التسريع في انطلاق المشاريع الكبرى وتبسيط الإجراءات : الدولة تفعّل حلولا جذرية وعملية…
أصبح ملف إنجاز المشاريع الكبرى المعطلة وتبسيط الإجراءات الإدارية محور اهتمام رئيس الجمهورية قيس سعيّد في لقاءاته المتكررة مع رئيس الحكومة كمال المدوري. ومنذ انطلاق العهدة الرئاسية الثانية، أعلن رئيس الجمهورية أن الأولوية المطلقة تُمنح لتنشيط هذه المشاريع التي تمثل ركيزة أساسية لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي لقاء جمعه برئيس الحكومة، اول امس الاثنين 25 نوفمبر 2024، شدد رئيس الجمهورية قيس سعيّد على أهمية الإسراع في انطلاق عدد من المشاريع الكبرى في قطاعات حيوية مثل الصحة، النقل، والطاقات المتجددة. وصرّح بأن تونس تحتاج إلى «إنعاش اقتصادي يوازيه إنعاش اجتماعي»، داعياً إلى تبسيط الإجراءات الإدارية وتقديم الخدمات بسرعة وكفاءة.
وأكد سعيّد على ضرورة تحلي المسؤولين بروح المسؤولية الوطنية، مشيراً إلى أهمية تجاوز التعطيلات الإدارية وتكريس التنسيق بين مختلف الهياكل لتحقيق أهداف الشعب التونسي في أقصر الآجال. وأوضح أن الإجراءات الإدارية ليست غاية بحد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق التقدم والرفاه المنشود.
وهذا الخطاب رافقته إجراءات عملية، من ذلك اصدار المنشور عدد 27 الذي يذلل الصعوبات في مستوى الصفقات العمومية المبرمة في اطار انجاز المشاريع الجارية. فضلا عن إحداث «لجنة المشاريع الكبرى» التي تُعنى بتسريع وتيرة تنفيذ المشاريع الكبرى وتعزيز التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية.
وفي ظل أزمة اقتصادية خانقة تعيشها تونس منذ أكثر من عشر سنوات، يبرز تعطل تنفيذ المشاريع الكبرى كأحد مظاهر إعاقة التنمية، رغم تخصيص الاعتمادات المالية لها.
وبحسب تصريحات رئيس الحكومة كمال المدوري، يبلغ عدد المشاريع المعطلة في تونس حالياً نحو 1126 مشروع. وقد أوضح، على هامش مناقشة مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025 في البرلمان، أن الدولة تعمل بجدية لحلحلة هذه المشاريع الكبرى. واعلن المدوري انه تم إجراء جرد شامل للمشاريع العالقة، وتمكنت اللجان المحلية والقطاعية من تسوية عدد منها، بينما ما يزال العمل متواصلاً لاستكمال معالجة البقية.
ويعتبر رئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية بالبرلمان شفيق الزعفوري، ان الاهتمام اليومي بالمشاريع المعطلة على مستوى رئاستي الجمهورية والحكومة دليل واضح على التقدم في إيجاد الحلول. وذكر في تصريح لـ«الصحافة اليوم» ان هناك مشروعا استثماريا مبرمجا في هذا السياق يتعلق بإحداث منصة أسواق الإنتاج بسيدي بوزيد،وهو مشروع يمكن ان يحل مشكل المواد الأساسية وهو صالح لتوزيع المواد وللتوريد وهو مشروع استراتيجي لخلق استثمار جديد.
كما شدد شفيق الزعفوري على ضرورة احترام المواعيد النهائية لتنفيذ المشاريع، مع التركيز على نوعية الحلول، التي يجب أن تكون جذرية ومسؤولة. وأكّد أن النجاح يتطلب استراتيجيات واضحة تمتد على المدى القريب، المتوسط، والبعيد، بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية والاستثمارية.
وفي هذا السياق، أشاد الزعفوري بالمنشور عدد 27، معتبرًا إياه نموذجاً عملياً لمعالجة المشكلات التي تعرقل المشاريع الكبرى. وأوضح أن هذا المنشور، إذا تم تطبيقه بفعالية، سيسهم في حل قضايا تتعلق بصبغة الأراضي، مكاتب الدراسات، ومواد البناء. واعتبره أداة شاملة، تضمن الحقوق وتحمّل جميع الأطراف المعنية، من وزارات ومقاولين ومديرين عامين، مسؤولياتهم بوضوح، مما يساعد على الكشف عن نقاط الخلل بدقة.
وتناول الزعفوري أسباب تعطيل المشاريع، مشيراً إلى غياب الشعور بالمسؤولية لدى بعض الأطراف، وسوء التعيينات في السنوات الماضية، حيث شُغلت مناصب حساسة من قبل أشخاص غير مؤهلين. واعتبر أن تجاوز هذه العقبات يتطلب وضع الكفاءة والمصلحة الوطنية في الصدارة، بعيداً عن الولاءات أو المصالح الضيقة.
الانطلاق في تفعيل الحلول
ومن أبرز المشاريع التي تعطل إنجازها منذ سنوات : مشروع توليد الطاقة بالرياح، والمشروع المدمج الهيدروميكانيكي لنقل الفوسفات، ومركز تحلية المياه، وخط أنبوب لنقل الكهرباء بين تونس وإيطاليا بطول 240 كلم، ومشروع الطاقات المتجددة في الجنوب، ومشروع الطريق بين قابس ورأس الجدير المعبر الحدودي مع ليبيا، وكذلك العديد من المشاريع الجهوية، ومن بينها مشروع الميناء في النفيضة، ومشروع «التليفيريك» في زغوان، ومشروع تهيئة ملعب المنزه الأولمبي، ومشروع مستشفى الملك سلمان في القيروان، وهو مشروع من تمويل المملكة العربية السعودية، وكان قد تم الاتفاق عليه قبل نحو 8 سنوات ولم تنطلق أشغاله بعد.
وقد كشف مؤخرا الحبيب الدريدي، رئيس هيئة المتابعة والمراجعة في الصفقات العمومية برئاسة الحكومة، أن هناك 1000 مشروع عمومي معطّل. وأوضح أن المنشور عدد 27 لسنة 2024 يهدف إلى تسريع إنجاز هذه المشاريع ودفع الاستثمار عبر إصلاحات قانونية وترتيبية تعزز النمو والتنمية وتضمن حسن التصرف في المال العام.
واعلن انه تم إيجاد حلول لـ500 مشروع من خلال تخفيف الضمانات للمؤسسات، تقديم مراجعات استثنائية، تسريع خلاص المقاولين، والتفاوض مع الممولين لتوفير تسبقات مالية بنسبة 30%. وبالنسبة للمشاريع الممولة خارجياً، يجري العمل على تعديل نسب التمويل بالتعاون مع وزارة الاقتصاد.
وأشار إلى أن تأخر المشاريع يرجع إلى مشكلات مالية للشركات المتعاقدة، قضايا عقارية، وتراخيص بيئية، حيث يجري العمل على إصدار نصوص جديدة لحل هذه الإشكاليات. كما أكد استئناف العمل على مشاريع حيوية مثل السكك الحديدية بين تونس ومنوبة، المستشفى الجهوي بقفصة، ومستشفى الأغالبة بالقيروان، ومشروع «المظلية 2»، الذي توقف منذ 2017 رغم أهميته الاقتصادية.
غدا الاثنين وفي جلسة عامة مشتركة : قانون المالية والميزانية تحت مجهر المجلسين…
ينطلق يوم غد الاثنين الجزء الثاني من الجلسة العامة المشتركة لأعضاء مجلس نواب الشعب وأعضاء …