2024-12-06

أمام كمّ التجاوزات الخطيرة المسجلة بمؤسساتنا التربوية : منع استعمال الهواتف الجوالة الذكية يطرح كأحد أهم المطالب الحارقة 

يطرح موضوع استعمال الهواتف الجوالة الذكية داخل المؤسسات التربوية كأحد أهم المطالب  الحارقة  من قبل المتدخلين في الشأن التربوي على اختلاف تصنيفاتهم .

ولعل الحادثة الأخيرة للأستاذ الذي أنهى حياته بطريقة بشعة والتي يرجّح أن تكون نتيجة حملة تنمّر على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل بعض التلاميذ، تمثل الشرارة التي من خلالها طالب أهل القطاع  بتفعيل منشور منع استخدام  الهواتف الجوالة في المؤسسات التربوية  خاصة أمام  كمّ التجاوزات الخطيرة المسجلة بمؤسساتنا التربوية أما المعلوم منها فقد كان صادما للرأي العام  ويشي بانهيار مدو للمعايير الأخلاقية ولعل ما خفي أعظم …ما حدث كان كافيا لتعلو أصوات رجال التربية والتعليم والأولياء منادية بالمنع الصريح لاستخدام الهواتف الذكية بالمؤسسات التربوية  ووضع  حدّ لخطر بعض استخدامات الهواتف الذكية من قبل التلاميذ وخروجها عن إطارها.

بين داع لمنع الاستعمال وبين رافض له  تختلف التحليلات في هذا الشأن ولكن الخلاصة تنصب في الحرص على إيجاد الأرضية الصلبة لإعداد جيل متوازن  والقطع مع كل  التشوهات  والتجاوزات  بمختلف أشكالها التي طالت المؤسسات التربوية ومظاهر اختلال الموازين  الذي عرفته المؤسسات التربوية  الذي أنتج جيلا جديدا نشأ في منظومة  قيم وأخلاق مختلّة استفحلت و بصورة جلية منذ 14 جانفي2011 حيث سادت الفوضى وغاب الرادع ولعل أهم تجليات هذا الطابع ما تعيشه المنظومة التربوية  بمختلف مستويات التعليم فيها ابتدائية كانت أو ثانوية أو حتى جامعية.  فلقد تعددت أوجه الفوضى _ عنف بلغ حد الجريمة – ومسّت  الفوضى جميع جوانب العلاقة التي يفترض أنّ تكون بمنأى عن تلك الشوائب و التعفنّات.

إذ يرى البعض أن الإفلاح في تحقيق الحد الأدنى الضامن  لإعادة البناء  _ علاقة الاحترام بين المربي  والتلميذ – وتوجيه التلاميذ ، يكمن حتما في «الأخذ بالأسباب» التي تؤدي إلى تحقيق هذا المطلب ومن بينها منع استعمال الهواتف في المؤسسات التربوية هذا إلى جانب عوامل أخرى  حيث  قرر الإطار التربوي المشرف على المعهد الثانوي أبو القاسم الشّابي بفريانة ومدرسة إعدادية بالمعتمدية نفسها، الاثنين 2 ديسمبر 2024، تحجير استعمال الهواتف الجوالة الذكية داخل المؤسستين المذكورتين، من قبل التلاميذ، وذلك وفق ما صرح به، نبيل رحالي، الكاتب العام المساعد للنقابة الأساسية للتعليم الثانوي والتربية البدنية والكاتب العام المساعد للفرع الجامعي للتعليم الثانوي بالقصرين.

في هذا السياق يقول رئيس المنظمة التونسية للأولياء والتلاميذ السيد رضا الزهروني أنه لابد أن نذكّر في البداية أن هناك من الدول الغربية من اقر  منع استعمال الهواتف الجوالة واللوحات والساعات الإلكترونية داخل المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية وذلك خلال الزمن المدرسي وشبه المدرسي وأثناء تنظيم مختلف الأنشطة المدرسية.

ويضيف الزهروني انه يجب التأكيد في هذا الإطار على أنّ استعمال الهاتف المحمول يقلل من القدرة على الاستماع وعلى التركيز خاصة خلال حصص التدريس أي انه آلية من آليات تشتيت أفكار المتعلم وغياب التركيز والمتابعة الدقيقة للمعلومة ويتسبب في سلوك غير حضاري وفي التشويش على التلميذ والمدرس في الآن ذاته . وهو ما يربك  السير العادي للدرس  ويحدث الانقطاعات المتكررة عن عملية التعليم المسترسلة ما يعني بالضرورة الانعكاسات السلبية   على عمليتي التدريس من جهة والتعلم من جهة ثانية أي على النتائج المدرسية في مستوى الفرد والمجموعة وحتى في المستوى العام.

