المرفق العمومي للصحة : حتى يكون «التشييد و البناء» على قواعد صلبة..!
تشكل المنظومة الصحية العمومية في تونس أحد الملفات الهامة التي تعكس بشكل مباشر التزام الدولة بضمان حقوق الإنسان الأساسية. ورغم ما تزخر به بلادنا من إمكانيات بشرية ومادية إلا أن القطاع الصحي يعاني من تحديات ومشكلات مزمنة تُثقل كاهل المواطنين وتُعيق الوصول إلى خدمات صحية لائقة.
وتسلط زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيّد مؤخرا إلى مدينة بئر علي بن خليفة الضوء على هذه القضية وقد أشرف الرئيس على المستشفى الميداني الذي أذن بتركيزه كحل مؤقت لتلبية الاحتياجات الصحية للمنطقة في انتظار الانتهاء من أشغال إصلاح المستشفى المحلي. وأثنى الرئيس على الإنجاز السريع لهذا المستشفىمشددا على أن الصحة حق لا يُمكن التنازل عنه وأن العمل جارٍ على تحسين الخدمات الصحية في مختلف أنحاء البلاد.
ورغم أهمية المبادرات مثل إنشاء المستشفيات الميدانية فإن هذه الجهود تُعد حلولا مؤقتة أمام تحديات كبيرة تعاني منها المنظومة الصحية وهي اساساً تهالك البنية التحتية حيث تعاني العديد من المستشفيات العمومية من تقادم البنية التحتية وضعف الصيانة اذ نلاحظ أجزاء من بعض المستشفيات مهددة بالانهيار وهو واقع متكرر في عديد الجهات إضافة الى نقص التجهيزات الطبية، فرغم وجود مستشفيات مجهزة بوحدات متطورة كما أشار رئيس الجمهورية مثل وحدة الجراحة بالمنظار وقسم العناية المركزة في المستشفى الميداني الجديد إلا أن هذا المستوى من التجهيز يظل غائبًا عن الكثير من المناطق الداخلية إضافة الى هجرة الكفاءات الطبية اذ يعد نزيف هجرة الأطباء أحد أكبر التحديات التي تواجه القطاع فمع تدني الأجور وظروف العمل الصعبة، يختار عدد متزايد من الكفاءات الطبية الهجرة بحثًا عن فرص أفضل. وقد دعا الرئيس إلى إيجاد نظام قانوني جديد لتحفيز الأطباء والحفاظ عليهم.
ومن التحديات الأخرى نذكر عدم توازن توزيع الخدمات الصحية اذ تعاني المناطق الداخلية من نقص كبير في الخدمات الصحية . هذا التفاوت الجهوي يُعمق شعور المواطنين في الجهات بالتهميش .
وأشاد سعيد بالمجهودات المبذولة في عديد الولايات لتحسين المرافق الصحيةمؤكدا أن الإرادة السياسية للبناء والتشييد ستمضي قدمًا لتحقيق أهدافها. كما أن تعزيز المستشفيات بأجهزة متطورة وتوسيع اختصاصاتها يمثل خطوة إيجابية نحو تحسين جودة الخدمات الصحية. ومع ذلك، يتطلب الأمر رؤية استراتيجية شاملة تعالج الاختلالات الهيكلية وتضمن الإصلاح.
نحو منظومة صحية متوازنة
و للنهوض بالمرفق العمومي للصحةينبغي التركيز على تطوير البنية التحتية اذ يجب وضع خطة وطنية لإصلاح المستشفيات المتدهورة وإنشاء أخرى جديدة في المناطق النائية لضمان العدالة في توزيع الخدمات الصحية مع تشجيع الكفاءات الطبية من خلال إصلاح الإطار القانوني للأطباء ومنحهم حوافز مادية ومعنوية للحد من هجرة الأطباء التي تتسبب في تدهور المنظومة الصحية في بلادنا إلى جانب رفع الميزانية المخصصة للقطاع، فالاستثمار في الصحة يتطلب زيادة الاعتمادات المالية لتوفير التجهيزات الحديثة وتوظيف المزيد من الإطارات الطبية وشبه الطبية.
كما يمكن تشجيع الشراكات من خلال تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية في المجال الصحي لدعم جهود الدولة.
يبقى الأمل معلقًا على إصلاح كلي للمنظومة الصحية يُعيد للمواطن ثقته فيها ، فالإصلاح ليس مجرد خيار بل ضرورة حتمية لضمان كرامة الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة في تونس.
جرائم قتل النساء في تونس : أزمة مستمرة تهدّد المجتمع
تشهد تونس ارتفاعًا مقلقا في جرائم تقتيل النساء، وهي ظاهرة تتفاقم بشكل يستدعي دق ناقوس الخط…