الرئيس يأذن بتفعيل الإجراءات لفائدة قطاع الزيتون : إنقاذ الموسم و«الصابة»ممكن وغير مستحيل..
تنفيذ مجمل الاجراءات التي أمر رئيس الجمهورية قيس سعيّد باتخاذها في المجال الفلاحي سواء في مستوى جني صابة الزيتون وتخزين الزيت أو في مجال توفير البذور للفلاحين.هذا ما دعا اليه رئيس الدولة في لقائه اول امس مع رئيس الحكومة.
وجدد الرئيس، تأكيده على أن الدولة بكل مؤسساتها إلى جانب الفلاحين وداعمة لهم، معتبرا أن ذلك دورها الطبيعي الذي استرجعته سواء في قطاع الفلاحة أو في غيره من القطاعات. وشدد في هذا الإطار، على أن الدولة التونسية تتصدى وستتصدى لكل محاولات الإرباك والابتزاز ولكل المفسدين الذين يريدون بعد أن عاثوا في البلاد فسادا أن يظهروا في ثوب الضحية.
ويعد تطوير القطاع الفلاحي ودعم مؤسساته أولوية وطنية لضمان الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، اذ يواجه صعوبات متعددة الأوجه في السنوات الأخيرة.
وما انفك يعلن رئيس الجمهورية عن التزام الدولة بوضع الفلاحة في صدارة أولوياتها، سواء من خلال الخطط الاستراتيجية طويلة المدى أو عبر التدخلات العاجلة لضمان استقرار القطاع ومصلحة الفلاحين. وأمام مؤشرات تنذر بدخول قطاع الزيتون في أزمة هذا العام، تسعى الدولة الى إيجاد الحلول الكفيلة بالحفاظ على هذا المنتوج.
في سياق متصل، انعقدت اول امس الاثنين، جلسة عمل مشتركة بين وزارتي الفلاحة والموارد المائيّة والصّيد البحري والتّجارة وتنمية الصادرات، خصصت للنّظر في الصّعوبات التّي تواجهها الأطراف المتدخلة في القطاع الفلاحي من فلاحين وأصحاب معاصر ومصدّرين.
وتم التاكيد خلال الجلسة على ضرورة إيلاء عنصر التّمويل الأهميّة اللاّزمة لضمان جني الصّابة وتقدّم الموسم في ظروف طيّبة في ظلّ موسم واعد من حيث الإنتاج. وتم الاتفاق على تكوين خليّة متابعة تتكّون من ممثّلين عن كل من المصدّرين وأصحاب المعاصر والفلاّحين والبنوك والإدارة والدّيوان الوطني للزّيت تعنى بالمتابعة اللّصيقة والتّنسيق لمجابهة التّطوّرات والتّدخّل الحيني.
وأعرب ممثّلو البنوك عن استعدادهم التّام وحرصهم على تمويل موسم التّصدير وتأمين تقدّم موسم جني الزّيتون بما يحفظ الصّابة ويضمن حقوق الفلاّحين. وفي هذا الاطار، دعت وزارة الفلاحة والموارد المائيّة والصّيد البحري كلّ الأطراف المتدخلة الى تغليب المصلحة العامّة للحفاظ على هذه الثّروة وجودتها ومواصلة العمل لضمان سير الموسم بصفة طبيعيّة من جني وعصر وتحويل وخزن وترويج والتّصدّي لكلّ تشويش.
وفي الأيام الفارطة، عقد رئيس الجمهورية قيس سعيّد، جلسة عمل طالب خلالها باتخاذ جملة من الاجراءات العاجلة تتعلق بتأمين موسم جني الزيتون بما يحفظ حقوق الفلاحين، وأخرى تتعلق بتوفير البذور في أحسن الظروف.كما دعا رئيس الجمهورية إلى وضع خطة استراتيجية واضحة تقوم على استشراف للمستقبل تحسبا لأي طارئ يمكن أن يستجدّ.
كما أسدى رئيس الجمهورية تعليماته بأن «يستعيد الديوان الوطني للزيت وديوان الحبوب اللذين أحدثا في مطلع سنوات الستين من القرن الماضي دوريهما كاملين لتحقيق الأهداف التي بُعثا من أجلها»، مذكرا في هذا السياق أن «طاقة الديوان الوطني للزيت على التخزين كانت أضعاف أضعاف ما هي عليه اليوم، فإلى حدود سنة 1990 كانت تناهز 250 ألف طن وتقلصت اليوم إلى 80 ألف طن. كما أن الديوان الوطني للحبوب كان يوفّر البذور التونسية بالكميات الكافية التي يحتاجها الفلاحون».
إرباك متعمّد..!
وأكد الخبير في السياسات الفلاحية، فوزي الزياني في تصريح لـ«الصحافة اليوم» أن موسم جني الزيتون لهذا العام بدأ بتعثر واضح، بسبب غياب التخطيط والاستعداد المبكر الذي كان يُفترض أن ينطلق مع نهاية الموسم السابق. وأشار إلى أن التحضيرات، سواء المتعلقة بتوفير التمويل أو فتح أسواق جديدة، لم تتم في التوقيت المناسب، ما أدى إلى صعوبات كبيرة في التخزين، حيث أصبحت العديد من مراكز التخزين غير صالحة.
وأوضح الزياني أن الأسعار المرتفعة خلال الموسم الفارط أثرت على الطلب العالمي، حيث عمدت الدول الرئيسية المنتجة والمصدّرة، مثل إسبانيا وإيطاليا، إلى بث توقعات بانخفاض الأسعار مع بداية الموسم، بهدف الضغط على السوق قبل انطلاق عمليات البيع.