ويضيف الزهروني  أن الهواتف خاصة منها التي لها خاصيات تقنية متميزة وقيمة تجارية مرتفعة يمكن أن يكون لها تأثير على نوعية العلاقات بين التلاميذ من حيث الترفع والشعور بالنقص والإغراء والسرقة بالإضافة إلى أن استعمالها داخل المؤسسات التربوية يؤثر سلبا وبالضرورة على سيرورة الحياة المدرسية والتعايش الجماعي وهما من ضمن الشروط الأساسية لضمان انشراح التلاميذ  ناهيك  أن الهواتف الذكية يمكن ان تكون آلية من آليات  التنمر والهرسلة والعنف الافتراضي خاصة بسبب قدرتها الفائقة على أخذ الصور المسيئة والتلاعب بها ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهو موضوع من المواضيع الحارقة الذي ستكون لنا عودة للخوض في تفاصيله تفكيكا وتحليلا لما يخلفه من كدمات  وأضرار نفسية للتلاميذ .

ولكل هذه الأسباب يرى الزهروني أنه  من المنطقي ومن الوجاهة قرار منع استعمال الهواتف المحمولة والذكية وكل أجهزة التواصل الرقمية عبر شبكة الإنترنات داخل المؤسسات التربوية وفي محيطها على أن يتم العمل مسبقا على ضبط الإطار القانوني والإجرائي والتنظيمي لضمان نجاح تطبيق هذا القرار مع ضرورة تحديد الإجراءات الواجبة عند رفض التلميذ الامتثال لقرار المنع وما يتطلبه الموضوع من شراكة فعالة ميدانية بين كل الأطراف المعنية ونخص بالذكر منهم إدارة المؤسسات التربوية والمدرسين والأولياء والتلاميذ وتبقى كل هذا الإجراءات وفق الزهروني  ذات فعالية محدودة جدا في الزمان والمكان وربما تكون لها رجات سلبية عندما لا تكون متزامنة مع مشروع إصلاح فعلي للمنظومة التربوية التونسية. وإدراج مادة التربية على استعمال وسائل التواصل الاجتماعي والتوعية بمخاطرها أي وضع برنامج كامل في مجال التربية على استخدام التكنولوجيا سيكون ايجابيا.

تجدر الإشارة أن كاتب عام نقابة التعليم الثانوي بالمهدية عُمر نصر كان قد صرح  انّ  منشور منع الهواتف الجوالة موجود ولكن دون مراجعة ودون تدقيق وتفعيل.ودعا نصر إلى أن تعمل الوزارة على سنّ قانون ملزم وتلزم إدارتها بتفعيله.وبأنّ الفرع الجامعي للتعليم الثانوي تقدّم بطلب بضرورة مراجعة الوزارة حتى تكون حادثة أستاذ التربية الإسلامية بمدرسة إعدادية بالشابة  سببا مباشرا وفعليا في تفعيل المنشور «الذي لا يحتمل الإرجاء».وشدّد على ضرورة إخراج  المنشور من صياغته المنسية إلى منشور تفعيلي وواقعي، وفق قوله.وصرح  أنّه يمكن في المقابل السماح باستخدام الهواتف العادية، كأداة للتواصل بين التلاميذ والأولياء، عند الحاجة.ودعا الأولياء إلى منع الهواتف الذكية، معتبرا أنّهم  غير منتبهين إلى الخطورة التي تمثّلها هذه الأجهزة على أبنائهم.

وينصّ منشور من وزير التربية يعود لسبتمبر من سنة 2019 على دعوة مديري المؤسسات التربوية الابتدائية إلى إعلام التلاميذ بتحجير اصطحاب الهواتف الجوالة للمؤسسة التربوية لأي سبب من الأسباب.كما يدعو المنشور ذاته مديري المدارس الإعدادية والمعاهد إلى إعلام التلاميذ بتحجير اصطحاب الهواتف الجوالة خلال فترة الظروف التأليفية لأيّ سبب من الأسباب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

واحدة من الخطوات الهامّة التي ينبغي أن ترتكز عليها عملية الإصلاح المنشودة : منع استعمال الهواتف الذكية بالمؤسسات التربوية ..

يعاني الوسط التربوي بمختلف مكوناته وعلى جميع المستويات من مشاكل لا تكاد تحصى ولا تعدّ فضلا…