لا يمكن التعويل على الذات دون دعم الفلاحة وزيادة الاستثمارات : مـــتـــى يـــعـــي الــتـونــســيــون أن أمــانـهــم فـي أرضهم؟
في آخر تقرير صادر عنه الاسبوع الفارط، حذّر المرصد الوطني للفلاحة من تراجع في قيمة الاستثمارات الفلاحية المصادق عليها، بلغت نسبته خمسة بالمائة الى غاية شهر أكتوبر الفارط.
حيث بلغت، حسب تقرير المرصد، “القيمة الجملية للاستثمارات الفلاحية المصادق عليها 25،894 مليون دينار، إلى غاية شهر أكتوبر 2024، مسجلة تراجعا بنسبة 5 بالمائة، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2023”.
وهو ما يمكن اعتباره تراجعا يشكل خطرا اذا ما تواصل في السنوات والمواسم القادمة، خاصة مع ما
يشهده العالم من شُحّ غذائي ومن تراجع كبير للانتاج الفلاحي سواء بسبب تغيرات الطقس او بسبب الحروب والمضاربات التجارية التي تكاد تقضي على جانب كبير من الانتاج الفلاحي لفائدة الماركات المهجنة والمركبة والمصنّعة.
ولا شك ان رقما بهذه الاهمية لن يمرّ مرور الكرام على دولة تحاول جاهدة منذ عقود ان تحصّل اكتفائها الذاتي من الغذاء والمواد الاساسية على الاقل، واذا كان المسؤولون ينظرون الى هذا التراجع المفزع في حجم الاستثمارات الفلاحية دون ان يحرّكوا ساكنا، فانه من واجب المواطن، اينما كان موقعه، أن ينبه وأن يطلق صرخة فزع حقيقية أمام هذا التراجع الذي سيجعل حياته جحيما بارتفاع الاسعار وندرة المواد وفقدان الغذاء.
والدور الاهم الان ملقى على عاتق البنوك والمؤسسات المالية كي تترجم شعاراتها الوطنية على أرض الواقع من خلال تدارك هذا النقص، وضخ مزيد من الاموال والاستثمارات في القطاع الفلاحي، بعيدا عن صنوف الاحتكار والمضاربة وحتى تبييض الاموال التي بات ينتهجها بعض الفاسدين من خلال الضخ في ضيعات واراض وتحويلها الى ممرات آمنة للتهرب الجبائي وتبييض الاموال المشبوهة.
فالمقصود بالاستثمار هو الفلاح الحقيقي الذي يحتاج فعلا الى الدعم والاسناد، وتحسين جودة التربة ومضاعفة الانتاج والاعتناء بالماشية وصنوف الانتاج الحيواني الاخرى، التي توفر لوحدها النسبة الاعلى من الامن الغذائي.
وهنا يأتي الدور على الدولة التي عليها فعلا الضغط على البنوك من أجل تحسين آداء القروض الفلاحية والكف عن سياسة استغلال الفلاح ومصّ دمه واثقال كاهله بقروض لا تنفع وفوائد تقسم الظهر، دون ان نتحدث عن الفساد والمحاباة في تحصيل القروض من خلال المنح لمن لا يستحق وحرمان الفلاح الحقيقي من التمتع بقروض تنهض بانتاجه وليس ترهنه الى البنك.
ويضيف التقرير ان الاستثمارات المصادق عليها “تتوزع بين 15،181 مليون دينار تمويل ذاتي، وهو ما يمثل 59 بالمائة من القيمة الجملية للاستثمارات، و 0،33 مليون دينار قروض بنكية، وهو ما يمثل 1،3 بالمائة من مجموع الاستثمارات، و 10،382 مليون دينار منح، وهو ما يمثل 42 بالمائة من القيمة الجملية للاستثمارات”.
ويخلص التقرير الى أن مختلف مصادر التمويل وعرفت تراجعا إلى غاية أكتوبر 2024، حيث “تراجع التمويل الذاتي بنسبة 6 بالمائة والقروض بنسبة 19 بالمائة والمنح بنسبة 2 بالمائة، وذلك مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة”.
وهو ما يؤكد أن التراجع في الاسثمارات الفلاحية المصادق عليها، كبير، ويشكل فعلا تحديا هاما على الدولة ان ترفعه، ورهانا على المجموعة الوطنية ان تكسبه، ومصيرا لا بد من تحديده اذا كانت البلاد فعلا تفكر بشكل استراتيجي في مستقبل الاجيال القادمة.
مهرجان السينما المتوسطية بشنني «الأرض أنا، الفيلم أنا.. إنا باقون على العهد»: تطور كبير وحضور مؤثّر وفاعل للمخرج السوري سموءل سخية
استطاع المدير الفني لمهرجان السينما المتوسطية بشنني في الدورة 19 المخرج السوري سموءل سخية …