خبراء المرصد التونسي للاقتصاد يؤكدون : الضغط الجبائي يتحمله الأفراد.. والشركات لا تدفع نصيبها العادل من الضريبة
«سيبلغ الضغط الجبائي في تونس سنة 2025 نسبة 25 %، إلا ان توزيع الموارد الجبائية يشهد «عدم توازن مستمر» حيث تساهم الضريبة على الدخل والأداء على القيمة المضافة بأكثر من نصف الموارد الجبائية فيما لن تتجاوز مساهمة الضريبة على الشركات 13% من مجموع الموارد الجبائية سنة 2024» هذا ما أكده خبراء المرصد التونسي للاقتصاد في ندوة قدمها بالشراكة مع مركز علي بن غذاهم للعدالة الجبائية تحت عنوان «مشروع قانون المالية لسنة 2025: كيف نٌعيد توزيع العبء الجبائي؟» ، خصصها لقراءته للإصلاح الجبائي وتقديم اقتراحته قبل التصويت على مشروع قانون المالية.
وجاء في هذه الندوة ان نسبة الضغط الجبائي ارتفعت من 22.7 %سنة 2020 إلى 23.30 سنة 2021، ثم 24.70 %سنة 2023 وصولا إلى 25.10 %. كما أشار المرصد إلى أن 59 % من الموارد الجبائية متاتية من الاداءات غير المباشرة التي تعتبر مرجعية ولا تأخذ بعين الاعتبار دخل الأشخاص ووضعيتهم الاقتصادية. اما على مستوى العدادات المباشرة، فإن الضريبة على الدخل تساهم بـ 68.2 % منها مقابل 31.8 % فقط على الضريبة على الشركات وهي نسب ضعيفة جدا. ويعود تراجع مساهمة الضريبة على الشركات في مجموع الموارد الجبائية (مقابل أثقال كاهل الأشخاص) إلى سن تحفيزات للاستثمار (التخفيض في النسبة العامة الضريبة على الشركات من 30 % إلى 25 % سنة 2014 ثم إلى 15 % سنة 2021)، مثلا سنة 2014, كانت مساهمة الضريبة لكل منهما تقدر بـ22 % من مجموع الموارد الجبائية لكن سنة 2023, لم تتجاوز مساهمة الشركات نسبة 12.5 % مقابل مساهمة تفوق 28 %الضريبة على دخل الأشخاص. الامر الذي يؤكد محدودية مساهمة الضريبة على الشركات في مجموع الموارد الجبائية خاصة إذا تمت مقارناتها بدول أخرى. في سنة 2021 على سبيل المثال، ناهزت هذه النسبة في تونس 7 % مقابل 14.5 % بالمغرب و27 %بمصر و 18.7 %متوسط أفريقي.
وتكشف هذه الأرقام بوضوح «ان الضغط الجبائي في حقيقة الأمر يتحمله الأفراد، وأن الشركات لا تدفع نصيبها العادل من الضريبة بسبب التخفيض في هذه النسبة من أجل تحفيز الاستثمار رغم الكلفة المالية المسجلة.
وفي تحليلهم لمشروع قانون المالية لسنة 2025، أكد خبراء المرصد، ان مشروع قانون المالية لسنة 2025، الذي آثار جدلا واسعا منذ إيداعه بالبرلمان يوم 14 أكتوبر 2024 بسبب اعتماد خيارات ضريبية أكثر تصاعدية عبر الترفيع في نسب الضريبة على الشركات والأشخاص، يحمل بعض النقائص.
