شهدت نقصا في العرض : التزويد بالبطاطا يعود لنسقه الاعتيادي خلال الشهر الجاري
تم خلال الأسبوع المنقضي، إرجاع كميات البطاطا الفاسدة إلى تركيا بعد أن رفضت المحكمة الابتدائية بسوسة مطلب إتلافها. وجاء رفض المحكمة لعملية الإتلاف لمنع تلويث التربة التونسية، علماً أنه تم القيام بكل الإجراءات اللازمة لإرجاع البضاعة إلى بلد المنشإ «تركيا».
وتبلغ حمولة البطاطا التي تم شحنها نحو 2780 طن موردة من تركيا لتوزيعها بالأسواق التونسية. حيث تمّ الإذن بفتح بحث في الغرض تعهدت به فرقة الشرطة العدلية بسوسة المدينة للكشف عن تفاصيل توريد شحنة من البطاطا الفاسدة عبر ميناء سوسة التجاري منذ أقل من أسبوعين.
يأتي ذلك في ظرف تشهد فيه السوق التونسية نقصاً حاداً في هذا المنتج بسبب نقص المساحات المزروعة من جهة، وكذلك تعاقب الفصول الزراعية من جهة ثانية، مع توقعات من الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري بارتفاع الإنتاج بداية من منتصف الشهر الجاري. حيث تنتج تونس سنوياً حوالي 380 ألف طن من البطاطا يتم ضخها في الأسواق ولا يتم اللجوء إلى التوريد باعتبار أن الكميات المنتجة تفي بالغرض.
وفي نفس السياق، ترفض وتعارض الجهات الممثلة للفلاحين مثل الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والنقابة التونسية للفلاحين توريد هذه المادة. علماً أن الاتحاد يفسر هذه الأزمة بالصعوبات المتعلقة بالتخزين لغياب السيولة المالية للفلاح، كما تفسر النقابة التونسية للفلاحين هذا النقص الحاد في مادة البطاطا بغلاء كلفة الإنتاج وندرة البذور التي أصبحت مكلفة للغاية في غياب الدعم الرسمي من الدولة للفلاح.
وبالعودة إلى أزمة النقص الحاد في مادة البطاطا، يفسر الفلاحون ذلك بتزامنها مع الفجوة الهيكلية الخريفية التي تنطلق بداية من شهر نوفمبر لتتواصل إلى غاية شهر ديسمبر، وهي ما يتم تفسيرها بفترة تعاقب الفصول ويتم تداركها بالتوجه نحو ضخ مخزونات تعديلية في الأسواق.
جدير بالذكر أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعاً كبيراً في المساحات الزراعية لمادة البطاطا، حيث تراجعت المساحات المزروعة إلى نحو 8 آلاف هكتار بعد أن كانت في حدود 10 آلاف، وهو ما أدى إلى تراجع مستويات الإنتاج وبالتالي التأثير المباشر على المخزونات التعديلية التي لم تكن كافية لتغطية الطلب على مادة البطاطا.
رؤية مستقبلية
هذا الوضع يفتح الباب على مصراعيه للتساؤل عن السياسات الزراعية في تونس ومدى جاهزيتها للتعامل مع التحديات المتزايدة، سواء المتعلقة بالمناخ أو بالكلفة الإنتاجية. فهل بات من الضروري اليوم تعزيز منظومات الدعم الحكومي للفلاح؟ أم أن الحل يكمن في إعادة تنظيم السوق الزراعية لتكون أكثر مرونة في مواجهة الأزمات؟
من الواضح أن أزمة البطاطا ليست مجرد قضية عرض وطلب، بل تعكس هشاشة في البنية التحتية للقطاع الزراعي التونسي بشكل عام، وهو ما يستدعي تدخلاً عاجلاً من الدولة لإعادة ترتيب الأولويات. وتأمين الإنتاج المحلي ودعمه سيظل هو الخيار الأضمن لتجنب مثل هذه الأزمات في المستقبل.
الملف ما زال مفتوحاً، والمطلوب ليس فقط إيجاد حلول آنية، بل وضع استراتيجية بعيدة المدى تضمن استقراراً زراعياً وغذائياً يعيد التوازن للسوق التونسية ويحمي المستهلك والفلاح على حد سواء.
مرّة أخرى الرئيس يتوقف عند « التخريب الممنهج» لقطاع النقل.. نحو مقاربة جديدة لإعادة بناء منظومة منهكة..!
يواجه قطاع النقل في تونس، منذ سنوات، تحديات متزايدة ألقت بظلالها على حياة المواطن اليومية …