في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني «29 نوفمبر».. معاناة غير مسبوقة.. أمل غير مسبوق في الانتصار
للاحتفال بيوم التضامن مع الشعب الفلسطيني هذا العام طعم خاص، معاناة غير مسبوقة للفلسطينيين في عموم فلسطين وخصوصا في قطاع غزة جراء العدوان الاسرائيلي الغاشم المتواصل منذ اندلاع ملحمة طوفان الاقصى في 7 اكتوبر 2023، وصمود عظيم لشعب الجبّارين، وملاحم أسطورية لبواسل المقاومة، وبشائر نصر في لبنان مع دخول وقف إطلاق النار حيز النفاذ واعتراف الكيان الصهيوني والإدارة الامريكية بتعذّر استمرار الحرب جرّاء تغيّر المعادلات اقليميا ودوليا.
في غضون ذلك يتواصل تردد النظام الرسمي العربي ولا يرتقي الفعل الشعبي العربي الى مستوى التحديات للأسف، فيما يرتفع صوت فلسطين في مشارق الأرض ومغاربها وتصبح الكوفية والراية الفلسطينية رمزا ورديفا للقيم والمبادئ المتأصّلة في بني البشر يرفعها الأوروبيون والأمريكيون والآسيويون والأفارقة في الساحات والشوارع وهي خطوة جدّ هامّة على درب تأكيد الحق وتحقيقه في لحظة تبدو لنا أقرب من أي وقت مضى.
ولنعد قليلا بالتاريخ إلى الوراء، في شهر ديسمبر من عام 1977، صحت الضمائر في عدد من دول العالم فتقرّر في إطار الجمعية العامة للامم المتحدة اعتبار يوم 29 نوفمبر من كل عام يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني استنادا بطبيعة الحال الى قرار التقسيم سيئ الذكر عدد 181 الصادر في 29 نوفمبر 1947 والقاضي بتقسيم فلسطين.
وكان قرار التضامن حينها انتصارا للحق الفلسطيني وترجمة لوعي إنساني بضرورة الحسم والقطع مع مظلمة هي الأسوأ والأخطر في التاريخ البشري، وقابل الكيان الصهيوني هذا الموقف بمزيد من التشدّد والتفنّن في ارتكاب جرائم الابادة والجرائم ضد الانسانية بكل أصنافها.
وقوبل صلف الكيان الصهيوني بمقاومة، بقدر تعرضها للصعوبات والمؤامرات بقدر إحرازها للانتصارات خصوصا مع مطلع القرن الواحد والعشرين والتحام المقاومة الفلسطينية بالمقاومة اللبنانية ومساندة أحرار العالم.
وبعيدا اليوم عن القراءات المتواطئة والمحبطة التي تتهم المقاومة بجرّ الفلسطينيين ومعهم اللبنانيين الى حرب إبادة، فإن ما حصل يوم 7 أكتوبر كان عملا استباقيا مشرّفا للمقاومة ومؤشّرا على جاهزيتها للتصدي لمخططات العدو التي كانت ترمي بعلم الجميع الى إعادة افتكاك الأرض واختراق غزة للوصول الى منفذ بحري للكيان على المتوسط..!
ان كلفة الحرب باهظة على شعبنا الفلسطيني وشعبنا في لبنان ايضا، لكنها باهظة أيضا ومكلفة بل وقاسمة للعدوّ، وبين الأمس واليوم، بين احتفالنا بالتضامن العام الماضي والتضامن هذا العام، ثمّة روح جديدة وثمّة متغيرات في الميادين.
في الميدان العسكري، لم يتمكن الكيان الصهيوني والادارة الامريكية من تحقيق الأهداف المرسومة للحرب، فلا المقاومة في فلسطين ولبنان انكسرت ولا “الجيش الذي لا يقهر” حفظ ماء الوجه والعالم يرى في المباشر تدمير مفاخر الصناعة العسكرية الاسرائيلية والامريكية مثل الميركافا ويرى المسيّرات تحلق في بيت رئيس وزراء الكيان..!
في الميدان الاجتماعي، ونحن نرى صور اللبنانيين يعودون الى قراهم وبيوتهم في الجنوب وهم يرفعون شارة النصر وصور شهدائهم وفي مقدمتها صورة الزعيم حسن نصر الله، ونرى أيضا ثبات الفلسطينيين في ما تبقى من البنايات في غزة، نقف على حجم الذعر الذي أصاب الاسرائيليين العاجزين اليوم على العودة الى المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة، فشتّان بين بيئة مقاومة وحاضنة لأبنائها المقاومين وبيئة ممزّقة بين مرتزقة ومهاجرين لا علاقه لهم بالارض.
في الميدان القانوني والسياسي، وبفضل دولة جنوب افريقيا وأحفاد نيلسن مانديلا، تلقى الكيان الصهيوني صفعة جديدة قوية بإدانته هذا العام وتجريمه، ليس ذلك فحسب، سارت المحكمة الجنائية الدولية على نفس الدرب وأصدرت بطاقات جلب في حق رئيس وزراء الكيان الصهيوني ووزير دفاعه السابق بوصفهما مجرمي حرب.
وقد ساهمت هذه الخطوة القانونية والقيمية أيضا في تثبيت الفرز بين قوى الحق والباطل وبين الديمقراطيات الحقيقية والمزيفة، وهنا سقطت أنظمة وحكام دأبوا على تقديم الدروس لشعوبنا على غرار الرئيس الفرنسي الذي انحاز دون حياء للكيان ورفض الالتزام بقرار المحكمة الجنائية الدولية.
وهذه المسألة تجرنا الى ميدان آخر من ميادين المقاومة وهو الإعلام بكل اشكاله ومحامله وخصوصا منها تلك التي اعتمدت على الفضاء الافتراضي والتي كان لها دور كبير في كشف الوجه القبيح للاحتلال وجرائم الكيان الصهيوني.
لقد جنّ جنون الصهاينة وحاولوا عبثا طمس الحقيقة واستهدفوا الصحافيين ولاحقوا القوى السياسية والمدنية في العالم وما رسوا ضغوطا غير مسبوقة على الحكومات دون جدوى، وهذا ما يغذي في تقديرنا الامل في الانتصار وفي تحقيق اهداف شعوبنا وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني.
بعد عقد ونيف : لا مبرّر لبقاء الأملاك المصادرة على حالها..!
تعرّض رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال لقائه برئيس الحكومة كمال المدوري يوم الخميس الماضي بقصر…