2024-12-07

تأمين حياة المواطنين وحسن اختيار المسؤولين : عن المرحلة المفصلية  ومتطلباتها

الحاجة الى الطمأنة ليست مرتبطة بظروف بعينها بل هي ضرورة ملحّة في زمن الأزمات والمحن مثلما هو الحال في الأوضاع الاعتيادية. والتونسيون مثل غيرهم من الشعوب يحتاجون دوما الى مسؤولين يوجّهون اليهم رسائل تطمئنهم وتشعرهم بأن هناك دولة تسهر على أمنهم وأمانهم الشخصي والمجتمعي والوطني.

والأكيد ان المجتمع التونسي يعيش مخاضا مثل الكثير من المجتمعات فهناك تحولات كبرى مسّتنا مثل غيرها وهناك قديم يتهاوى وجديد لم ير النور بعد وهذا ما يحدث دوما في المراحل المفصلية من تاريخ الشعوب والأمم. وتتجسد هذه الأمور كلها في صعوبات المعيش اليومي سواء من المكابدة من أجل تأمين حياة كريمة أو تنامي ظواهر اجتماعية مقلقة من قبيل العنف في الفضاء العام وغيرها.

والواضح ان الدولة التونسية تعي اليوم جيدا كل هذا المخاض ولذلك يتحدث أعلى السلطة عن «حرب تحرير وطني» بمعنى تلك القطيعة مع كل ترسبات الماضي والتأسيس لمرحلة جديدة متسقة مع السياقات الراهنة ومستجيبة لانتظارات المواطنين.

ونظرا لأهمية المسألة الأمنية باعتبار اننا لا نستطيع أن «نبني ونشيّد» في ظل توترات اجتماعية على سبيل المثال او في ظل احتقان او مع تنامي ظواهر خطيرة. لذلك من الطبيعي ان نؤسس أرضية صلبة ومتينة في البدء لمجتمع آمن تتوفر فيه الظروف الطيبة ثم الانطلاق في إرساء سياسات كبرى في القطاعات المهمة.

وفي هذا الاطار يتنزل الاهتمام بالمسألة الأمنية بكل أبعادها والأكيد ان هناك جهودا كبرى تبذل في هذا الصدد.ولكن لابد من مضاعفتها لتأمين حياة المواطنين في كل المجالات سواء تعلق الأمر بالأمن الشخصي او الأمان المعيشي أي ذاك المتصل بحاجياتهم اليومية الأساسية وذلك عبر تفكيك الشبكات بشتى أنماطها.

وهذا ما جاء في بلاغ رئاسة الجمهورية الذي يتمحور حول فحوى لقاء رئيس الدولة قيس سعيّد بكل من السيدين خالد النوري وزير الداخلية وسفيان بالصادق كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن الوطني.

إذن مرة أخرى يشدد رئيس الجمهورية على ضرورة مضاعفة الجهود ويحفز القوات الأمنية لتضطلع بدورها بشأن تحقيق الأمن المجتمعي للتونسيين سواء عبر الحفاظ على سلامتهم وسلامة ممتلكاتهم في الفضاء العام والخاص او من خلال محاربة الفاسدين الذين ينشطون في شكل شبكات ويضيّقون على المواطن سبل العيش الكريم عبر الاحتكار او المضاربة او التحيل في مسالك التوزيع او كذلك من خلال الترفيع المشط في الأسعار. وكلها طرق تهدف الى التنكيل بالتونسي وخلق احتقان اجتماعي لأهداف سياسية في أغلب الأحيان.

وفي سياق متصل وفي الاجتماع ذاته أكد رئيس الجمهورية قيس سعيّد على دور الولاة والمعتمدين في العمل من أجل إيجاد حلول للمواطنين أي الاضطلاع بمهامهم في خدمة التونسيين والاقتراب من مشاغلهم ومشاكلهم وهو الأمر الذي مافتئ  يؤكد عليه في كل مناسبة داعيا الى تحمل المسؤولية باعتبارها تكليفا وليس تشريفا.

وفي هذا الصدد ركز الرئيس على ضرورة اختيار المسؤولين بناء على انخراطهم في معركة التحرر الوطني. فالمقياس الأول في الاختيار هو استبطان كل مسؤول أن تونس تعيش مرحلة جديدة في تاريخها يصنعه المناضلون الذين يعتزون بالانتماء لهذا الوطن ويتميزون بروح البذل والعطاء والإيثار دونما حدود.

هنا يفصل رئيس الجمهورية القول في مسألة تكليف المسؤولين ويؤكد على اعتماد معيار مهم جدا وهو الولاء للوطن. ففي المراحل الدقيقة والمفصلية من المهم ان يتحلى رجال السياسة والمسؤولين في كل المناصب من أصغرها الى أكبرها وأهمها بهذه الروح الوطنية العالية حيث يتجند الجميع من اجل خدمة الوطن والمواطن. وبقدر الكفاءة المهنية والعلمية تبرز أيضا أهمية الولاء المطلق الذي لا تشوبه شائبة لتراب هذا الوطن والاصطفاف خلف مصالحه العليا فقط. وهذا هو الرهان الكبير المطروح الآن على المسؤولين وعلى عموم التونسيين أيضا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

العائدون من سوريا.. مـــاذا سنعدّ لهم..؟

سقط نظام بشار الأسد في سوريا  وثبت أن بيته أوهن من بيت العنكبوت وان جيشه فقد العقيدة والثب…