2024-11-28

لإفشال مخططات كبار المحتكرين والمضاربين : تفعيل خطة وطنية لتوفير مخزون استراتيجي للمواد الأساسية

مازالت البلاد تواجه بعض التحديات في ما يخص الأمن الغذائي واستقرار أسعار المواد الأساسية ، مع تواصل ظاهرة الاحتكار والمضاربة، حيث باتت الحاجة ملحّة لوضع استراتيجيات تضمن استقرار السوق وتوفير الحاجيات الأساسية للمواطن بأسعار معقولة.

في هذا الإطار، يُعتبر إنشاء مخزون استراتيجي للمواد الأساسية أحد الحلول الفعالة لإفشال محاولات كبار المحتكرين والمضاربين السيطرة على السوق .

حيث تُشير الإحصائيات إلى أن السوق التونسية تعاني من ارتفاع متكرر في أسعار المواد الأساسية مثل الحبوب، الزيوت، السكر، والوقود ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى سياسات الاحتكار التي ينتهجها بعض كبار الفاعلين في السوق، إضافة إلى المضاربة التي تُضاعف من معاناة المستهلكين ، سيما في ظل ضعف الرقابة التي تسببت في هذه الظاهرة .

واقع السوق التونسي

من جهة أخرى فإن احتكار التوريد والتوزيع واعتماد السوق التونسية على عدد محدود من الموردين الذين يتحكمون في الكميات المعروضة والأسعار أدى إلى عدم تطويق ظاهرة الاحتكار والمضاربة بالأسعار إذ تلجأ بعض الأطراف إلى تخزين كميات كبيرة من المواد في أوقات الأزمات لتحقيق أرباح مضاعفة عند ارتفاع الأسعار .

وفي حديثنا عن المخزون الاستراتيجي بما هو نظام يهدف إلى تخزين كميات كبيرة من المواد الأساسية لضمان توفرها بشكل مستمر ، خاصة خلال الأزمات يُمكن للدولة، أو عبر شراكات مع القطاع الخاص، أن تُدير هذا المخزون لتلبية احتياجات المواطنين عند حدوث تقلبات في العرض والطلب . ويساعد هذا التمشي في استقرار الأسعار إذ يمكن للمخزون الاستراتيجي كسر الاحتكار وتعديل السوق عند ارتفاع الأسعار غير المبرر .

التصدي للأزمات

يساعد المخزون الاستراتيجي على تفادي النقص في المواد الأساسية ويعزز من السيادة الاقتصادية من خلال تقليل الاعتماد على التوريد الخارجي الذي قد يتأثر بعوامل دولية، وهناك تجارب عالمية كبرى في هذا المجال تعتمدها عدة بلدان لعل أبرزها الهند التي تعتمد على مخزون استراتيجي كبير من الأرز والقمح، مما ساعدها في مواجهة أزمات الغذاء العالمية ثم الصين التي تدير أكبر نظام مخزون استراتيجي في العالم يشمل الحبوب، الزيوت، والمعادن، ما يُمكّنها من مواجهة أزمات السوق وكذلك فرنسا حيث  تعتمد مخزونًا استراتيجيًا للوقود لضمان استقرار الأسعار أثناء الأزمات .

إمكانية تطبيق الفكرة في تونس

لتنفيذ هذا التوجه في تونس، يجب اتباع خطة شاملة تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات السوق المحلية ولعل أبرزها ،التشريع والتنظيم من حيث إصدار قوانين تُلزم كبار الفاعلين في السوق بالمساهمة في إنشاء وإدارة المخزون الاستراتيجي. وبناء مخازن كبرى في مختلف الجهات قادرة على استيعاب كميات ضخمة من المواد الأساسية وخاصة منها الفلاحية. كما يُمكن أن تُموّل الدولة هذا المشروع بالشراكة مع القطاع الخاص والمؤسسات الدولية.

في المقابل تبقى الرقابة والشفافية ابرز الأطر الرقابية المتمثلة في تشكيل لجان مراقبة لضمان عدم استغلال المخزون الاستراتيجي في المضاربة وتعديل السوق كلما تطلب الأمر ذلك .

قد تجد هذه التوجهات في بداياتها بعض المقاومة من قبل اللوبيات المسيطرة على السوق غير أن المضي فيها تحتمه الظروف الاقتصادية اليوم ولا بد من تفعيلها في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد التونسي، إذ يُعتبر إنشاء مخزون استراتيجي للمواد الأساسية خطوة ضرورية لضمان الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي. كما إن تطبيق هذا النظام، رغم التحديات ، يُمكن أن يُساهم في الحد من الاحتكار والمضاربة ، ويضمن حياة كريمة للمواطن التونسي. وعلى الدولة التحرك بسرعة لتفعيل هذا المشروع بالشراكة مع كافة الأطراف الفاعلة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

جامعة النقل تنفّذ وقفة احتجاجية : مطالبة الإدارة العامة بالتراجع عن قرار خصم يومي عمل

نظّمت الجامعة العامة للنقل أمس الاثنين بالتنسيق مع أعوان وإطارات شركة نقل تونس ، وقفة احتج…