وفي هذا الصدد، اقترح المرصد التونسي للاقتصاد ضرورة اعتماد ضريبة تصاعدية مع تحديد نسب دنيا لجعل الشركات الكبرى تدفع نصيبها العادل من الضريبة مع الحفاظ على التوازنات المالية للشركات الصغرى والمتوسطة، غير ان التنقيح المقترح بالنسخة المعدلة من مشروع قانون المالية لسنة 2025 نص على تحديد نسب عامة للضريبة على دخل الشركات تقدر بـ20 %والمحافظة على زيادة هذه النسبة على البنوك والمؤسسات المالية والتأمين لتصل إلى 40 %، كما تم اقتراح نسبة ضريبة دنيا حسب نسب الضريبة المستوجبة. واعبتبر المتدخلون في هذه الندوة ان تراجع الحكومة عن اعتماد المنهج التصاعدي بناء على الارباح يعد خسارة للاقتصاد الوطني وأن نسبة 20 % تبقى «ضئيلة» مقارنة بنسب الضريبة العالمية ونسب ضعيفة للشركات الأكبر حجما التي تحقق الكثير من الأرباح كما أنها تظلم المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
اجمع المتدخلون في هذه الندوة على ان الإصلاحات الخاصة بالنظام الضريبي لا تخدم الاقتصاد التونسي بحكم ان النفقات الجبائية التي تتحملها الدولة جزء منها باسم امتيازات جبائية تتمتع بها المؤسسات تفوق 6 مليار دينار. الامر الذي يساهم بوضوح في انخرام النضام الجبائي بحكم انتفاع الشركات الكبرى بالعديد من الامتيازات تحد من مساهمتهم في تحقيق نظام جبائي عادل علي غرار المساهمة الفعلية لبعض البنوك بـ 4 % أو 5 % في حين انه نظريا نسبة الضريبة المطلقة عليهم تبلغ 35 % وبعض الشركات الكبرى مثل بولينا ودليس ولا تشارك الا بنسة تتراوح بين 0.5 % و1 %رغم ما تحققه من أرباح طائلة. الأمر الذي يفسر غياب العدالة الجبائية.
وبخصوص الإصلاحات الجبائية التي شملت الضريبة على الدخل الخاص بالأشخاص، أوضحوا ان هذه الاخيرة خلقت جدولا ضريبيا يتميز «بتصاعدية منقوصة» قائلين: «كان يوحد جدول ضريبي يحتوي على 18 شريحة ضريبة تصل فيه نسبة الضريبة الى 68 % قبل سنة 1986 وأصبح اليوم يوجد جدول ضريبي ذو 5 شرائح لا تتجاوز نسبة الضريبة فيه 40 % في استثناء لمساهمة أكثر عدالة من الأفراد الأكثر دخلا». وأوضحوا أن الجدل القائم حول تأثير الترفيع في الدخل على الاقتصاد التونسي» غير قائم من الصحة « لأنه يوجد %37.6 من 3 مليون شخص معنيون بالجدول الضريبي دخلهم أقل من 5000 دينار وهم غير معنيين بالترفيع وأن الأشخاص المعنيين بالتوقيع لن تتجاوز نسبتهم 1.6 % بمعنى ان أكثر من 98 % من التونسيين سينتفعون بالتغيرات التي وردت في الجدول الضريبي الخاص لقانون المالية لسنة 2025.
وخلال هذه الندوة، دعا المرصد التونسي للاقتصاد وبقية الناشطين والمنظمات المناصرة للعدالة الجبائية، إلى إصلاح جبائي يضمن المساهمة العادلة لكل الفاعلين الاقتصاديين في الموارد الجبائية، ويعزز الموارد الذاتية للدولة من أجل مزيد الاستثمار في الخدمات الاجتماعية والحد من الحاجة الى التداين». وقد انبثقت هذه الدعوة، وفق تحليلهم، من واقع سياسات جبائية متعاقبة عززت اختلال توزيع العبء الجبائي،جبائية سنة 2024.
هذا ويطالب خبراء المرصد التونسي للاقتصاد بضرورة تحقيق نظام جبائي أكثر تصاعدية تكون الضريبة فيه ألية لإعادة توزيع الثروة وتقليص الفوارق دون أن تٌحتكر وحدها لتحقيق الأهداف الاقتصادية الظرفية موضحين «حتى ان كانت مقترحات الإصلاح متناغمة مع منحى العدالة الجبائية، قد لا تبلغ غايتها لضعف حدتها وعدم قدرتها على جعل الأشخاص الأكثر ثراء والشركات الأكبر حجما يدفعون نصيبهم العادل من الضريبة.
بحلول سنة 2030 : الاقتصاد الأخضر سيوفر حوالي 12 الف موطن شغل
«تؤثر التغيرات المناخية على الاقتصاد التونسي بنسبة 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي. وتعد ال…