستثمار في البحث العلمي والتكنولوجي محورًا أساسيًا لتحسين المردودية والابتكار في القطاع.
يمثل زيت الزيتون صنف «شملالي» ثروة وطنية تونسية ذات قيمة عالية، ليس فقط من الناحية الاقتصادية، بل أيضًا كرمز للصمود والاستدامة. وبالتالي فإن المبادرات الحالية لتثمين هذا الصنف، إلى جانب دعم المنظومة الإنتاجية، تمثل خطوات هامة نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة تونس كأحد أبرز مصدّري زيت الزيتون في العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مرّة أخرى الرئيس يتوقف عند « التخريب الممنهج» لقطاع النقل.. نحو مقاربة جديدة لإعادة بناء منظومة منهكة..!

يواجه قطاع النقل في تونس، منذ سنوات، تحديات متزايدة ألقت بظلالها على حياة المواطن اليومية …