وأضاف «هذا التوجه أدى إلى ارتباك كبير، حيث كان الفلاحون يتوقعون ارتفاع الأسعار، لكن الأسعار اتجهت نحو الانخفاض بشكل غير معقول».
وشدد الزياني على أن الفلاحين التونسيين يواجهون أزمة حقيقية، حيث أصبح سعر الكيلوغرام من الزيتون لا يغطي حتى كلفة الإنتاج. وأوضح أن الإنتاج السقوي، الذي يتطلب تكاليف مرتفعة تصل أسعاره إلى 2500 مليم للكيلوغرام، مشيرا الى انها أسعار بعيدة عن الواقع.
وأشار الخبير إلى أن قطاع زيت الزيتون يشهد «إرباكاً متعمداً» بفعل تدخل أيادٍ خفية داخلية وخارجية تهدف إلى تقويض منظومة الإنتاج الوطني. وأضاف أن هذا الوضع يمكن أن يصب في مصلحة أطراف أجنبية تسعى إلى استغلال التأخير في جمع المحصول لشراء الزيتون بجودة أقل وأسعار منخفضة، ما يمثل خطراً على الأمن الاقتصادي القومي.
كما أكد أن تونس تعدّ الدولة الأولى المصدّرة لزيت الزيتون إلى كندا وكبرى المصدّرين إلى الولايات المتحدة، مما يجعل القطاع هدفاً رئيسياً لأي محاولات للإضرار بالاقتصاد الوطني.
ويدعو الزياني إلى تدخل الدولة بشكل عاجل لدعم الفلاحين، سواء عبر توفير التمويلات الضرورية أو إعطاء إشارات واضحة بأن الدولة تعمل على حماية قطاع زيت الزيتون، باعتباره ركناً أساسياً من الاقتصاد التونسي. قائلا: «من يضرب قطاع الزيتون يضرب اقتصاد البلاد، وهذا سلوك يمكن اعتباره إرهاباً اقتصادياً» وفق تعبيره.
ضعف الاستثمار والتخطيط
وعلى مستوى الأسعار العالمية، أفاد الخبير الاقتصادي حسان القبي في تصريح لـ«الصحافة اليوم» أن الاستهلاك العالمي لزيت الزيتون يصل إلى 2.6 مليون طن، بينما تقدر الصابة العالمية لهذا الموسم بـ3 مليون طن. ولفت إلى أن الصابة في تونس شهدت زيادة بنسبة ٪55 مقارنة بالعام الماضي، مع وجود كميات من الموسم السابق لم يتم تسويقها، مما يثير تساؤلات حول الأسعار.
وأوضح حسان القبي أن سعر زيت الزيتون يعتمد على العرض والطلب والقدرة الشرائية، مشيرا إلى التحديات المتعلقة بالتخزين وضعف الاستثمار في هذا المجال. كما شدد على أهمية تحديد سعر مناسب لزيت الزيتون التونسي يتماشى مع القدرة الشرائية للمواطن، مع إمكانية تخصيص قروض لتسهيل الاستهلاك المحلي.
ويعتبر كذلك، عضو لجنة الفلاحة بالبرلمان حسن الجربوعي في تصريحه لـ«الصحافة اليوم» أن القطاع الفلاحي في تونس يعاني من غياب رؤية استراتيجية شاملة، مشيراً إلى أن ما حدث منذ سنة 2022 وحتى اليوم يعدّ وضعاً استثنائياً يحتاج إلى حلول جذرية. وأوضح أن سعر زيت الزيتون عالمياً يتراوح بين 3 و4 يورو للّتر، في حين أن تكلفة إنتاج الزيتون محلياً تبلغ 2500 مليم للكيلوغرام، وهو ما يضع الفلاحين تحت ضغط كبير.
وانتقد الجربوعي تدخل الوسطاء مشيراً إلى أن البعض يستغل الموسم لجني الزيتون قبل أوانه مما يؤثر على جودة الإنتاج. وأضاف أن بعض الدول تستورد زيت الزيتون بأسعار زهيدة مقارنة بسعره في السوق المحلية، مشيراً إلى أن سعر زيت الزيتون في إسبانيا يبلغ 4.7 يورو، بينما تبيع تونس دون دفع أداءات جبائية وفق اتفاقيات موقّعة مع الاتحاد الأوروبي، وهو أمر يحتاج إلى مراجعة عاجلة. داعيا الى رفع سقف صادرات زيت الزيتون إلى أوروبا من 100 ألف طن إلى 150 ألف طن، مع تعزيز الاستهلاك المحلي ودعم صغار المصدرين لضمان استدامة القطاع.
أولوية دعم الفلاّح
وشدد الجربوعي على أهمية تدخل وزارة الفلاحة لضمان جودة الزيتون والحفاظ على مكانته في الأسواق الدولية، معتبراً أن الوزارة مطالبة بدعم الفلاحين مباشرة وإطلاق حملات لتوعية المنتجين بقيمة الإنتاج المحلي. وقال «يجب أن يشعر الفلاح أن الدولة تقف إلى جانبه. بيع الزيتون بسعر 2000 مليم للكيلوغرام قد يكون معقولاً، لكن ذلك يتطلب إجراءات مواكبة تضمن تغطية تكاليف».
هذه الازمة تحتاج حسب تقدير محدثنا الى وضع خطة متكاملة لإنقاذ الموسم الحالي والاستعداد للموسم القادم.
بعد حسم الجدل حول الفصول الإضافية: إحالة مشروع القانون إلى الغرفة الثانية في أوّل اختبار للعمل المشترك..
واصل مجلس نواب الشعب يوم أمس مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025، حيث صوّت على الفصول الإ…