2024-12-08

الإصلاحات الاقتصادية : الحكومة التونسية تكشف عن خطتها الخاصة بالشركات الصغرى في 2025

تضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025 جملة من الإجراءات الهادفة إلى دعم الاقتصاد الوطني سواء عبر تخفيف الأعباء عن الشركات المحلية أو تشجيع الاستثمارات الخارجية وخصص الكثير منها لصالح الشركات الصغرى والمتوسطة. هذه الشركات التي رغم أنها تمثل أحد أهم المحركات الرئيسية لدفع عجلة التنمية الاقتصادية (تمثل لوحدها حوالي 90 % من النسيج الاقتصادي وتوفر لحوالي 2000 شخص مصدر رزق) إلا أن اغلبها يواجه هشاشة مالية بسبب عدم الحصول على التمويلات الكافية. الأمر الذي أكده تقرير البنك الدولي وجاء فيه “ارتفعت نسبة الشركات التونسية التي تعتبر التمويل عقبة رئيسية من نحو 22 % إلى 44 في المائة” وصل بها الحد الى إفلاس ما يقارب 3800 مؤسسة بين سنتي 2021 و2022 وتوقف أكثر من 140 ألف مؤسسة عن النشاط فعليا منذ جانفي 2011 . وبالعودة إلى الإجراءات التي جاءت في مشروع قانون المالية2025، فقد تضمن هذا الأخير تدابير تتعلق بالعفو الجبائي والجمركي، بهدف مساعدة الشركات على تسوية أوضاعها المالية، مما يتيح لها فرصة لتسوية ديونها الجبائية والجمركية ويمنحها فرصة ثانية للتعافي. كما تضمن هذا المشروع تسهيلات ضريبية تهدف إلى مساعدة الفاعلين الاقتصاديين على تسوية أوضاعهم، خاصة من خلال العفو الجبائي والجمركي بهدف تمكين اصحاب الشركات من تسوية ديونها وتحقيق الاستقرار المالي.
وفيما يخص مجال البنية التحتية الكبرى والمشاريع العامة، حث المشروع على وضع إطار قانوني خاص لتسهيل تنفيذ المشاريع الكبرى من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وتخفيف الأعباء المالية على الشركات المكلفة بتنفيذ هذه المشاريع إضافة الى تحفيز مشاريع البنية التحتية الاستراتيجي كما تم اعتماد أيضا اعتماد إجراءات مبسطة لتسريع المشاريع الكبرى وحل المشاكل التي تواجهها الشركات بسبب التأخيرات أو مراجعة التكاليف.
ولأن الحصول على التمويلات اللازمة تعد من أبرز مشاكل هذه الفئة من الشركات ، أقرت الحكومة ضمن مشروع قانون المالية للسنة القادمة إنشاء خطوط تمويل مخصصة للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة. وفي هذا الصدد، تم أولا فتح عدة خطوط تمويل قدره7 مليون دينار لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة من خلال قروض متوسطة وطويلة الأجل بشروط ميسرة، ثانيا خط تمويل قدره 10 مليون دينار لدعم احتياجات الإدارة والتشغيل للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، مما يساعد على تعزيز قدراتها التشغيلية وأخيراً، خط تمويل قدره 3 مليون دينار على شكل قروض بدون فائدة لمؤسسي الشركات الناشئة.
هذا و تخطط الحكومة لإنشاء آلية للضمانات المالية، حيث يغطي هذا النظام القروض الممنوحة للشركات بين جافي 2025 وديسمبر 2026 في إطار برامج إعادة الهيكلة المالية كما سيتم تخصيص 20 مليون دينار لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في سعيها للحصول على التمويل. إضافة إلى تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، خصصت الحكومة تمويلًا إضافيًا لدعم الشركات المجتمعية، بمبلغ قدره 20 مليون دينار لتعزيز تأثير هذه الشركات في الاقتصاد المحلي.
وعموما يمثل مشروع قانون المالية لعام 2025، وفق قراءة رئيس الحكومة كمال المدوري الذي صرح بان هذا المشروع يعكس إرادة الحكومة التونسية في إعادة تنشيط الاقتصاد من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير دعم مالي كبير للشركات الصغيرة والمتوسطة، الشركات الناشئة والشركات المجتمعية، استجابة طموحة للتحديات الاقتصادية الحالية في تونس بحكم ان جل التدابير المقترحة تعمل على تحفيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص استثمارية في بيئة أكثر ملاءمة.
وبالعودة إلى التحديات التي يواجهها الاقتصاد الوطني سنة 2025، يعد تباطؤ النمو أهم هذه التحديات إذ لم نتجاوز 3 % منذ سنوات حتى ان اغلب المؤسسات العالمية أقرت أنها لن تتجاوز 2.5 % حتى ان البنك الدولي خفض توقعاته للنمو سنة 2024 من 4.2 %الى 2.1 %. ووفق أساتذة الاقتصاد يعود هذا التباطؤ بالأساس الى انكماش الاقتصاد الوطني وتدبدب مؤشراتها إضافة الى كثرة الضغوط المالية التي أثقلت كاهل الاقتصاد وارتفاع حجم القروض الداخلية والخارجية، لتصل نسبتها إلى نحو 80 % من الناتج المحلي الإجمالي إضافة الى تراجع مردودية القطاع الصناعي سواء بسبب ضعف الاستثمار الأجنبي أو ضعف مردودية الشركات الصغرى والمتوسطة المحلية.
ونظرا للتأثير السلبي لكل هذه التحديات على الاقتصاد الوطني، طالب الخبراء الاقتصاديون بالتسريع في مسار الإصلاحات الاقتصادية وإقرار إجراءات جادة من شأنها أن تعيد الثقة الدولية والمحلية على غرار تبني إصلاحات جوهرية تمس قطاعات المالية والاستثمار لتحسين بيئة الأعمال وزيادة جاذبية تونس للاستثمارات. كما تشمل المقترحات أيضاً ضرورة أن تضع الحكومة إستراتيجية طويلة الأمد لإدارة الدين العام وتقليص العجز المالي وتنويع مصادر التمويل دون اقتصاره على المؤسسات المحلية، بما يخفف من الضغوط المالية ويعزز من قدرة الدولة على تنفيذ مشاريع تنموية. وعلى ما يبدو فان الحكومة استجابت “نوعا ما” لهذه المطالب باعتبارها الحل الأنسب لحلحلة الوضع الاقتصادي وعيا منها بأهمية هذه الإصلاحات. عموما يعد مشروع قانون المالية لسنة 2025 وما تضمنه من إجراءات محفزة بمثابة “خارطة للنمو الاقتصادي” باعتباره مشروع يعمل على تسريع تنفيذ المشاريع الاستثمارية ويحد من التداين الخارجي وخاصة يدعم النسيج الصناعي عبر ما سن من إجراءات محفزة لهذه الشركات. كما تعهدت الحكومة بالعمل أكثر على توفير بيئة استثمارية جاذبة للاستثمار بهدف استرجاع ثقة رجال الأعمال وتوفير بيئة استثمارية جاذبة للشركات الأجنبية الناشطة خصوصا في محالات واعدة مثل الطاقات البديلة، الاقتصاد الأخضر والدائري والأمن الغذائي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مجلس الجهات والأقاليم يقر الفصل 72 من مشروع قانون المالية لسنة 2025 : تشديد العقوبات الديوانية على التهريب والمهربين

صوت المجلس الوطني للجهات الأقاليم مؤخرا على الفصل 72 من مشروع قانون المالية لسنة 2025 المت…